رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس زيارات حكام ليبيا الجدد إلى القاهرة.. الدبيبة وصل والمنفي في الطريق.. وخبراء: تأكيد على أهمية مصر

عبد الحميد الدبيبة
عبد الحميد الدبيبة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة
بحثًا عن مرحلة جديدة في العلاقة المصرية – الليبية، هبطت طائرة رئيس الحكومة الليبية الجديد، عبد الحميد الدبيبة، على أرض القاهرة، في زيارة هي الأولى عربيًا منذ تشكيل السلطة التنفيذية الليبية الجديدة، التي تسعى للحصول على دعم مصر لاستقرار ليبيا وشعبها.


بعد أن شهدت في السنوات الأخيرة حالة من عدم الاستقرار والانقسام الداخلي الذي أدي للتدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي الليبي، وكذلك انتشار الميليشيات والمرتزقة والقوات الأجنبية الذين أرسلتهم أنقرة لتحقيق مصالحها الاستعمارية، ودفعت التدخلات الخارجية في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، مصر لتأكيد ثوابت العلاقة (المصرية – الليبية) عن طريق العمل الدائم على حل الأزمة الليبية.

والتأكيد دومًا أن ليبيا بمثابة خط أحمر وقضية أمن قومي لا يمكن تجاهلها أو السماح لأي دخيل أجنبي بتفتيتها وتقسيمها وخاصة الدول الهادفة من بينها تركيا والجماعات الإرهابية والميليشيات والقوات الأجنبية، وكذلك كل من يسعى جاهدًا لنهب ثرواتها، مؤكدة دومًا أنه ينبغي على الجميع احترام ليبيا والشعب الليبي.

زيارة الدبيبة

زيارة عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة ليبيا الجديدة لمصر وجعلها أولى محطاته الخارجية بعد توليه رئاسة السلطة التنفيذية، طرحت تساؤلات عديدة عن مستقبل العلاقات المصرية الليبية بعد تلك الزيارة؟ وعن سر توقيت تلك الزيارة لمصر؟ والأسباب التي جعلت «الدبيبة» يختار مصر أولى وجهاته الخارجية؟ ومدى مساهمة وتأثير تلك الزيارة على حل الأزمة الليبية ؟ وغيرها العديد والعديد من الأسئلة.

وبحسب الدكتور سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الإستراتيجية، فإن «الدبيبة» جعل من مصر أولى محطاته الخارجية، نظرًا لأنها أولى الدول التي باركت الحكومة الليبية الجديدة، كما أنها داعمة للمسار الليبي منذ بدايته، إلى جانب مبادرة «إعلان القاهرة» التي تمت برعاية مصرية ووقوف مصر على مسافة واحدة أثناء التصويت في جنيف على القوائم الأربعة، فهي لم تقدم دعما لقائمة على أخري ولم تقف بوجه قائمة، مشيرًا إلى إيمان مصر الدائم وسعيها للحل السلمي حفاظًا على وحدة وتكامل الأراضي الليبية طبقا لخيارات الشعب الليبي.

وتابع «د.راغب»: حكومة «الدبيبة» مختارة من الشعب الليبي، ومصر انفتحت على الغرب الليبي قبل الانتخابات، ولا يمكن أن نتجاهل زيارة الوفد الأمني المصري من المخابرات العامة والخارجية وبدء نشاط المسئولين من الغرب والشرق والمباحثات التي تمت في تلك الفترة من بينها اللجنة العسكرية 5+ 5 وبعدها ما يتعلق بالتسوية السياسية فجميعها كانت برعاية مصرية.

دعم سياسي مشترك

والرسالة الأولى التي يمكن فهمها من هذه الزيارة، أن مصر وكامل ليبيا شرقها وغربها تدشن فترة جديدة مبنية على الاحترام المتبادل وتبادل المصالح والدعم السياسي المشترك، والتأكيد على أن الحكومة الجديدة تقف على مسافة واحدة لكل الشعب الليبي مسافة متقاربة من الاعتدال العربي.

وفيما يتعلق بالتساؤلات المطروحة حول نجاح مصر في الدعم الدولي لجلب الاستقرار الليبي، قال «د.سمير»: بالفعل مصر نجحت في ذلك نظرًا لتحركها مبكرًا وعدم توانيها في العمل، وعلى غرارها بدأ العالم يتحرك وأصبح الموضوع ليس مجرد تفاوضات شخصية أو حتى برعايات دولية، لكن أصبح برعاية أممية وليس كما حدث في حكومة الصخيرات، فالآن أصبحت الحكومة تستعد للحصول على دعم البرلمان، وفي حال فشلها في ذلك يمكنها أن تعود لمجموعة الـ75 بملتقى الحوار السياسي الليبي التي تم اختيارها من قِبل البعثة بديلا لمجلس النواب والحصول على موافقتها، وفي هذا الحال سيصبح البرلمان شبه منحل لأنه بذلك سيصبح متعارض مع الحكومة.

