رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

القليوبية تشكو المتحدث باسم وزارة الصحة وعمه


منذ أن أسس محمد على دولة الموظفين بعد تولي حكم البلاد عام 1805، ولا أعلم لماذا يعتبره البعض مؤسس الدولة الحديثة، والمصريون يعتبرون الوظيفة في الجهاز الإداري للدولة «مغنم» ووجاهة اجتماعية، أما خدمة الوطن والمواطن فهي عبارات للاستهلاك في المناسبات الرسمية.


ويختلف البحث عن الوظيفة باختلاف الطبقة الوظيفية التي تنتمي إليها عائلة المواطن، فالأكابر يبحثون عن النفوذ بينما الصغار يبحثون عن مرتب بلا تعب، وهو ما خلق شبكة من العلاقات «الأسرية– الوظيفية»، خاصة في الوظائف القيادية.

والحديث عن دولة الموظفين وشبكة العلاقات «الأسرية– الوظيفية» ليس ترفا ولا تنظيرا، بل هو واقع مؤلم يعيشه البسطاء من عامة الشعب، الذين يُطالبون دائما بأداء ما عليهم من واجبات بينما تضيع حقوقهم في دوامة العلاقات السلطوية، التي تبتلع حقوق هؤلاء في العلاج والتعليم والسكن والعمل، بل وفي الطعام ذاته، وعلى رأسه رغيف الخبز.

ولا مبالغة إذا قلنا إن دولة الموظفين في مصر «تقتل» المصريين «حرفيًا»، إذ إن الرقابة على الموظفين في غالب الأحيان مجرد حبر على ورق، وكثيرا ما تحول شبكة العلاقات «الأسرية - الوظيفية» دون وجود رقابة حقيقية أو توقيع جزاء على المخطئ.

ما سبق ليس مقدمة«استهلالية» بل هي في صلب ما نتحدث عنه اليوم، فالذي يجهله كثيرون أن الدكتور خالد مجاهد المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، هو نجل شقيق المهندس مصطفى مجاهد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بالقليوبية، وكلاهما ينتمي لقرية تابعة لمركز القناطر الخيرية بالقليوبية.

إلى هنا والأمر لا غبار عليه من قريب أو بعيد، ولا شبهة في أن يوجد في أسرة واحدة شخصان مجتهدان يستطيعان الوصول إلى أعلى المناصب، ولا مانع من الحديث عن أن هذا الشبل من ذاك الأسد، وربما وصل الأمر إلى أن «العوازل بيحسدونا على نعمة ربنا»، إلى آخر ما يقال من حديث لا يرقى لمستوى الكبار.

إذن أين الأزمة ؟!.. الأزمة ببساطة أن مياه الشرب في القليوبية ملوثة، وتتوالى الشكاوى من مختلف مراكز وقرى المحافظة، وشركة المياه لا ترد على أحد، وإذا استجابت جاء رد رئيس الشركة مصطفى مجاهد إن تحليل عينات مياه الشرب أكدت سلامة المياه وصلاحيتها للاستخدام، وأنه لا صحة لوجود أي تلوث بها، وآخر هذه التصريحات ما قاله حول أزمة مياه الشرب في قرية ميت كنانة التابعة لمركز طوخ.

أما أكثر ردود مجاهد استفزازا فكان قوله أن العيب ليس في الشركة، ولكن الأزمة في الأهالي، لأنهم يمدون إلى منازلهم خطوط مياه غير مطابقة للمواصفات، مما يتسبب في تسرب الصرف الصحي إلى مياه الشرب، وعليه فـ«العيب في المواطن يا سيد، أما الشركة فسمعتها طاهرة، وشمعتها منورة».

ونسي رئيس الشركة أو تناسى أن هذا الأمر لو صح في منزل أو منزلين أو حتى في قرية ربما كان جائزا، ولكن لا يمكن أن يكون معمما في محافظة ممتدة من شمال القاهرة حتى جنوب الدقهلية، ومن الشرقية شرقا حتى الجيزة غربا، ولو صح هذا الأمر فما هو دور الشركة، أم أنها تكتفي بتشجيع «التوصيلة الحلوة»؟!

إذن فنحن أمام إشكالية معقدة فالأهالي يؤكدون أن المياه ملوثة، والشركة تؤكد أن المياه سليمة، ويحتاج الخصمان إلى جهة محايدة لتحسم الخلاف، وبالطبع هذه الجهة هي وزارة الصحة التي يتحدث باسمها نجل شقيق رئيس شركة المياه، فكيف للمواطن البسيط أن يثق في تقارير وزارة الصحة؟!

ومما يدعو إلى العجب أنه قبل تعيين خالد مجاهد، متحدثا رسميا باسم وزارة الصحة في أكتوبر 2015، كانت وزارة الصحة تسحب عينات من مياه الشرب في القليوبية وتحللها وتعلن نتائجها على الجميع كما حدث في مركز القناطر الخيرية في أواخر عام 2014، وأعلنت نتائجها ووقتها أكدت أن كل العينات ملوثة وأقلها تلوثا يحتوي على بكتيريا سبحية وقولونية، ونشرت النتائج عدد من الصحف والمواقع الإخبارية في أوائل عام 2015.

وهنا تتدافع الأسئلة إلى العقل السليم: ولعل أبرزها هو، هل توقفت وزارة الصحة عن سحب عينات من مياه الشرب؟ هل نتائج تحليل العينات تخضع للمحاباة؟ وليس بالضرورة أن يكون ذلك بتدخل مباشر من المتحدث باسم وزارة الصحة، ولكن ربما يخشى الموظفون القيام بعملهم لئلا يتعرضوا لغضب الكبار

القضية ليست سجالات كلامية بل لابد من موقف واضح لوزارة الصحة، وعلى رأسها خالد مجاهد، وقبله الوزير أحمد عماد راضي، من شكاوى الأهالي من تلوث مياه الشرب، وهي بالمناسبة كثيرة وتصم الآذان نظرا لعلو صوتها.

كذا وزارة السكان لابد أن تحاسب موظفيها، وأن تؤكد لهم أنه مهما علا شأنهم، فهم في خدمة المواطن البسيط وليست مهمتهم التشكيك في شكاوى البسطاء، لأنهم «غلابة وليس لهم ظهر».

وفي النهاية نذكر السادة المسئولين في وزارتي الصحة والإسكان، وفي محافظة القليوبية أن قرية البرادعة التابعة لمركز القناطر الخيرية اجتاحها وباء التيفود عام 2009، ما دفع الرئيس الأسبق حسني مبارك للتدخل شخصيا وتوفير مياه نظيفة لأهالي القرية، بل إنه كان دائما ما يسأل أحمد المغربي وزير الإسكان عن أحوال المياه في القرية.
Advertisements
الجريدة الرسمية