«طَيْفُ بِشَارَةٍ» قصيدة للشاعر عمرو محسن
1.غَرِّدْ بِأَوْجَاعِ الْهَوَى الْمُتَبَتِّلِ
وَانْثُرْ رُفَاتِكَ فِي خَوَاءِ الْمَنْزِلِ
2.يَا نَفْسُ، وَالْأَوْهَامُ دَأْبُكِ كُلَّمَا
عَزَّ اللِّقَاءُ، وَصَارَ حُزْنُكِ مَحْمِلِي
3. شَرَّقْتُ مَرْمَى الْأَرْضِ فَاجْتَاحَ الْأَسَى
رُوحِي، وَغَرَّبَ فِي هَوَايَ الْمُثْقَلِ
4.وَعَزَفْتُ لَحْنَ الصَّمْتِ بِالنَّايِ الْمُحَـ
طَّمِ فِي الضُّلُوعِ عَلِى الْحَنِينِ الْأَوَّلِ
5. وَمَدَدْتُ صَفْوَ تَحِيَّتِي بِسَجِيَّةٍ
بَيْضَاءَ، خَالَطَهَا شَرِيفُ تَأَصُّلِي
6. بَيْنَ الدِّيَارِ وَوَقْعِهَا، حَتَّى هَوَى
بِالشَّمْسِ أَحْمَالُ الصَّبِيِّ الْأَعْزَلِ
7. وَوَجَدْتُ سَمْرَاءَ الْحِسَانِ، تُحِيطُ بِي
نَظَرَاتُهَا، تَرْنُو بِعَيْنِ تَفَضُّلِ
8. ثَكْلَى، تُكَتِّمُ نَارَهَا وَأَنِينَهَا
وَالدَّمْعُ يَغْلِبُهَا وَلَمْ يَتَنَزَّلِ
9. نَادَيْتُهَا، فَاسْتَقْبَلَتْ جُرْحِي الَّذِي
أَوْدَى بِخَالِصِ صَبْرِهَا الْمُتَجَمِّلِ
10. بِاللهِ يَا سَمْرَاءُ: دَمْعِي غَائِرٌ
زَلْزَلْتُ أَوْجَاعِي فَلَمْ تَتَزَلْزَلِ
11. وَمَضَيْتُ أَكْتُبُ فِي الْحَوَاضِرِ وَالْبَوَا
دِي قِصَّةً، بِدَمِ الْيَرَاعِالْمُسْبَلِ
12. يَا قَلْبُ: كَمْ أَلْقَى الشِّكَايَةَ نَائِحٌ
وَالصَّمْتُ أَبْلَغُ مِنْ حَدِيثٍ مُرْسَلِ
13. أَسْتَقْبِلُ الْأَحْزَانَ دُونَ تَوَقُّفٍ
عَنِّي، تُغَالِبُنِي وَلَمْ تَتَمَهَّلِ
14. يَا شِعْرُ: آهٍ، كَمْ سَبَتْنِيَ عُزْلَتِي
حَتَّى اسْتَبَدَّتْ بِالْفُؤَادِ الْمُهْمَلِ
15. مَرَّتْ بِأَحْلَامِي خَيَالَاتُ الْمُنَى
سَهْوًا، فَرَاحَ لَهَا بَعِيدُ مُؤَمَّلِي
16.تَمْضِي بِآلَامِي، فَتَسْكُنُ تَارَةً
وَتَئِنُّ عَشْرًا فِي قَرَارَةِ مَقْتَلِي
17. صَبَّ الزَّمَانُ عَلَيَّ كَأْسَ هَوَانِه
يُلْقِي بِنَشْوَتِه شَرَابَ الْحَنْظَلِ
18. وَرَأَيْتُ أُمِّيَ فِي مَنَازِلِ فَرْحِهَا
تَتْلُو أَمَانَ اللهِ عَذْبَ مُرَتَّلِ
19. وَتَقُولُ: إِنْ كَانَ الْأَسَى بِكَ قَائِمَا
فَاجْعَلْهُ فِي عَيْنَيْكَ ضَيْفًا يَخْجَلِ
20. أَوَّاهُ يَا نَجْمَ السَّمَا، مُتَلَأْلِأً
تَبْدُوـ وَفِيكَ النَّارُـ لَمْ تَتَبَدَّلِ
21. تَتْرَى أَمَانِيُّ الْفُؤَادِ نَبِيلَةٌ
كَرُؤَاكَ، تَحْمِلُنِي وَلَمْ تَتَمَلْمَلِ
22. تَسْرِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَنِينِ إِلَى الْحَنِيـ
نِ مَقَاصِدِي فَيْضًا، كَأَنَّكَ مَوْئِلِي
23. تَرْجُو ـ وَحَقِّ اللهِ ـ طَيْفَ بِشَارَةٍ
تَدْنُو، يُخَايِلُهَا زَمَانُ تَدَلُّلِ
24. وَأَنَا الْمُقَبِّلُ رَأْسَهَا، وَمُقَدِّمٌ
قَلْبِي لَهَا، حُرًّا كَرِيمَ الْمَحْفَلِ
25. فَعَلَى دُرُوبِ الْفَرْحِ سَارَتْ غَايَتِي
صَبْرًا، يُؤَازِرُهَا يَقِينُ تَوَكُّلِي
26. يَا عَيْنُ لَا تَبْكِي وَلَا تَسْتَسْلِمِي
مَا عَادَ فِي دَمْعِي خَلَاصُ تَحَمُّلِي
27. سَلَكَ الْأَمَانَ وَطَافَ مِلْءَ شِعَابِهِ
قَلْبٌ، أَحَاطَ بِهِ رَبِيعُ تَهَلُّلِي
28.يَا أَيُّهَا الشَّوْقُ الْمُسَافِرُ فِي عَبِيـ
رِ رِيَاحِهَا: قَدِّمْ هَوَاكَ، وَأَقْبِلِ
29. وَاسْدِلْ سِتَارَكَ فِي الْحَنَايَا بَاسِطًا
كَفَّيْكَ بِالْحُبِّ الْمُؤَلَّهِ مِنْ عَلِ
30. وَامْنَحْ رَيَاحِينَ الْمَدَى أَنْسَامَهَا
وَامْدُدْ ثَنَايَاكَ اللِّطَافَ وَأَجْزِلِ