رئيس التحرير
عصام كامل

أتريب المدينة الأثرية "المنسية" فى ذاكرة التاريخ تحولت إلى مأوى للبلطجية وقطاع الطرق.. والنظام السابق أهداها للأمراء العرب.. تضم حمامات المنتديات والتابوت الأثرى "بف ثيو آمون"

أتريب المدينة الأثرية
أتريب المدينة الأثرية - صورة أرشيفية

أتريب هى تلك الجزء الصغير من مدينة بنها بمحافظة القليوبية التى لا يعرفها من غير قاطنيها إلا القليل ومعظمهم من علماء الآثار، إذ إن مدينة أتريب تعد واحدة من أهم مدن مصر الفرعونية وبقى جزء من ملامح هذه الحضارة العظيمة مما قدر له أن يتحدى الزمن، ويبدو أن سكان أتريب التحموا مع مدينتهم وشاركوا مع آثارها. هذه القدرة على تحدى الزمن والظروف، ليس بسطوة أو قوة مال وإنما بابتسامة راضية وروح أبية وطبيعة لا تطلب إلا أن تترك لتعيش بسلام، "فيتو" تجولت فى المدينة المهملة بعد أن حولتها الأبراج العالية التى تناطح السحاب إلى حارات ضيقة تطل عليها أشعة الشمس بالكاد.


اختلفت آراء سكان أتريب حول رؤيتهم لمدينتهم الصغيرة والمشكلات التى تعانيها هى لم تختلف كثيرا عن المشكلات التى تعانيها معظم قرى مصر.

قالت منى عبدالخالق أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها ومن ساكنى المنطقة إن المدينة تغيرت ملامحها كثيرا عما مضى فقد كانت فى الماضى مجرد منطقة ريفية لا تتواجد فيها أية مرافق، تحولت مع تطور الحياة إلى مكان إجرامى بعدما تتحول شوارعها ليلا لأماكن سطو وبلطجة وتجارة مخدرات وتحرش جنسى.

وأضافت أن المدينة سياحية من الدرجة الأولى وهى المكان السياحى الأثرى الوحيد فى القليوبية بعد منطقة القناطر الخيرية، وشهدت مؤخرا سطوا على أراضيها، حيث زادت الأبراج السكنية ومنعت وصول أشعة الشمس إلى شوارعها، كما أن الضغط الهائل على محطة الصرف فى أتريب يؤدى دائما إلى غرق المدينة بالصرف الصحى كما ترتفع أكوام القمامة الملقاة على الأرض فى الشوارع وبجوار العمارات مما أدى إلى انتشار الأمراض بين السكان.

وأشارت إلى أنه على مدار العقود الماضية من حكم مبارك تنازلت حاشيته عن أملاك الشعب المصرى لأمراء عرب وهذا ما حدث بالضبط عندما تنازلت الحكومات السابقة عن آثار القليوبية والتعمد فى إخفاء هذه المناطق وإتلافها حتى لا تصوب أنظار هذا الشعب المقهور ناحية هذه المناطق الأثرية.

وأهم هذه المناطق الموجودة فى القليوبية من العصر الفرعونى منطقة تل اليهودية والمنطقة الشمالية لمدينة بنها ومنطقة تل أتريب الموجودة فى منتصف عاصمة القليوبية (بنها).

الأثرى جمال شاكر هارون أحد الذين اكتشفوا التعمد الواقع فى إهدار هذه الثروة الأثرية عندما باعت المحافظة المنطقة الأثرية القريبة من منطقة الشبان المسلمين لصالح أحد الأمراء السعوديين، ويحكى هارون أن الإدارات المحلية المتعاقبة لمحافظة القليوبية تعمدت إهمال هذه المناطق الأثرية والحيوية وإتلافها حتى لا تحمل لها أى هم، وحتى تتيح لنفسها فرصة بيعها بطريقة أو بأخرى لبعض أصحاب المحسوبيات.

وعرض هارون خريطة سرية لكل آثار بنها وجهها من خلال "فيتو" إلى وزارة الآثار للتنقيب عن هذه الآثار واستغلالها كمناطق أثرية تعامل كباقى المناطق الأثرية الموجودة فى مصر .

ويحكى هارون أنه فى عام 1909 وبمحض الصدفة تم اكتشاف 3500 عملة برنزية داخل جدار من اللبن بمبنى قديم فى هذه المنطقة، وعلى إثر ذلك قام الأثرى أنجلياك فى عام 1910  بدراسات بين من خلالها أن منطقة أتريب منطقة أثرية تحمل آلاف القطع الأثرية وقسم مدينة أتريب إلى 20 تلا وتمتد لمساحة 200 فدان.

ومدينة بنها الحالية قامت على الجزء الغربى من أتريب القديمة التى اختفت على مر الزمن تحت الزراعات والمنشآت البنائية الحديثة ولم يتبق من أتريب الأثرية سوى أجزاء يسيرة ترتفع عن الأرض على شكل تلال يطلق عليها مجازا (تل أتريب) حاليا من الناحية الشرقية من مدينة بنها ومن أهم المواقع الأثرية بها حمامات أتريب الأثرية وهى حمامات شبه متكاملة وكانت تستخدم كمنتديات تجمع الأهالى وقت الظهيرة للمناقشة ومن أهم مكونات الحمام صالة الاستقبال وخلف الملابس وصالة الألعاب كما توجد حجرات تسخين المياه ومواسير لتصريف المياه الباردة والساخنة وقد بنيت الحمامات بالطوب الأحمر المكسو بطبقات من الجير والرمل والحمرة وقد تعرضت الحمامات للعوامل الجوية من رياح وأمطار وتغير فى درجات الحرارة مما أثر كثيرا على أجزائها.

كما أن بها التابوت الأثرى (بف ثيو آمون) وهو تابوت من الحجر الجيرى وجد بشارع فريد ندا بأتريب ببنها وهو موجود فى مكانه وفى حالة جيدة ويحمل التابوت من جميع جوانبه شريطا من الكتابة الهيروغليفية التى تلف معظمها بسبب الأحوال الجوية والتابوت يحمل اسم (بف ثيو آمون) ويدعى أيضا (تا أم حر آمون) وهو المشرف على الحريم الملكى ورئيس الخزانين.



الجريدة الرسمية