الحرافيش لـ"الحكومة": أفيدونا يرحمكم الرحمن !
الألم يقتلك مرة.. وعندما تقف مكتوف الأيدى أمام إيجاد وسيلة لعلاجه ستُقتل ألف مرة.. وعندما تكتشف بعد زمن أن العلاج من حقك ولا تحصل عليه فساعتها ستُقتل آلاف المرات.. وما بين الألم والعلاج والحيرة أنت ميت لا محالة طالما أنك في وطن يكيل بمكيالين.
وإذا كان الرئيس "السيسي" يعمل على حل مشكلات الفقراء العامة.. فهل لمثله أن يطرق أبواب الأُسر كى يبحث عن معاناتهم أو أن هناك حكومة مخول لها ذلك ؟!
حكومة لا يجب أن تفرق بين ذي جاه وفقير في الحصول على العلاج المناسب.. حكومة باتت أمام أعين الشعب تستمع لخطابات الرئيس وتلهث خلف تحقيق ما بها ضاربين بالمعاناة الفردية للمواطنين عرض الحائط.
أكتب هذه المقدمة بعد قراءتى تلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة جاءتنى هذا الأسبوع والتي سأعرضها عليكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة:
عزيزى الحرفوش الكبير..
تحية طيبة وبعد
أنا يا عزيزى واحد من فقراء وحرافيش هذا الوطن.. كنت ومازلت أؤمن بأن الله عندما يبتلينا فهو بالتأكيد يحبنا.. ويؤمن مثلى كثيرون من حرافيش الوطن بهذا.. ولولا ذاك الإيمان الفطرى لأكلوا من يمتلكون ثروات البلد وناهبيها بأسنانهم.
لكننا لم نكن نعلم أن هذا الإيمان لا علاقة له بكوننا أصحاب حقوق في هذا البلد باعتبارنا مواطنين مع هؤلاء الأثرياء على أرض واحدة هي ملكنا جميعا.. تأوينا جميعا.. إلا أنهم يمتلكون فدادينها وعماراتها ومزارعها بل صحاريها ونحن نعمل لإعمار ما يمتلكون حتى نعود في آخر يومنا بقوت أبنائنا.
أراك يا عزيزى تقرأنى بعينيك ولسان حالك يتساءل: ماذا يريد هذا الرجل ؟!
هذا الرجل ياسيدى قد صدقك القول في السطور السابقة وسيصدقك أيضا فيما هو آت... فلقد عرفنا كل ذلك عقب ثورة 25 يناير عندما كنا نردد "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"... ولن أكون كاذبا إذا قلتلك إن هذا الشعار ذاته لم يستوعب معانيه السواد الأعظم منا إلا بعد أن رددناه مرارا وتكرار لكننا في البداية كنا نهتف مع الهاتفين عسى أن يكون هذا الهتاف هو طوق النجاة مما نحن فيه من كدر العيش.
زاد هتافنا وأصبح من القلب مصحوبا بحمية بعد أن فهمنا حتى تحقق لنا ولمن علمونا الهتاف ما نريد فتنحى رئيس بحجم "مبارك" وانتظرنا.. طال الانتظار حتى فوجئنا برئيس جاء على أكتافنا وهو يهتف بنفس الشعار ويضيف له أن وطنكم قد عاد لكم وحقوقكم ستصلكم وستصبحون في هذا الوطن سواءً بسواء مع من نهبوه.
سمعنا ورددنا وفرحنا حتى صحونا على الهم والغم وفهمنا أن أحلامنا قد سرقت وطموحاتنا قد تبددت خلف اللحى التي صدقت أن بلد بحجم مصر قد آل لهم.
ومن جديد وقفنا في وجه الحاكم وشيوخه اللصوص بتأييد من خير أجناد الأرض وهم أبناؤنا وفلذات أكبادنا وها هو البلد قد عاد من جديد لأصحابه لكن يبقى السؤال:
من هم أصحابه.. وهل سنعود إلى سيرتنا الأولى نتسول حقنا في العلاج على نفقة الدولة؟!
نعم ياسيدى العلاج على نفقة الدولة هو ما جعلنى أسرد كل تلك السطور السابقة.. فزوجتى مريضة بـ"سرطان الحسينيات" ويحتاج هذا المرض لمبالغ كبيرة نظير علاجه.. ولضيق ذات اليد مررنا أنا وزوجتى على جميع المستشفيات الحكومية وكنا نحصل على علاج مؤقت عبارة عن مسكنات وفى طريقنا إلى الحصول على هذه المسكنات لم نترك بابا لمسئول إلا وطرقناه كى نحصل على تصريح العلاج على نفقة الدولة.
حتى علمنا أن مستشفى ما _نطلق عليه اسم "الجورمانية"_ سيستقبل وفدا طبيا قادما من ألمانيا لعلاج هذا النوع من المرض
بالفعل حجزنا وأخذنا دورنا في الكشف وقال لنا الأطباء الألمان إن الدواء الذي نحصل عليه لا يفيد في علاج المرض وإنما هو مجرد مسكن ليس إلا ويجب أن تسافر المريضة لألمانيا فهناك تجرى لها عملية جراحية وستشفى بعدها بإذن الله _أنا يا سيدى أقول بإذن الله لكن الأطباء الألمان قالوا ستشفى بالتأكيد_ وأعطونا ما يفيد ذلك مكتوبا حتى يتسنى لنا السفر سواء على نفقتنا أو بأى طريقة فهم لم يناقشوا معنا ذلك ببساطة لأنهم ضيوف.
ورغم اكتشافنا أننا كنا نُهان عبثا ونضطر إلى تقبيل الأيادى كى نحصل على علاج ليس بعلاج لم تكن لنا حيلة إلا طرق الأبواب مرة ثانية، إلا أنها لم تفتح لنا على الإطلاق حتى بعد أن حسبناها أبوابنا التي تحمى بلادنا وبات لنا حق فيها كان مسلوبا.
علاج زوجتى ياسيدى سيحتاج إلى ما يقرب من 50 ألف جنيه مصرى دون نفقات السفر.. هكذا قال لنا الأطباء بعد أن "حسبوا" الفرق بين الجنيه المصرى واليورو.
حاولنا كثيرا لكن دون جدوى حتى نصحنى أحد قراء صفحتك هذه بأن أكتب لك تلك الرسالة عسى أن تأخذ حظها في النشر فيراها من يراها.
وأنا ياسيدى لا أبغى منك في حال قراءتك رسالتى سوى أن تنشرها موجهة للحكومة تحت عنوان "أفيدونا يرحمكم الرحمن" فعسى أن يرد عليا أحدهم باعتبارى مواطنًا في هذا البلد ويقول لى ماذا أفعل وزوجتى تموت ألمًا أمام عينى كل يوم ؟!
ولعلى ياسيدى لم أكن قد أطلت عليك ولم أتعد المساحة المخصصة لنا وفى النهاية ياسيدى لك مني السلام ورحمة الله وبركاته !
