رئيس التحرير
عصام كامل

نصر فتحي اللوزي يكتب: يا عزيزي نحن في حاجة إلى عبور جديد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في مثل هذا اليوم من كل عام منذ 44 عاما... ينتابنى أحاسيس ومشاعر أحيانا تتعانق مع بعضها بالفخر والعزة والكرامة... وأحيانا ترسم وشما على قلبى حروفا تتشاجر مع بعضها البعض وتطلق آهات الحزن... فما بين عام 1967... عام الابتلاء بفقد جزء عزيز من جسد الأم المصرية... أرض سيناء... وعام الفخر واسترداد الكرامة المسلوبة في السادس من أكتوبر 1973 العاشر من شهر رمضان المعظم... ما بين العامين بذل الشباب (وأنا واحد منهم) كل الجهد المتوج بالعرق الذي عطر الأجساد صيفا وشتاء في سنوات التدريب لإعادة بناء جيش قوى... يؤمن كل فرد فيه بحب الوطن والذوبان انتماءا في ترابه... خضنا حرب الاستنزاف... حققنا نصرا مؤزرا في صباح كل يوم... تلقت أجسادنا إصابات (وأنا واحد منهم )... نزف الدم من أبدان الرجال ( وأنا واحد منهم ) ليكتب على أرض مصر الإصرار وصدق العزيمة على تحقيق النصر... وكان الشعار الذي حملناه في قلوبنا (النصر أو الشهادة)... كانت مصرنا الغالية تعلو كل الآمال فكانت العقول والقلوب تهتف في صمت (مصر أولا... مصر دائما... مصر أخيرا)... نعم كانت مصرنا هي الأمل... ومع أذان صلاة الظهر يوم السادس من أكتوبر 1973... تحركنا إلى حيث الأماكن المحددة لنا... وبعد سويعات قليلة... أحسادنا سابقت الزمن... وعبرنا إلى أرض الفيروز... استنشقنا تراب ورمل سيناء... وتحقق النصر... ( وما النصر إلا من عند الله)... عشنا أياما لم نرى خلالها إلا حب الوطن... ايمانا بقول الله تعالى (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفى صدور قوم مؤمنين) صدق الله العظيم... نعم استرد الشباب المصرى الكرامة المصرية والعربية ليس لمصر وحدها وإنما للعالم العربى أجمع... سطرنا بأرواح زملائى الذين استشهدوا ملحمة النصر المعطرة بدمائى ودماء زملائى على أرض الفيروز... سبقتنا أحلامنا إلى عهد جديد نرى فيه ثمار ما زرعناه... (وإذا بالرياح تأتى بما لا تشتهى السفن)... فسوس الفساد ينخر في عظام الاقتصاد المصرى... وتنتشر الرشوة والمحسوبية كانتشار النار في الهشيم... الغنى يزداد ثراء على حساب من يزدادون كل يوم فقرا... فاطلقوا عليهم على استحياء (محدودى الدخل) والحقيقة أنهم (منهوبو الدخل. مسروقو الدخل. موكوسو الدخل. محزونو الدخل) بفعل سوء تحقيق العدالة الاجتماعية... وتم إطلاق نداءات لم يسمعها إلا هؤلاء متعوسو الدخل فشدوا الحزام... تعلموا معنى التقشف سلوكيا رغم أنوفهم... وكان لا بد من ثورة إنقاذ للشعب المصرى فكانت ثورة 25 يناير 2011 ثم 30 يونيو 2013 التي قامت تصحيحا لثورة إنقاذ مصرنا الغالية من الضياع... لقد تنفسنا جميعا الصعداء... لقد تجدد الأمل فينا من جديد لعودة مصر إلى أحضان المصريين الشرفاء... وبدأت الحرب على الفساد التي تزامنت مع إقامة المشروعات القومية الكبرى بأموال مصرية... وعقول مصرية...وإياد مصرية... وإرادة مصرية... ونجح الشعب المصرى في عودة مصر الريادية إلى المحافل الدولية عربيا وأفريقيا وعالميا... واستعادت مكانتها التي افتقدتها عمدا على أيدي الجماعة المارقة... وكلهم إرهابيون مهما اختلفت الأسماء التي ينتسبون اليها... وفى خضم هذا المشوار انسلخ المصرى من القيم والأصول والمثل والمبادئ التي تربينا عليها منذ نعومة أظافرنا (إلا القليل منهم ومن رحم ربى)... فتحقق بسوء سلوكياته الانهيار وليس الانفلات... صرخنا... أين الشهامة المصرية... أين الأدب وحسن الخلق... أين حلاوة اللسان... أين حمرة الخجل... لقد انهار الإنسان المصرى... وكان من علامات الانهيار على سبيل المثال لا الحصر تناسى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من لم يوقر كبيرنا.. ويرحم صغيرنا)... تناسوا أن كبار السن المتبقين على قيد الحياة في المجتمع المصرى هم الذين أرسوا قواعد الأمن والأمان لكل من يصغرونهم سنا... تلك الفئة من كبار السن يعانون بل يحتل الحزن قلوبهم على معاناتهم مما يشاهدون ويسمعون من (عفن) الألسنة... ماتت سمات الشخصية المصرية على أعتاب (عدم الأدب)... فكان ولا بد من إعادة النظر في ضرورة إعادة بناء الإنسان المصرى أساس التنمية التي عادت بتعافى الاقتصاد المصرى... نعم الإنسان المصرى تحمل تكاليف الإصلاح الاقتصادى... عانى وما زال يعانى الكثير من الارتفاع الجنونى في الأسعار... أليس من الأولى أن يتم إعادة بناء الإنسان من جديد على أسس القيم والأصول والمثل والمبادئ المصرية والعربية الإنسانية من جديد؟؟؟... نحن في حاجة إلى عبور جديد... عبور من السكوت على الفساد بالتعاون مع الأجهزة الرقابية وفى مقدمتها الرقابة الإدارية الحصن الحصين وجيش الحفاظ على المكاسب المصرية في جميع الأنشطة... نحن في حاجة إلى عبور جديد من (عدم الأدب) إلى التحلى بكل عناصر (الأدب)... نحن في حاجة إلى عبور جديد بقانون يحمى (كبار السن) من سفالة بعض من تناسوا أنهم أصحاب فضل بل أفضال على كل من يصغرهم سنا ونحن لا نمن على مصرنا بما قدمناه وإنما نذكر من تناسوا أدوارنا وأين هم من رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر... نحن في حاجة إلى عبور جديد من (إطلاق التصريحات)... إلى تطابق (التنفيذ) مع ما تم التصريح به... فإذا انفصل السلوك عن الفكر والقول فتلك هي الطامة الكبرى... نحن في حاجة إلى العبور من (معاناة) الشعب المصرى المعيشية... إلى تحقيق الاحتياجات الإنسانية كما جاءت بسلم ماسلو... ولن نجهض حق القوات المسلحة في ذلك ببذل كل الجهد في الوقوف أمام ارتفاع الأسعار بمنافذ الجيش ونأمل المزيد... نحن في حاجة إلى عبور جديد من (موت الضمير) إلى إنعاش (صحوة الضمير) لتحيا مصر بروح أكتوبر 1973 الذي ما زال جيله يعيش بها زارعا الأمل في غد أفضل.

***
نصر فتحى اللوزى
محارب ومصاب بحرب الاستنزاف ومشارك في حرب أكتوبر.


الجريدة الرسمية