رئيس التحرير
عصام كامل

أداء مؤسسة الرئاسة فى مصر.. رخيص


التوصيف الدقيق لقرارات الرئاسة المصرية هو أنها قرارات رخيصة.. برز هذا التوصيف الدقيق بعد متابعة قرارات الرئيس الأخيرة الخاصة ببورسعيد، التى دخل عصيانها المدنى الناجح يومه الثالث على التوالى. فالرئيس فى محاولته لاستيعاب الأزمة يصدر قرارا بتخصيص 400 مليون جنيه من إيرادات قناة السويس سنويا لتنمية محافظات القنال. ويعد بالتقدم بمشروع لمجلس الشورى من أجل إعادة المنطقة الحرة ببورسعيد.

الرخص يظهر بوضوح من اختزال رئيس الجمهورية لمأزق بورسعيد فى منح مالية لسكانها، فالرئيس يتجاهل أن الأمر تجاوز الأزمة الاقتصادية، لقد سالت دماء المصريين فى بورسعيد فى الشوارع والمتهم جهاز الرئيس الأمنى وصارت مطالبات لناس ليس فقط القصاص والتحقيق بل اعتذار الرئيس شخصيا عما حدث فى بورسعيد.
ودليل آخر على الرخص الرئاسى، لقد ضحكنا كثيرا من مشاهد رئيس الجمهورية الخالية من البروتوكول والتقاليد المتعارف عليها فى لقائاته الرسمية خارج البلاد. والحقيقة أن زيارته لألمانيا كانت نموذجا صارخا لهذا الرخص الذى تتعامل به رئاسة الجمهورية مع من هو خارج إطار جماعة الإخوان المسلمين. فعندما أدرك الرئيس مرسى أنه لن يحصل على الدعم المطلوب من ألمانيا، بدأ يتململ من مؤتمره الصحفى مع رئيسة الوزراء ولهذا بدأ ينظر فى ساعته مستعجلا الوقت. وهو نفس الأداء الرخيص الذى دفعه للتحدث بالطريقة الغرائبية أثناء لقائه مع مستثمرين هناك محاولا استجدائهم للاستثمار فى مصر، بوصف خيالى للأحداث وأمثلة خرافية عن طبيعية تطبيق القانون فى مصر كما فى ألمانيا وهكذا..
وهو نفس الرخص الذى دفعه لإلغاء زيارته لفرنسا عقب ألمانيا بعد تيقنه من أن أوربا لن تقدم دعما لنظام يقتل أبناءه فى الشوارع .ويبرر هذا بأمثلة من عينة "الدرنك يدخل السجن إذا كان درايفنج".
الحقيقة أن هذا الرخص ينسحب أيضا على مؤسسة الرئاسة ككل وليس مقتصرا على رئيس الجمهورية وحده..فالمتحدث الرسمى السابق باسم الرئاسة ياسر على، يحاول التدليل على قوة الرئيس مرسى المستمدة من شرعية الانتخاب الشعبى، فيتحدث فى الإعلام بوضوح عن تفاصيل إقالة وزير الدفاع السابق محمد حسين طنطاوى التى جرت وهو محتجز بإحدى غرف القصر الجمهورى. وقد صور الرخص للمتحدث السابق المنتمى بالأساس لجماعة الإخوان المسلمين أنه سيظهر مؤسسة الرئاسة والرئيس المنتخب بالقوة الكافية للدفاع عن قرارته، ومنها بكل تأكيد تولية طبيب بلا منجز تقريبا، لرئاسة مركز دعم واتخاذ القرار فى مصر.
وهو نفس الرخص الذى أدارت به الرئاسة فى مصر أزمة إقالة أو استقالة مستشار الرئيس خالد علم الدين، عضو حزب النور السلفى الذى أصدرت الرئاسة بيانا تتهمه فيه باستغلال منصبه، ثم عادت وتراجعت عن الاتهام المباشر له بعد تهديدها بفضح طريقة العمل داخل المؤسسة ثم سعى حاليا لامتصاص الأزمة، ومحاولة استرضاء حزب النور ومعه قطاع من السلفيين.
الأمثلة عديدة على الرخص الذى صار سمة الرئاسة المصرية، بل صار ينسحب على مؤسسات أخرى عريقة فى الدولة. تماما كما حدث مع النائب العام المستشار طلعت إبراهيم الذى استجاب لرخص التصريحات الرئاسية فى إلقاء التهم جزافا، بعد يوم الأربعاء الدامى أمام قصر الاتحادية، مؤكدا أن المتهمين اعترفوا أنها مؤامرة، فحاول النائب العام بدوره الضغط على أعضاء النيابة لتلفيق التهم للمقبوض عليهم حتى لو كانوا أطفالا مصابين وهو ما رفضه أعضاء النيابة جملة وتفصيلا، فاضحين الرخص الذى بدأ يتحول ليصبح سمة عامة لدى مؤسسات الدولة لمصرية الرسمية. فهل يدرك الرئيس الإخوانى وجماعته أن إدارة مصر بهذا الرخص لن تؤدى بهم إلا لمزيد من الخسارة الشعبية؟ لا أظن..
الجريدة الرسمية