رئيس التحرير
عصام كامل

الفلسطينيون أسرى السجون الإسرائيلية

18 حجم الخط

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمريكية الأسبوع الماضى أن عدد السكان الفلسطينيين الذين اعتقلوا وسجنوا فى السجون الإسرائيلية منذ بداية الاحتلال يصل إلى 800 ألف، أى ما يقرب من مليون شخص وربما يكون هذا المعطى مبالغ فيه، حيث يرى البعض أنهم 600 ألف فقط مع عدم وجود بيان رسمى عن ذلك، وإنما الصورة العامة واضحة وتثير الاشمئزاز حيث إنهم عندما يقولون إن إسرائيل تعمل على سجن الشعب الفلسطينى يكون المعنى الحقيقى هنا أيضاً السجن الفعلى المادى والحقيقى والذى يشمل تعذيب الفلسطينيين فى السجون وليس الحديث فقط عن الحواجز والجدار والسجون النفسية.

وحدث هذا مع مئات آلاف الفلسطينيين الذين يتعايشون تحت وطأة الاحتلال ولا يوجد شخص لم يمر بهذه التجربة ولو مرة واحدة فى حياته، وهناك العديد من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة اليوم أجسادهم مليئة بالندوب الجسدية والنفسية، وهناك من مات فى سجنه وهناك من يقضى سجناً مدى الحياة بلا محاكمة وهناك سجناء منذ اتفاق أوسلو، وقد يقوم الاحتلال باعتقال هؤلاء تحت ظروف وحشية وذلك من خلال هجومهم على منازلهم تحت وطأة الظلام أمام الزوجة والوالدين والأولاد الذين يستيقظون مذعورين من النوم يشعرون بالأسى على مصير عزيزهم المهان.
القضاء العسكرى الإسرائيلى الذى حكم ضد مئات آلاف من البشر لا يرقى إلى هذا المسمى، والدليل على ذلك من خلال الرؤية العميقة للمحكمة العسكرية ولجميع محاضر الجلسات التى تكون بمثابة ألف شاهد على هذا، فمعظمها مداولات قصيرة دون ترجمة مناسبة فى بعض الأحيان وأدلة ليست أدلة وشهادات مخزية للمتعاونين لصالح القضاء كما أن القضاة أيضاً ليسوا جميعهم ضلعاء ذو خبرة فى القانون، إلى جانب التحقيقات العنيفة والوحشية التى تؤتى فى النهاية باعترافات داحضة تؤدى بذلك إلى عقوبات بشعة. ولا يوجد إنسان حكيم يعتقد بجدية أن هناك شعبا كاملا جديرا بأن يتم طرحه فى السجون. إن إسرائيل لا ترخص حياة الفلسطينيين فقط بل ترخص حريتهم أيضاً.
إن المجتمع الإسرائيلى لا يعى مطلقاً عمق المعنى الشعورى لقضية الأسرى فى الفلسطينيين ولم يحاول قط أن يقوم بذلك، وهذا أمر مثير للاندهاش من مجتمع هاج وماج كثيرا تعاطفاً مع مصير الجندى الإسرائيلى المعتقل جلعاد شاليط.
المبدأ الإسرائيلى هنا يفرق بين حكم الأم الإسرائيلية التى تخاف على أمن ابنها وبين حكم الأم الفلسطينية التى لا تقل عنها خشية، فلا داعى أن نتعجب فإن الشعب الفلسطينى عموماً لا يحظى بأى اهتمام من الجانب الإسرائيلى.

نقلاً عن هاآرتس
الجريدة الرسمية