الثانوية العامة.. «مقبرة الوزراء»
في الصباح الباكر وفى يوم ليس بالعادي على الأسر المصرية سأشاهد مجموعات من الطلبة وأولياء الأمور يعلوا وجوههم بعض التعب والإرهاق يحملون مجموعة من الحقائب في أيديهم تحوي ضمنها الأكل والمشروبات ويتحركون في مجموعات إلى مقار لجان اليوم الأول من امتحان الثانوية العامة.
إن اتفقنا أن الثانوية العامة هي فعلا "مقبرة الوزراء" فهذا الكلام صحيح مليون بالمائة، لأن وزير التعليم أيًا كان وفى أي فترة هو المسئول الأول والأخير على وضع السياسات والأهداف وهو المسئول أيضًا على الطرق التي يتبعها الطلاب لتحقيق الهدف الذي وضعته مسبقا وزارته بل وقد حددت لهم الوسائل لتحقيقه أيضًا.
فمن مسئولية الوزير في البداية أن يكون ترتيب جدول الثانوية العامة فيما يخص المواد ترتيب منطقي للطلاب وقدراتهم العلمية، حيث من المنطقي أن يكون على شكل حزم كل حزمة مرتبطة يؤدى فيها الطلاب الامتحانات على التوالي مثل التاريخ والجغرافيا والمنطق والاقتصاد والجيولوجيا وهكذا في أيام متتالية أما الرياضيات والعلوم وامتحانات الحاسب وغيرها في حزمة أخرى وهذا سيسهل على الطلاب الانتقال في المذاكرة من مادة إلى مادة مرتبطة بكل سهولة.
أيضا من مسئولية الوزير أن يكون امتحان اللغات "الإنجليزية والعربية والفرنسية وغيرها" يقسم إلى قسمين "نظري وسمعي" وهذا سيظهر قدرات الطلاب الحقيقية ويحد بل ويصعب التحايل بالطرق المختلفة للغش الإلكتروني عند اذن، فان تقسيم الامتحان إلى نظري وعملي خاصة في مواد اللغات والمواد العملية سيساعدنا أيضا في اختبارات الطلاب في النطق الصحيح واستخدام مهارات اللغة ولا يعتمد فقط على الامتحان النظري الذي سيكون أسهل طريق للإجابة عليه هي الدروس الخصوصية والغش الإلكتروني، هنا يكون أول الطريق لمحاربة الغش الإلكتروني والدروس الخصوصية.
الطلاب في الامتحان في وجهة نظري ضحية وليسوا جناة كما نتصور أو يصورهم البعض من هنا وهناك، ونقوم ليل نهار بترهيبهم بالقوانين والقرارات والتهديد والوعيد إذا خالف نظام الامتحانات فبالفعل هم ضحية وليسوا جناة لأنهم يسعون لتنفيذ السياسات التعليمية الموضوعة مسبقا بالطريقة الوحيدة لتحقيق الهدف ألا وهى الدروس الخصوصية والغش الإلكتروني لذا فإن على الحكومة متمثلة في وزارة التربية والتعليم أن تفكر خارج الصندوق في ابتكار نموذج لأهداف جديدة لا تتحقق بالدروس الخصوصية أو الغش الإلكترونى ولا يكون هذا الطريق يؤدي إلى تحقيق هدفهم وبناءً عليه ستختفي هذه الظواهر دون الحاجة إلى قرارات أو تشريع أو عصا إلكترونية أو سجن أو غرامة أو خلافه من كر وفر بين الوزارة وكل من الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور.
فلن يتحقق هذا إلا بتطبيق مقترح "المواد المؤهلة" الذي كان من أهم برامج الخطة الاستراتيجية 2014/ 2030 في عهد الدكتور محمود أبوالنصر وزير التعليم الأسبق، والتي اعتمد المقترح على تقسيم الثانوية العامة إلى أربعة محاور كل محور يؤهل الطالب بالالتحاق بكليات معينة..
المحاور الأربعة هي: قطاع العلوم الأساسية والطبية الذي من خلاله يدرس الطالب أحياء وكيمياء.. وقطاع العلوم الهندسية والحاسبات ويدرس الطالب من خلاله الرياضيات والفيزياء.. وقطاع الآداب والفنون ويدرس الطالب من خلاله الفلسفة والاجتماع.. ثم المحور الأخير وهو إدارة الأعمال والقانون ويدرس الطالب من خلاله مهارات الاتصال والاقتصاد.
فضلا عن وجود "جذع مشترك"، حيث يدرس جميع الطلاب بالتعليم الثانوي العام والفني مقررات إجبارية أساسية (الجذع المشترك) وهي: التربية الدينية، اللغة العربية، اللغة الأجنبية الأولى، الرياضيات، الإحصاء، العلوم، الدراسات الاجتماعية، التربية القومية ومهارات التفكير والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات.
أما بالنسبة لمواد التربية التكنولوجية، أن المناهج التكنولوجية تقسم إلى ثلاثة مستويات هي مواد مجال وتكون مواد عامة تهدف لتعريف الطالب بأسس مجال الدراسة (صناعي، تجارى، زراعي) ويتم تدريسها أيضا لطلبة الثانوي العام التربية التكنولوجية أما المستوى الثاني فهو مواد شعبة: هي مواد موجهة لطلبة الشعبة الواحدة بما تؤهل الطالب للمعرفة الأساسية بتخصصات الشعب المختلفة والمستوى الثالث مواد تخصص: هي مواد تساعد الطالب على التعمق الرأسي في التخصص الدقيق الذي اختاره الطالب للدراسة.
صلاحية شهادة التعليم الثانوي وفقا للمقترح مدة خمس سنوات اعتبارا من تاريخ الحصول على الشهادة. أما بالنسبة لمدة الدراسة فوفقا للمقترح تبدأ الدراسة في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر لمدة 9 أشهر. علما بأن بهذا المقترح سيتم إلغاء نظام العلمي والأدبي.
وعند حساب المجموع الاعتباري للطالب عند الالتحاق بالجامعة فيتكون المجموع الاعتباري للطالب من شقين، الأول: عبارة عن مجموع درجاته في مواد الاختبار القومي بدون درجات التربية الدينية، والثاني درجات اختبار القدرات المؤهل للقطاع المراد الالتحاق بإحدى كلياته. ويحتسب مجموع الطالب عند الالتحاق بالجامعة على النحو التالي: مجموع الطالب = 70% (مجموع درجات مواد الاختبار القومي) + 30% (مجموع درجات اختبار القدرات).
في النهاية لا يسعني إلا أن أدعو لمصر بالخير، وأدعو لكل الطلاب في كل مكان بالتوفيق في امتحاناتهم وأن يكتب الله لى الحياة حتى أرى أن امتحان الثانوية العامة مثله مثل الابتدائية والإعدادية مع اختفاء كامل للدروس الخصوصية والاعتماد الكلي على المدارس الحكومية، وحتى أرى أيضًا نظام "open book" في الامتحانات المصرية على غرار الدول المتقدمة.
Tarek_yas64@yahoo.com