الأسباب الحقيقية لسفر«تواضروس» للقدس.. وصية المطران الراحل ألزمت «البطريرك» على كسر القاعدة.. «الصداقة ورد الجميل» تستجوب إقامته صلاة الجنازة على «أبراهام».. وأ
«وصية مفاجئة دفعت البابا تواضروس لكسر القاعدة وزيارة القدس المحتلة».. هكذا يمكن أن يوصف المشهد عقب حالة الجدل الواسعة التي أثارها الكثيرون بعد زيارة البابا تواضروس مدينة السلام، للصلاة على جثمان «أبراهام» مطران القدس والكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى.
عرف كنسي
وهناك عُرف الكنسي متبع، يقضى بأنه لايصح أن يُصلي "قس أو قمص أو راهب" على أسقف، أكبر منه من حيث الرتبة الكنيسة، كذلك لا يصح أن يصلي "أسقف" على مطران، وكان يعتزم البطريرك إيفاد عدد من المطارنة للصلاة على جثمان الراحل، لكن 3 أمور غيروا المسار، وفتحوا باب الجدل، وحسمها البابا بذهابه للقدس ولو بتأشيرة إسرائيلية.
قيادة الكنيسة
كما يولى مطران الشرق الأدنى إليه قيادة الكنيسة القبطية بنحو 10 دول مع القدس والأماكن المقدس في فلسطين، مما تعطى مكان الرجل الثانى بالكنيسة لمن يتولى هذه المهمه، مما يجعل الرتبة الكنسية الأعلى منه هو بابا وبطريرك الأقباط الأرثوذكس ذلك من ناحية تحتم على "تواضروس" ترأس صلاة الجناز.
وصية الراحل
بعدما أعلن البابا خلال عظتة بمطرانية شبرا الخيمة إيفاد وفد كنسي للصلاة علية ظهرت المفاجئة الكبرى، وهى وصية المطران الراحل أبراهام بالصلاة على جثمانه ودفنه بأراضي القدس، مما غير الأمور 360 درجة، ويبقي الجانب الإنساني هو مكانة الراحل في قلب البطريرك، لاعتباره أول من تتلمذ على أيديهم بدير الأنبا بيشوى حينما كان طالبًا للرهبنة.
وتأتي الزيارة في ظل كثرة دعوات الرئيس أبو مازن وغيره للبطريرك لزيارة القدس، وأخرها حينما قال أبو مازن لـ" البابا":" إن زيارتكم للقدس للسجين وليس السجان"، وذلك بعد تكرار البابا التاكيد على موقف الكنيسة تجاة القضية الفلسطينية واضحًا منذ البداية.
وقف سفر الأقباط
وتعود أبعاد قرار لوقف سفر الأقباط للقدس والمقدسات الدينية بفلسطين المحتلة إلى جلسة مجمع أساقفة الكنيسة القبطية في 26 مارس عام 1980، والذي جاء نصه:«قرر المجمع المقدس، عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس هذا العام، في موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، وذلك لحين استعاده الكنيسة رسميًا لدير السلطان، ويسري هذا القرار تلقائيًا طالما أن الدير لم يتم استعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك».
وتعود أسبابه الواضحة لاحتلال الكيان الصهيوني عام 1970 لدير السلطان أو الكنيسة الرئيسة هناك "الأنبا أنطونيوس" - الذي يعُتبر أرضًا مصرية بالدرجة الأولى -، وتوالت سلسة من الجلسات القضائية أمام المحاكم الإسرائيلية وحكم فيها لصالح الكنيسة القبطية وحقها في استرداد دير السلطان، إلا أنه لم يُتخذ أي إجراء فعلي أو تنفيذي بحجة أن القضية تحتاج إلى وقت؛ لأن لها أبعادًا سياسية.
أعراف كنسية
وجاء رحيل أبراهام صباح الأربعاء الماضي ليضع البابا بين «المطرقة والسندان»، الأعراف الكنسية الصريحة والجوانب الإنسانية الواضحة والملحة بضرروة إقامة الصلاة على جثمان الراحل، أو غيابه وهو مخالفة، سار البطريرك الحالي مغايرًا لدرب سلفه، مؤكدًا أنه لا يعتبر وجودة بالقدس زيارة؛ لأنه لم يعد لها مسبقا، وإنما واجب إنساني ولمسة وفاء لإنسان خدم الوطن والكنيسة ووجب تعزيه أبنائه.
