رئيس التحرير
عصام كامل

العدوان الإخواني على قناة السويس الثانية


عندما يتعامل فصيل سياسي مع كل إنجاز بمنطق الرفض أو الإفشال أو "التفطيس".. فهذا يعنى أنه خارج مكونات الجسد المصرى، بل لا يجب التعامل معه بمنطق المسكنات وإنما بـ"البتر" أو الاستئصال.

هكذا الإخوان الآن والمتعاطفون معهم.. انتقلوا من منطقة المعارضة إلى مربع الكراهية، أصبحوا يمسكون بمعاول الهدم لتدمير كل الثوابت وتحطيم كل المشروعات الوطنية، بل وإهالة التراب على كل ما هو جميل في مصر، والسيسي بالنسبة لهم مكروه حتى لو حاولت إقناعهم بأن لديه مشروعا لتحويل مصر إلى دولة عظمى، ومرسي هو الرئيس الملهم مهما حاولت أن تثبت لهم بالأدلة أنه كان "مفتاح خراب مصر".

في عام 56 وقع العدوان الثلاثى الغاشم على مصر بدافع انتقام القوتين العظمتين لخسائرهما من تأميم قناة السويس، وبعد 58 عاما وقع العدوان "الإخوانى" على مصر أيضا بدافع الكراهية والحقد، فقد إنهالوا تجريحا على مشروع القناة الجديدة لمجرد أن السيسي هو من أطلق إشارة البدء فيه، وراحوا يتهمونه بالسطو، وينسبونه إلى المعزول "مرسيهم".

الحقيقة أن تاريخ مصر يكشف أن هناك دائما 1000 أب لأى فكرة براقة ولأى مشروع عملاق، وحفر قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط ظلت فكرة منذ عام 1310 قبل الميلاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا على يد الفرنسى ديليسبس في عهد الخديوى إسماعيل عام 1869، ولأغراض انتهازية استعمارية لإنجلترا وفرنسا آنذاك، وبعد حفرها تحولت إلى منجم "ذهب" للقوى الاستعمارية. 

غير أن رجلا واحدا فقط هو الذي امتلك شجاعة تصحيح الوضع الخاطئ، ووجه منجم الذهب إلى المصريين أصحاب الحق بعد أن كان يذهب للأجانب، وامتلك جسارة إعادة القناة التي حفرت بأيادى المصريين إلى مصر، شجاعة ووطنية عبد الناصر - الذي يسبه ويلعنه الإخوان ليل نهار- هي التي دفعته لاتخاذ ثانى أعظم القرارات في تاريخ مصر بعد قرار العبور، وهو تأميم قناة السويس وتحمل تبعاته العسكرية على مصر، ولو لم يتخذه ما جرؤ على اتخاذه السادات أو مبارك ولحرمت مصر من نحو 40 مليار جنيه سنويا.

لقد دفعت مصر ثمن قرار عبد الناصر التاريخى والشجاع بتأميم القناة متمثلا في العدوان الثلاثى الغاشم في 56، وبسبب هذا القرار وفشل العدوان، حٌرمت بريطانيا من الحصول على أرباح القناة التي كانت تديرها، واستقال أنطونى إيدن رئيس وزراء بريطانيا وانتهى دور بريطانيا كقوة عظمى.

وبعد 145 سنة من تدشين القناة "الأولى"، ظهر رجل واحد أيضا هو الذي يمتلك إرادة تحويل القناة "الثانية" من حلم إلى واقع قابل للتنفيذ في زمن قياسى، الأولى استغرق حفرها 10 سنوات بجهد ما يقرب من 1700 عامل مصرى بطول 193 كيلو مترا، والثانية سيستغرق حفرها سنة واحدة بطول 73 كيلو، لكنها ستكون باكتتاب شعبى بأموال المصريين وليس بالفرنك الفرنسى وشركة عالمية ومجلس إدارة من غير المصريين.

أقول للإخوان والمتعاطفين معهم: لا تشغلوا أنفسكم بمعركة هامشية ليس لها معنى حول من هو "الأب" لهذا المشروع العملاق، المهم أن يتحقق الإنجاز وترى الأجيال المقبلة عائدات القناة الجديدة، وعجلة الزمن لا ترجع إلى الخلف، وإذا كنتم وطنيين بحق عليكم النظر إلى ما هو أبعد من أقدامكم، والإنضواء تحت لواء الدولة التي تعيشون فوق أراضيها كمعارضين سلميين لا مدمرين أو معرقلين أو مخربين وكونوا جزءا منها لاعبئا عليها، ولا توقفوا المراكب السايرة، وإن لم تستطيعوا فكفوا عن الأذى واصمتوا، يرحمنا ويرحمكم الله. 
الجريدة الرسمية