خلود سيد تكتب: «جوع الروح»
مؤخرًا لم أعد أستطع التخلص من ذلك الشعور.. كل الأشياء ناقصة وغير مكتملة، لا شىء يستطيع منحي ما أريد وما أحتاجه حقًا.
تجلس على مائدة الطعام بعد أن أنهكك الجوع أمام طعام لا تفضله; تأكل حتى تمتلئ معدتك ولكنك تشعر بأن روحك لا تزال جائعة ومنهكة.. كل ما في حياتي صار شبيهًا بذلك، لم يستطع الحب منحي ما أريد فتخليت عنه.. ولكن لابد وأن تتخطى الأمر يومًا فالحياة تستمر دائمًا ولكن ذلك الفراغ البائس بروحك يظل يؤرقك.. كل اللقاءات الناقصة، الأحضان الباردة، المكالمات البائسة التي لا تطفئ الشوق بل تزيد حدته، والمحادثات المليئة بتعبيرات الوجوه الصفراء التي لا تغني عن ابتسامة صادقة ونظرة عين تملؤها بضع دهشة أو حزن صامت أو اعتراف حب.. كل ذلك لا يزيد النقصان إلا نقصان، ثغرات جديدة بالروح التي لم يعد بها موضع.. ثقب أسود بصورة إنسان يمضئ الحياة في سكون.
هل احتضنت طفلًا يومًا وشعرت أن ذلك ليس كافيًا ابدًا ؟
هل التقيت صديقًا تحبه ولم يمنحك الوقت فرصةً لتمتلئ من وجوده ؟
هل أحببت يومًا لدرجة التوهج فأطفأك الاعتياد فصرت تمضى بين البشر مظلمًا ؟
هل احتضنت شخصًا يقتلك الشوق نحوه وشعرت أن البرد يحتضنك بدلا منه فمت شوقً وحزنًا؟
كل ذلك لابد إنه ترك روحك جائعة، ويملؤها الفراغات.
أعلم أنني أبحث عن وهم الكمال في صحراء النقص فلا شىء إلا السراب.. لابد أن تخبر نفسك كل يوم أن اتنتظار الكمال وهم كبير، النهايات السعيدة مزيفة، المشاعر الحقيقية يتخللها الفتور دائما وأبدا.. والحياة لن تمنحك الكثير مهما انتظرت.
أتساءل لم خدعتنا القراءة إلى ذلك الحد ؟ فارتفع سقف توقعنا حدود السماء ! ولم خذلنا الواقع لهذه الدرجة، كان لابد أن نكذب حكايات الطفولة التي انتهت جميعها بالسعادة.. ونصدق أن بائعة الكبريت الصغيرة لم تغفو، بل ماتت بردًا وحزنًا.
