رئيس التحرير
عصام كامل

طعام وشرب أهل النار وفتنة ملائكة العذاب

فيتو

يتنوع عذاب النار بحسب تنوع دركاتها وحسب آثام أهلها، فقال تعالى: "بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" البقرة 81.


وقال تعالي: "لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ" الأعراف 41، ففراشهم نار ولحافهم نار وقد أحيطوا بالنيران من كل مكان وكبلوا بالسلاسل والأغلال وسقوا ماء فقطع أمعاءهم.

وقال العلماء إن المعذبين يختلفون يوم القيامة في العذاب كل حسب ذنبه وزلته، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته" وفي رواية إلى "عنقه" رواه مسلم.

صب الحميم
ومن عذاب جهنم صب الحميم فوق رءوس أهلها فقال تعالى: "هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ*يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ"، وحينما يصب فوقهم ذلك الحميم الشديد الحرارة تتقطع جلودهم وتذوب وتتمزق أحشاء بطونهم وتصهر، ثم يحيون بعد ذوبانهم فيعادون للعذاب الشديد، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الحميم ليصب على رءوسهم فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه، حتى يمرق من قديمه، وهو الصهر، ثم يعود كما كان"،أخرجه الترمذي وقال حسن غريب صحيح.

طعام الغسلين
أما طعام أهل النار، حسبما ذكر العلماء، فإن أهل النار يصيبهم الجوع والعطش فيطعمهم الله طعامًا يزيدهم عذابًا، مما يجدونه من الألم والحر في بطونهم بعد أكله فلا هم يذهبون حرارة الجوع بذلك الطعام، ولا هم يهنؤون، قال تعالى: "لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ*لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ" الغاشية 6-7. والضريع نوع من الشوك المر النتن، لا ينفع آكله ولا يشبعه ويعرف عند العرب بالشربق.

وكل طعام يأكله أهل النار يجمع عليهم مرارة الطعام وغصته كما قال تعالى: "إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيما* وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيما" المزمل 12-13. والغصة هي التي يعلق بها الطعام في الحلق، فلا يسهل عليه دخوله إلى الجوف ولا يسهل خروجه عنه للتخلص منه.

ويقول العلماء إن من طعام أهل النار صديد الأبدان والقيح، فمن شدة جوعهم وفقدهم للطعام يلتفتون إلى صديدهم فيطعمون منه ولا يستسيغونه، قال تعالى: "وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ" الحاقة 36.

شراب الحميم
أما شراب أهل النار فإنه الحميم الشديد الحرارة، يشربونه من شدة العطش وهم يعلمون حرارته وحميمه فيقطع أمعاءهم وأحشاءهم، قال تعالى: "وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقا" الكهف 28-29، وقال تعالى: "وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ" محمد 15، وقال تعالى: "أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون" الأنعام 70.

19 ملاكا
أما خزنة النار فقال فيهم الله تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون" التحريم6، فقد وصف خزنة النار بالغلظة والشدة لمناسبة هاتين الصفتين لأهل العذاب، فهم غلاظ على الكفار شداد عليهم، لا يغلبون ولا يقهرون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقد جعل الله عدتهم فتنة للمنافقين والكفار فقال تعالي "سَأُصْلِيهِ سَقَرَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ* لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَر* عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ" المدثر26-30.

وذكر العلماء أن المنافقين افتتنوا بذلك فظنوا أنهم قادرون على هذا العدد القليل، فكانت الآية التالية "وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا" المدثر31.

أما هيئة أهل النار فيذكرها العلماء بأنها عظيمة هائلة، جسد الواحد منهم مثل عدد من الجبال الكبيرة الشاهقة، فكلما تضخم جسمهم كلما قوي العذاب من جنباتهم، فأجسادهم نوع من العذاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع" رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "ضرس الكافر، أو ناب الكافر، مثل جبل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث" راه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعًا، وعضده مثل البيضاء، وفخذه مثل ورقان، ومقعده من النار ما بيني وبين الربذه" جاء في كتاب السلسلة الصحيحة.
الجريدة الرسمية