لم يضع البابا الراحل« شنودة الثالث» في نفس المأزق، حينما توفى الأنبا باسيليوس الرابع مطران القدس السابق، عام 1991، وهو بمستشفى لوزملة بعمان، إثر إصابته بجلطة في المخ، ونقل جثمانه للقاهرة - لأنه لم يوص بدفنه بالأراضي المقدسة بفلسطين - وأقيمت علية صلوات الجنازة برئاسة البابا شنودة الثالث، ومنها دفن بمقبرة في ديرة الذي خرج منه بالأنبا أنطونيوس بالبحرالأحمر.
ظروف مختلفة
لكن الأمور مغايرة بين عهد الباباوين، وبين ظروف ومجريات رحيل المطران أبراهام، وباسيليوس، ولاسيما أن الكثير من الأقباط يروق إليهم زيارة الأماكن المقدسة بفلسطين من المنتمين للكنيسة الأرثوذكسية أو غيرها، ويرى البعض أنه لا ذنب لشخص يحرم من مقدساته لاحتلال كيان صهيوني أراضي فلسطين.
رفض الزيارة
وكان لزامًا توضيح البابا تواضروس، بأبعاد الأمور بعدما هاجم البعض ذهابه للقدس لأداء صلاة الجنازة، وزايد عليه الكثير، لكن البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية قال:«يعز علينا انتقال مثلث الرحمات الأنبا أبراهام مطران الكرسي الإورشليمي والشرق الأدنى، فإنه مطران جليل في محبته وحكمته وتعبه كان واجب الكنيسة أن تشارك مراسم الصلاة لانتقاله»، موضحًا أن السبب في حضورة على رأس وفد كنسي قبطي يمثل الكنيسة من مطارنة وأساقفة وكهنة وشمامسة، لمقر خدمة المطران الراحل بالقدس.
وأضاف" تواضروس"، خلال كلمته من القدس بثتها قناة الكنيسة القبطية مارمرقس، أن الأنبا ابراهام خدم نحو 10 دول كان يزور ويعلم ويعمر ويتعب بكل حب، ونظرا لحكمته كسب الجميع من جهات مسئولة ومسيحيين ومسلمين ويهود ممن تعاملوا معه أحبوه.
وأكد بابا الكنيسة القبطية أنه لا يعتبر وجودة بالقدس زيارة؛ لأنه لم يعد لها مسبقا وإنما واجب إنساني ولمسةه وفاء لإنسان خدم الوطن والكنيسة ووجب تعزيه أبنائه.
وأشار إلى أهمية الجانب الشخصي لاهتمامه بالحضور لتأبين مطران القدس، مضيفًا: «حينما دخلت للدير عام 86 كان من أوائل الرهبان الذين تعاملت معهم في دير الأنبا بيشوى، وحينما نلت نعمة الرهبنة عام 88 كان عملنا واحد هو استقبال الزوار للدير، وتعلمت منه الكثير روحة المرحة وأسلوبه الطيب لكسب النفوس».
وتابع:« نصلي في موقف العزاء أن يمنحه الله للكنيسة والأباء والأحباء ولكل من خدموا معه هنا والدول الأخرى، ونصلي من أجل ينيح الله نفسه ويرفع صلوات من أجلنا ويصير شفيعا في السماء، وأيضا أن يعطي المسيح من يسد هذا الفراغ الكبير والمسئولية الجسيمة على كل المستويات تعزيه لكل الشعب والأحباء والكنائس ومن تعاملوا معه».
معادلات سياسية
ومن جانبه، قال القس« بولس حليم» المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن الكنيسة لا تضع في حسبانها أية معادلات سياسية، ولذا فإن خطواتها رعوية ووطنية، مشددا بأن ذهاب البطريرك للقدس جاء لصلاة جنائزية على الرجل الثاني في المجمع المقدس ولولا وصيته أن يدفن هناك ما كان هناك داعي للسفر».
