رئيس التحرير
عصام كامل

نظرة في مستقبل مصر


ما بين الواقع والأمل لا بد أن ننظر بصورة مدققة نظرة في مستقبل مصر، وأنا كمواطنة مصرية وكمحللة للواقع وللمشهد من جوانب مختلفة، وآملة أن تكون مصر بها تقدم نوعي في معظم المجالات. لا بُد أن ننظر الواقع المعاش وما يقابل مصر من تحديات على جميع الأصعدة سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو ثقافية أو تعليمية، ومن موقع النظرة والتحليل إزاء هذه التحديات لا بُد أن تكون هناك نظرة نحو الآفاق الجديدة من خلال مفهوم جديد للتنمية على معايير وأسس ورؤية ذات بعد استراتيجي، وربما تحقق بعض منها الآن في كثير من المشاريع المختلفة والتي سوف يكون عائدها ليس في اللحظة الآنية ولكن في المستقبل.


ولكن في سياق النظرة المستقبلية يجب أن نضع رؤية لتحقيق السلام الاجتماعي، وفي التعليم والثقافة واستعادة منظومة القيم الإنسانية التي ترتقى بالإنسان المصري، بالإضافة إلى جعل المجتمع مجتمع المعرفة الحقيقية، فمجتمع المعرفة بيئة خصبة لنمو الثقافة ومن ثم يصبح بيئة تربوية وثقافية وتعليمية يخرج منها المبتكر والمتميز والمبدع.

فإذا تم الاهتمام بالعلم أصبح لدينا مجتمع المستقبل، فالبحث العلمي ليس عملا نمطيًّا وإنما عملًا إبداعيًّا؛ ولذا يجب تأصيل فكرة أن البحث العلمي عمل إبداعيّ وأن يكون من الأولويات.

بل يجب أن نقف عند مفهوم التربية من أجل المستقبل وربط السياسة التربوية بالعلمية، فضلا عن المعالجة العلمية لمشكلات الواقع المعاش، فكل مشكلة وكل أزمة يجب النظر إليها نظرة علمية عقلية فنحن الآن في أشد الحاجة إلى هذه النظرة، لقد آن الآوان أن نودع الحلول المسكنة والمؤقتة وغير المنظمة وخاصة الحلول التي تستند على العاطفة وعدم الموضوعية والحلول التي تضع في اعتبارها المصالح الشخصية، فالإسلوب العلمي والمنهجي في التفكير هو بمثابة حل المشكلات الكائنة، سواء فكرية أو تعليمية أو اجتماعية أو اقتصادية، فالعلم عليه مسئولية كبيرة إذا أدركنا ذلك؛ فمهمته تغيير الأوضاع وهو التغيير الذي يطمح المواطن المصري إليه في وقتنا الحاضر.

بل مصر في أشد الحاجة إلى العلم والاستعانة بالمفكرين الذين لديهم رؤية حقيقية وواقعية، وقد لاحظت الفترة السابقة أن هناك إحدى الوزارات قد عقدت مؤتمرا لبعض علماء الخارج، وتابعت المؤتمر بشدة ووجدت بعض الأفكار المطروحة أفكارا قديمة، ولم يدرك القائمون على هذا المؤتمر - بكل ما كلف الدولة من أموال - أن الأولى بالاهتمام علماء ومفكرو الداخل؛ فتربة مصر مليئة وجامعات مصر بها أساتذة يملكون من المشاريع والأفكار البحثية المدروسة الكثير والكثير مما تحتاجه مصر الآن، ولا داعى للشو الإعلامي فمصر لا تتحمل في هذه الظروف الاقتصادية مثل ذلك؛ فالعمل الذي له ثمار هو الأهم ولنترك المكلمة بعيدا.

بالإضافة إلى أنه لا بد الربط بين العلم والتقدم التكنولوجي من جهة والأخلاق والسياسة من جهة أخرى؛ فيجب أن نتوقف عند مشكلات هامة تخص على سبيل المثال لا الحصر الانفجار السكاني وتأثيره على المجتمع بل يجب أن نتوقف عند قضية تأثير وسائل الإعلام والاتصال والنفوذ الهائل بما لها من تأثير سلبي على نفوس البشر، فهي ظاهرة اجتماعية خطيرة في حياة الإنسان، فضلًا عن مشكلة التلوث وتأثيرها على الإنسان، قضايا كثيرة تمثل تحديات كبيرة وقد ذكرتُ منها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، ولكن السؤال الأهم الذي أنهى به مقالي اليوم هل نستطيع بقدراتنا وإمكاناتنا الحالية في مصر الحبيبة أن نضع خريطة ذات رؤية للحاضر والمستقبل؟
الجريدة الرسمية