رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة مركب الهجرة تتجاوز الغرقى


كنت أتمنى أن أكتب عن ذكرى هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أو ذكرى انتصار السادس من أكتوبر، ولكن لا يزال توابع غرق مايقرب من مائتى من شبابنا توجع القلب، الغريب يقيم الدنيا ولا يقعد من أجل موت مواطن واحد، والدليل إيطاليا وما حدث من توتر في العلاقات مع مصر والسبب مقتل الجاسوس ريجينى -كما أتصور- ونحن فقدنا ما يقرب من المئتين والمجتمع غارق في البلادة والهوس الإعلامي..


فالنخبة المثقفة ماذا فعلت غير النواح والسب والقذف في البلد الطاردة لشبابها، وأقصى شيء أقيمت ندوة هزيلة لم يحضرها غير منظميها في المجلس الأعلى، لم يذهب مثقف واحد أو إعلامي كبير واحد لموقع الكارثة، حتى الحكومة المبجلة لم تتحرك بالشكل الذي يعطى ثقة للمواطن في أن له حكومة تخاف عليه، ومعه وقت الشدة، ليس كل ما دفعنى للكتابة مرة ثانية عن كارثة الفقد من شبابنا، مجموعة من الصور التي رسمها الشباب الناجى من هذه الكارثة، أحد هؤلاء وعمره لايتجاوز 17سنة يشرح كيف فشل في الهروب 4 مرات، وأنه سيعيد المحاولة للمرة الخامسة وليس مهما أن يموت فليس هناك ما يبكي عليه، بالرغم أن هذا الشاب فقد شقيقه في هذه الرحلة الكارثة...!

وأيضا الأب الذي فقد أربعة من أولاده مرة واحدة في هذه الكارثة، يشرح محاولاته لمنع الأبناء من السفر أو على الأقل يسافر واحد ثم الآخر، ولكن الأبناء لم يرضخوا لطلب الوالد، الابن الأكبر 22 سنة، اللهم اعطى هذا الرجل الصبر والجلد لتحمل فقدانه أربعة من أولاده دفعة واحدة، المفاجأة اكتشاف أطفال بين الغرقى أعمارهم أربعة وخمسة ، أما الملمح الأخير الذي يرويه أحد الناجين عمره 17سنة فيقول: بعد انتهاء امتحانات الإعدادية العام الماضى، اجتمعنا أكثر من ثلاثين من القرية وقررنا جميعا الهجرة بالطريقة التي هاجر كثيرون بها من بلدنا!

صديقى القارىء ماهو رأيك؟ نحن أمام ظاهرة لو تفشت يمكن أن تهدد المجتمع كله، الحالة التي نحن أمامها أبطالها هم بالفعل أطفال، غير محملين بأعباء مهما ندعى أن الظروف ضاغطة، القضية أننا منفصلون عن هؤلاء تماما، الدولة غائبة بخدماتها ورعايتها، الدولة غائبة من تعليم فاشل لايعطى أي تحفيز لهؤلاء للعلم والتعليم، الدولة فاشلة بوزارة شباب لا هم لها سوى الاهتمام بكرة القدم والملاعب التي ستلعب عليها مباريات الدوري الأفشل..

الدولة فاشلة لأن وزارة الثقافة تحصر نشاطها الاحتفالى في مساحة لاتزيد عن مساحة ملعب كرة القدم، الدولة غائبة تماما عن هؤلاء، وأين المجتمع المدنى الذي يصدعنا لمجرد القبض على أحدهم ممن تراهم يتشدقون بحقوق الإنسان، وكأن حقوق الإنسان يجب أن تكون للمجرمين والمتهمين فقط، ولكن لا حقوق لهؤلاء الذين لم يجدوا أحدا يتكلم معهم، وطبعا الإعلام لايهمه إلا التهليل أو مايصدق أن يجد مصيبة وهات يا لطم، أما المشكلات الحقيقية فلا يقدمها بشكل جاد لإيجاد حلول أو تقديم حلول..

أما البيت والأسرة فهى غائبة تماما وليس لها أي دور للأسف فقدت السيطرة على أولادها الذين نرى أنهم لايزالوا في سن الطفولة والصبا، إذا هؤلاء مؤكد ضحايا وأيضا مذنبين، وكما روى البعض أن من أهم أسباب الهروب بالهجرة هو نجاح تجارب أمامهم، وبالتالى يضعف الصغار ويكون همهم جمع المال بأسرع وقت ممكن! أما الأب الذي اصطحب أسرته بعد إقناع السمسار له بأنه هو الطريق الوحيد لإقناع الدولة التي سيدخلونها أنهم لاجئون، وضاعت الأسرة، ولكن هل ننتبه كدولة في التربية والتعليم والثقافة والشباب وكمجتمع مدنى وكإعلام أن هؤلاء ضحايانا وضحايا جهلهم وأيضا تسرعهم أو طمعهم!

هل ننتبه قبل استشراء الكارثة أكثر وأكثر!؟

الموضوع التي وددت الإشارة هو محاولة اغتيال النائب العام المساعد ليلة الجمعة، عندما شاهدت الصور التي نشرتها تنظيم الإخوان الإجرامى، وممثلها المسمى "حسم" لاحظت أنه تم اختراق الإجراءات الأمنية بسهولة قبل الحادث، الصور إحداها تم تصوير السيارة من الخلف وواضح قرب المسافة، وهذا يعنى لو أنهم فكروا في ضرب السيارة كان أمرا سهلا وميسورا، ولكن أراد الله إفشالهم فكان التفكير فقط في تفجير السيارة أمام بيته.. كيف يحدث هذا ؟ الصور ضمت صور للبيت وواضح فيها تماما أماكن الحراسة وهذا يسهل التعامل معها!!

الحمد لله ربنا سلم، والخسائر قليلة.. ولكن أتمنى ألا تتكرر حادثة النائب العام الشهيد هشام بركات التي كان الخطأ الأمني واضحا فيها لكل عين! وتحيا مصر بعناية السماء..وأهلها الطيبين ملح الأرض..!
الجريدة الرسمية