رئيس التحرير
عصام كامل

شهداء صاحبة الجلالة.. «أحمد محمود وميادة أشرف والحسيني» قدموا حياتهم لتوصيل الحقيقة للقارئ

فيتو

لم تكن الصحافة في يوم من الأيام مهمة سهلة، فهي مهنة البحث عن المتاعب، لذلك استحقت لقب "السلطة الرابعة"، وهي المهنة التي تضعك طوال الوقت في مواجهة، قد تكون مواجهة وزير أو مسئول أو دولة، أو مواجهة السلاح، لذلك كان من الطبيعي في ظل ثورتين أن تتزين قوافل الشهداء بأبناء صاحبة الجلالة التي ودعتهم بدموعها.


أول هولاء الشهداء كان الشهيد أحمد محمود، الذي فقد حياته في 29 يناير 2011، بعد يوم واحد فقط من جمعة الغضب، وكان لفظاعة ما جرى في جمعة الغضب من قدرة على تغطية جرائم وزارة الداخلية في اليوم الذي يليه لولا وجود أحمد محمود، صحفي الأهرام، الذي كان في مكتبه بدار اللطائف للنشر والتوزيع الملاصق لمبنى الوزارة بمنطقة لاظوغلي بالقاهرة في ذلك اليوم، ليشهد بعينيه ما يحدث من اشتباكات، وإطلاق رصاص حي، فحاول التصوير بهاتفه المحمول، وأثناء ذلك طالبه نقيب شرطة من حرس الوزارة بالدخول والتوقف عن التصوير، وعندما هم بالاستجابة عاجله نقيب الشرطة برصاصة استقرت في مخه - بحسب روايات العاملين معه في دار اللطائف.

ورغم مرور 4 سنوات على استشهاد أحمد، إلا أن قضيته ما زالت دون حل، رغم أن زوجته إيناس عبد العليم، تقدمت لنقابة الصحفيين، بصور للضابط المتهم بقتل زوجها، طالبة نشرها؛ للتمكن من ضبطه.

ولفتت إيناس، إلى أن توقيت التقاط الصورة مسجل على الهاتف المحمول الخاص بزوجها بالدقيقة واليوم، وقد تم تسليمه للنيابة وقامت بتحريزه مع الصور، وتم التأكد من خلال الشهود، من أن هذا النقيب الموجود في الصورة هو الذي ارتكب الجريمة.

واتهمت إيناس وزارة الداخلية بالتواطؤ؛ لأنه غير ممكن ألا تعرف هذا الضابط الذي أجمع شهود العيان على تواجده بنفس المكان منذ 25 يناير، أي قبل استشهاد زوجي في 29 من الشهر نفسه، فكيف للداخلية ألا تعرف الضابط المكلف بالوقوف في ميدان لاظوغلي لأربعة أيام كاملة، خاصة بعد أن وضح صورته بعد تكبيرها؟

أما ثاني شهداء الصحافة فكان الصحفي الشاب الحسيني أبو ضيف، الذي قتل في 5 ديسمبر 2012 أثناء تغطيته أحداث الاتحادية للجريدة التي يعمل بها، وطبقًا لأقوال شهود، فإن أبو ضيف أطلعهم على صور لعناصر من الإخوان يحملون السلاح الآلي قبل عودته إلى منطقة الاتحادية مرة أخرى.

لا أحد يعلم على وجه الدقة ما جرى مع الحسيني، إلا أن النتيجة أن الحسيني حمل مصابًا برصاص في الرأس إلى مستشفى الدمرادش العام، ومنها إلى عين شمس التخصصي ثم مستشفى "الزهراء الجامعي"، ليسكن داخل غرفة العناية المركزة، في غيبوبة دامت لثمانية أيام، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ظهر يوم 12 ديسمبر بمستشفى قصر العيني متأثرًا بإصابته، وكانت جنازة الحسيني مشهدا مهيبا لن يُمحى من تاريخ وذاكرة الجماعة الصحفية.

وبعد رحيل الحسيني بعدة أيام، أرسلت إلى نقابة الصحفيين كاميرا الحسيني التي فقدت بشكل غامض أثناء إصابته، لكن لم يكن بذاكرتها أي صور لما جرى، كما نزعت بطاقة الذاكرة الخارجية عنها، لتبقى الصور التي صورها الحسيني مجهولة، لم يرها أحد سوى الحسيني ومن أطلعهم عليها، وقتلة الحسيني.

وعقب عامين من مقتل الحسيني، قام المستشار أحمد صبري يوسف، بالحكم على الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين في قضية قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، بالحبس لمدة 20 سنة، عن تهمتي استعراض القوة والتعذيب، والبراءة من تهمة قتل المتظاهرين وبينهم شهيد الصحافة الزميل الحسيني أبو ضيف.

وأعربت نقابة "الصحفيين" عن استيائها من الحكم الصادر ببراءة المتهمين من تهمة القتل في القضية المعروفة بـ"أحداث الاتحادية"، مؤكدة أنها تقدمت بمذكرة عاجلة إلى المستشار هشام بركات النائب العام، للمطالبة بالطعن في الحكم، وكلفت المستشار القانوني لها بالتنسيق مع هيئة الدفاع عن الشهيد الحسينى أبو ضيف للقيام بذلك.

أما الشهيدة الثالثة، فقد أراد الله أن تستشهد وهي تخطو خطواتها الأولى في مجال الصحافة، وهي ميادة أشرف التي قتلت في مارس 2014 أثناء تغطيتها أحداث "عين شمس" لجريدة الدستور التي تعمل بها، رغم دراستها بكلية إعلام جامعة القاهرة، ومنحتها نقابة الصحفيين عضوية شرفية بعد مقتلها.

وتوفيت جراء إصابتها برصاص في الصدر، واتهمت الشرطة عناصر الإخوان بقتلها، في الوقت الذي خرجت اتهامات لوزارة الداخلية بقتلها لتظل قضية ميادة معلقة دون معرفة من القاتل.
الجريدة الرسمية