رفع سعر البنزين.. والفيلم المصري الهابط !
ما يحدث في بلدنا من حكوماتها على مدى العشرات من السنوات، صورة كربونية، لا تتغير، ولا يحاول أحد مجرد التعديل فيها، وللأسف الشديد ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن توارث الأخطاء وكأنها في الجين المصري، وكأننا ننفرد عن العالم كله بتلك الصفات الغريبة، تعلمنا أن الإنسان هو المخلوق الوحيد -المفروض- الذي له ذاكرة، ولكن تكرار الأخطاء يجعلني أتشكك في قدرات الذاكرة للمسئولين في مصرنا المحروسة، الذاكرة تعني إمكانية المراجعة والتذكر للماضي وأخذ العبر من التاريخ والهدف التعلم، لبناء حاضر ومستقبل أفضل.
مؤكد كتبت من قبل قصة المواطن الطيب الذي لاحظ موظف شباك التذاكر دخوله يوميا ولمدة تقترب من أسبوعين لمشاهدة نفس الفيلم، فسأله ذات مرة قائلا: يا أخي أراك يوميا تأتى لمشاهدة نفس الفيلم..هل يعجبك لهذه الدرجة؟ امتعض المواطن البسيط من السؤال، وما دخل موظف التذاكر بدخولى يوميا من عدمه؟ وتحت إلحاح موظف التذاكر أجاب المواطن الطيب قائلا: يا أخى.. بطل الفيلم كل يوم يسقط في حفرة في نهاية الفيلم! قال موظف الشباك: وماذا في ذلك!؟ أجاب المواطن الطيب: كيف.. وأنا أدخل اليوم التالى لأعرف هل تعلم شاهد الحفرة التي سقط فيها أم لا؟
في السبعينيات وبعد وضوح الرؤية للرئيس أنور السادات بغلق كل ما له علاقة بالاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية والاقتراب من أمريكا والغرب، الأمر الذى أزعج الكثير منا، بالإضافة إلى الحديث عن الشمولية والانغلاق أيام الرئيس جمال عبدالناصر، والتبشير بالانفتاح والخير القادم والرخاء، وفجأة وبلا أي مقدمات أعلن عن رفع أسعار العديد من السلع الأساسية، وقامت الدنيا ولم تقعد وكانت الانتفاضة الشعبية في 18و19يناير77، وألغى السادات القرارات ونزل الجيش القاهرة، وكان الخطأ الجسيم للحكومة يومها عدم خلق مناخ عام يقبل هذه الزيادة بصرف النظر عن صحة الزيادة من عدمها، والغريب أن بعض خبراء الاقتصاد يرجعون إلى قرار الإلغاء كان من أكبر الأخطاء ليست بسبب التراجع ولكن كان تنفيذه سينقذ الاقتصاد من كل السلبيات التي حدثت فيما بعد!
هل تعلمنا سياسة إصدار القرارات الاقتصادية الصعبة !؟
في فترة الحكم الأخيرة للرئيس الأسبق حسنى مبارك فاجأ الشعب بزيادة المرتبات بنسبة 30%، وكان القرار رائعا وملء الصدور أملا في تغيير الأمور، ولكن في نفس الأسبوع تم رفع سعر البنزين والسولار بنفس النسبة، بدعوى ارتفاع أسعار البترول عالميا، وهنا قال المواطن البسيط: يا فرحة ما تمت.. خدها الغراب وطار! وأذكر هناك أنني كنت عضوا بالمجلس القومى للشباب برئاسة د.محمد صفى الدين خربوش، ودار نقاش هذا الأمر، وكنت طرحته على أساس أن صاحب القرار ضد حسنى مبارك وليس معه، ووافق معظم الحاضرين على جريمة قرار الزيادة في أسعار البنزين والسولار وأنه ضد الدولة المصرية، للأسف هذا دليل على عدم قراءة تاريخنا القريب للتعلم منه، الحالة الثالثة ما يحدث هذه الأيام من تضارب في القرارات والأهم قرار رفع أسعار البنزين والسولار.. إلخ
هذا القرار يؤكد أننا لا نتعلم مثل المواطن البسيط الذي يشاهد فيلم كل يوم عسى يرى الحفرة التي سقط فيها من قبل، هناك فرق بين السياسة والبلطجة، بين السياسة وسواقة الهبل على الشيطنة، أننى في كل ما ذكرته لم أناقش مدى جدوى جميع القرارات وهل هي صحيحه أم لا؟ هل حقا مفيدة للتنمية والشعب أم لا!؟ ولكن أناقش كيفية اتخاذ قرار يتم الإعداد له ويهيئ الشعب على تحمله، ارتفاع سعر البنزين والسولار سيرفع أسعار كل شىء، أولها المواصلات التي يركبها الملايين يوميا، ويخرج علينا بعض البكوات يدعون هذا سيمنع وصول الدعم للأغنياء! الغنى لا يركب الميكوباص أو توك توك أو تاكسي.. بالتالي سيدفع المواطن البسيط الثمن باهظا!
فلتكن القرارات ضرورية، إذن لابد من اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب.. ولكن للأسف الشديد يبدو أننا لا نتعلم من تاريخنا ونشاهد الفيلم المعاد على أمل ألا يسقط البطل.. وللأسف يسقط كل يوم!
ملاحظة: لم أذكر أي شىء عن دعوة التظاهر 11-11، ولا الإخوان، ولا استغلال العملاء!
