رئيس التحرير
عصام كامل

قراءة هادئة في قضية ساخنة جدا


الجريمة البشعة والنكراء التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق 21 مصريا ذهبوا إلى ليبيا؛ سعيا وراء لقمة العيش من خلال العمل والكد، لا يمكن أن يقبل بها عاقل أو وطني أو من يمت للإنسانية بصلة سواء من قريب أو بعيد.. ولا جدال في أن القصاص لأرواح هؤلاء الضحايا الأبرياء العزل مطلب للجميع، "ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون".


وسرعة الرد وقوته على هؤلاء المجرمين الذين يعيثون في الأرض فسادا، هو ضرورة تفرضها طبيعة وخطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة، ويحمل أكثر من رسالة مفادها أن مصر رغم ما تمر به من تداعيات داخلية مثيرة إلا أنها تملك قوة عسكرية لا يستهان بها، قادرة على الردع والفعل بحسم وبأسرع وقت.

رسالة أخرى حملها الرد السريع والقوي للعالم، ومصر على أعتاب المؤتمر الدولي الاقتصادي المقرر عقده بشرم الشيخ الشهر المقبل، وهي أن الدولة المصرية قوية ومتماسكة ولديها قوة ردع لا يستهان بها، وأنها ليست هشة كما يردد البعض، وهو ما يعني القدرة على توفير عنصري الأمن والاستقرار اللازمين للاستثمار.

أيضا فإنها تحمل رسالة إلى بعض القوى الدولية وبعض الدول التي تقف وراء دعم الإرهاب والتطرف والعنف في مصر، بأن "احترسوا فإن صبر مصر أوشك على النفاد"..

ومع أهمية هذه الرسائل بالنسبة للأمن القومي المصري وللداخل المصري أيضا، وتأثيرها على الروح المعنوية للشعب المصري، وهي مسألة في غاية الأهمية، علينا أن نقرأ خريطة الأحداث في المنطقة جيدا، وندرك حجم المخاطر المحيقة بنا من كل صوب وحدب، خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان التقارير والمعلومات التي تتحدث عن أن تنظيم داعش هو مجرد أداة في يد المخابرات الأمريكية؛ لتنفيذ مخططها في إعادة تقسيم المنطقة العربية وإعادة رسم خريطة المنطقة وفق إستراتيجية "شد الأطراف"، ومحاصرة مصر بالصراعات والنزاعات لتشتيت قوتها ما بين محاربة أنصار بيت المقدس في سيناء، وداعش المتواجد بليبيا، وما يثيره الحوثيون من مخاطر في اليمن، وتهديد الملاحة في قناة السويس من خلال السيطرة على باب المندب.

أضف إلى ذلك ما يشهده الداخل المصري من أعمال عنف تستهدف إنهاك قوى الأمن وزعزعة الاستقرار، خاصة أن مصر مقدمة على استحقاق الانتخابات البرلمانية، وما قد يثيره ذلك أيضا من مشاكل وخلافات سياسية ناجمة عن عدم استشعار البعض للمسئولية وفقدانهم الإحساس الوطني، وسعيهم الدائم لشق الصف الوطني من خلال ترشح بعض رموز الحزب الوطني المنحل.

إن المخاطر المحدقة بمصر من جميع الاتجاهات الإستراتيجية، وما تمثله من تهديد للأمن القومي المصري، تتطلب التحرك بحرص وحساب دقيق وفق المصلحة الوطنية دون السماح لأي طرف لاستدراجنا إلى ما لا نريد، وأن نحدد نحن المكان والتوقيت المناسبين لنا، وأن يستشعر الجميع خطر المرحلة وينحوا أطماعهم الشخصية وأهواءهم الذاتية جانبا.. وعلى من بيده الأمر أن يضرب على أيديهم فينجو وننجوا جميعا..
الجريدة الرسمية