رئيس التحرير
عصام كامل

القوة الشافية للحب


هناك من الأدلة العلميَّة التى تكشف يومًا بعد يوم ما يؤكد أنَّ إحداث بعض التغييرات فى نظام الحياة بشكل عام يؤدى إلى تحسن جوهرى فى الصحة العامَّة للإنسان، لكن الشيء الذى استرعى انتباه عدد كبير من الأطباء والباحثين فى علم النفس هو تلك القوة الشافية للحبِّ، وما يمكن أن تؤدى إليه من تغير إيجابى فى روح الإنسان وفى صحته النفسيَّة.


فى اعتقاد الدكتور «دين أورنيش» أنَّ من يتجاهل القوة الشافية للحبِّ والمودة، وينظر إليها باستخفاف يكون قد حكم على نفسه بالموت الشعورى والمعنوي، مؤكدًا أنَّ ما يحدث للإنسان من تغيير إلى الأفضل من الناحية الروحيَّة والعاطفيَّة يكون نتيجة إعادة اكتشافه للمصادر الداخليَّة للسلام والطمأنينة من خلال التواصل والتعاطف الصحى مع العائلة والأصدقاء.

إنَّ تبادل مشاعر الحبِّ والمودة مع الآخرين هو الدواء الشافى الذى كثيرًا ما يغفله الأطباء، فلا يضعونه فى وصفاتهم الطبيَّة لمرضاهم، وذلك لأنَّ الطب فى زماننا أصبح يهتم بالعقاقير والأدوية والجراحات الطبيَّة أكثر من اهتمامه بالقوة الشافية للحبِّ والمودة.

يفضل الأطباء عادة سببين أساسيين قد يقودان إلى المرض أو الموت المبكر، هما الوحدة والعزلة، اللتان تجعلان الإنسان يتبع عادات سلبيَّة مثل التدخين أو الإسراف فى تناول الطعام، وهما يزيدان من فرص الإنسان للإصابة بالأمراض أو بالموت المبكر.

فى عالم اليوم الذى تجتاحه مجاعة روحانيَّة فإنَّ الأمراض التى تنتشر بنسبة عالية ليست أمراض القلب بمعناها الفسيولوجي، وإنما هى أمراض القلب المعنويَّة التى تصيب المجتمعات التى تنهار فيها العلاقات الاجتماعيَّة، ويشعر الإنسان بمشاعر الوحدة والاكتئاب والعنف.

خلق الإنسان ليكون جزءًا من مجتمع تسوده علاقات المودة والحبِّ والتعاون والتكافل، أى اختلاف فى هذه المنظومة قد يؤدى إلى اختلال فى صحة الإنسان، لا يمكن للطب أن يعالجه؛ لأنَّ الطب الحديث أصبح يركز على الجانب المادى والعلمى دون أدنى التفات إلى الجانب الروحي. إنَّ قضاء الإنسان الوقت الأطول مع الأسرة والأصدقاء ومع اكتساب الإنسان مهارات التواصل والتسامح والتعاطف والتعاون، ومع تقديره للقوة الشافية للحبِّ والمودة فى الحياة الإنسانيَّة تتحسن جودة الحياة، ويجد كل إنسان المعنى الحقيقى لحياته على الأرض.

نقلًا عن مجلة "سيدتى "

الجريدة الرسمية