رئيس التحرير
عصام كامل

البحر الميت والخليج الحي


مشروع إنقاذ البحر الميت على وشك التنفيذ ونحن "نايمين في العسل" كما يقول المثل.. اتفقت الأردن مع إسرائيل على إنشاء مأخذ على خليج العقبة ناحية مصر لقناة أو نفق لتوصيل مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت لإحيائه.. وواضح أن مصر لا تعلم.. هل هذا يعقل؟؟.. خليج العقبة مصري خالص من قبل أيام كليم الله (صلى الله عليه وسلم) كيف لا تشترك مصر في هذا المشروع وتقول كلمتها؟

البحر الميت أكثر مناطق الأرض انخفاضا الآن، نحو نصف كيلومتر تحت سطح البحر، وهو يزداد انكماشا وانخفاضا سنويا، ونسبة ملوحته نحو ثلاثين في المائة مقارنة بنحو خمسة في المائة في المحيط، ومشكلته أن مياه نهر الأردن لا تصب فيه؛ لأن الصهيوني أخذ المياه لصالحه.. كان نهر الأردن عربيا أردنيا خالصا حتى عهد قريب..

والبحر الميت كثافته عالية تجعل العوم سهلا، بمعنى قله نسبة الغرق لكن الملوحة عالية لا تغري كثيرًا.. أما البحر الأحمر وخليج العقبة فهو "عسل"، مياهه دافئة هادئة نقية.. سياحي بالدرجة الأولى.. لا نستغله كما يجب؛ لأن القائمين على السياحة بقالون وبائعو أنتيكات مقلدة.. الشعب المرجانية جذب سياحي عالمي، وكذلك رياضة الغطس يتميز بها خليج العقبة.

مشروع قناة البحرين يتلخص في إنشاء مأخذ مياه على خليج العقبة، ترفع إليه المياه نحو ٢٣٠ مترا؛ لتصب في قناة أو أنبوب أو نفق بطول نحو ٢٠٠ كيلومتر، إلى أن تلقى في البحر الميت، وتنشئ محطة طاقة كهربائية في هذا الموقع.. وتنشئ أيضا محطة تحلية مياه على الخليج تقتسمها الأردن وبني صهيون.. الأردن فقيرة مائيا؛ لأن الصهاينة استولوا على نهر الأردن، وقد كان ملكا لهم "يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله".

هندسيا رفع مياه ٢٣٠ مترا ممكن لكنه ليس feasible، ويحتاج إلى محطة طلمبات عملاقة تشغلها طاقة قد تكون أكبر من الطاقة المنتجة من المحولات المقترحة على البحر الميت، وشبكة الأردن قد لا تكفي لتشغيل محطة الرفع العملاقة ومحطة تحلية المياه في نفس الوقت، والأدهى أن كافة المشروع على أرض الأردن، وقد يلامس أرض مصر فهل نعرف؟!

المشروع غير لازم للصهاينة، وسيستفيدون من المياه العذبة المنتجة.. لديهم مشروع تحلية يعطي احتياجا يوميا لستة ملايين نسمة، ولا يهمهم البحر الميت لكن سيكون لديهم ما يكفي لتبريد المفاعلات الذرية.. أما الغلابة الفلسطينيون فلن يستفيدوا أي شيء يذكر غير عدة أكواب من الماء القراح وبعض اللمبات للكهرباء..

والغريب أن فكرة مد القناة من البحر الأبيض إلى البحر الميت، استبعدت مع أنها أسهل ولا تزيد عن ٦٠ كيلومترا، وأرخص وأجدى للأردن وفلسطين، وكذلك أرض الكنانة.. أين مصر!؟

والمشروع ضرره بالغ على مصر.. سيدمر السياحة تمامًا في خليج العقبة، وكذلك الشعب المرجانية التي توجد في هذه المنطقة من العالم، وبرامج التنمية في سيناء وشرم الشيخ، كما لا ننكر تأثيره السلبي على المياه الجوفية في سيناء عموما.. لابد أن تتدخل مصر وتعطي رأيها وكلمتها في هذا المشروع.. ونساعد إخوتنا في الأردن وفلسطين!
الجريدة الرسمية