وتابع: لكن حتى الآن لا يمكننا إلا القول إن المسار السلمي أصبح يتحرك من خلال رباعية دولية (مصر، فرنسا، ألمانيا، والأردن) وأن مصر لها دور كبير في ذلك، مؤكدًا أن تلك الزيارة لمصر جاءت لإسكات كافة الألسنة التي تتحدث عن أن هناك قائمة تدعمها مصر، والتأكيد على أن مصر داعمة لخيارات الشعب الليبي ولكافة الشخصيات الوطنية، سواء أتت في المشهد الجديد أم لم تأت بل إن اهتمامات مصر في مقدمتها الاستقرار وعودة الأمن لليبيا.

الوجود التركي

وحول رد فعل تلك الزيارة على تركيا والوجود التركي في ليبيا، أوضح «د.راغب» أنه «لا يمكن للوجود التركي أو العلاقات التركية الانقطاع بين ليلة وضحاها، لكن بدعم الحكومة الجديدة سوف تتمكن من إخراج كافة القوات الأجنبية وإدارة علاقاتها طبقا لخيارات الشعب الليبي الذي يمكنه أن يقرر مسار علاقاته مع دول العالم بما فيها تركيا بعد ذلك حتى تكون علاقات طبيعية وليس علاقات احتلال وتدخل مباشر وحروب بالوكالة ومرتزقة ودعم للجماعات الإرهابية.

كما أن الحكومة الليبية ليست بحاجة لمن يشرط علييها بل هي بحاجة لمن يدعمها لتحقيق تلك المطالب»، وتابع: ليبيا لن تقوي على إخراج كافة الدخلاء بمفردها بل بالحاضنة العربية والدعم العربي وفي مقدمتها مصر، ويحق بعد ذلك للحكومة الجديدة المنتخبة ما بعد 24 ديسمبر طبقا للدستور وخيارات الشعب الليبي تحديد علاقاتها مع الدول دون وصاية من أحد.

زيارة المنفي

وفيما يخص الزيارة المرتقبة لرئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إلى القاهرة والتي تم الكشف عنها، أكد رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الإستراتيجية، أن تلك الزيارة التي لم تتم بعد تعد تأكيدا على زيارة الدبيبة بشأن توطيد العلاقة بين البلدين والانفتاح المصري على ليبيا، والتأكيد بأن تكون القاهرة منصة الحوار لكافة الفصائل سواء على الحوار السياسي أو العسكري.

وعلي تواجد مسئولين مصريين بمناصب كبري على التواجد في ليبيا، وفي مقدمتها فتح السفارة المصرية في طرابلس والتي ستكون بمثابة أكبر سفارة ليس ذلك فحسب بل ستكون في المقدمة لوجود سفارات عربية أخرى في طرابلس لتأكيد عروبة ليبيا وأن الاعتدال العربي يدعم خيارات الشعب الليبي.

مضيفًا أن ذلك لن ينطلق ذلك من فراغ وأن هناك العديد من العراقيل التي يمكن مواجهتها والتي ستتمثل في ممانعة واستهداف من خلال بعض الفصائل سواء وكالات لتركيا ودول أخرى في مقدمتها قطر التي لا ترغب في الوجود المصري القوى نظرا لأنها ترى أنه يعطل ويعرقل أي وجود آخر.

سند ليبيا

على الجانب الآخر قال فتحي المريمي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي: شكل العلاقة بين مصر وليبيا دائما يتسم بالنجاح والتميز، فمصر هي العون والسند لليبيا عبر مراحل التاريخ المختلفة، لذا يمكن بعد توحيد المؤسسات على مستوى ليبيا من خلال تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية أن تقوي العلاقات بين البلدين بشكل أكبر.

وحتى إن لم تنته فمصر دائما مع الجانب الوطني والتحرر الليبي واستقرار ليبيا وحرية الشعب الليبي ونيل حريته، وأن يسود الأمن والأمان والاستقرار، وفي حال استقرار الأمور وأصبحت ليبيا حكومة ومؤسسة واحدة عندها ستصبح العلاقة المصرية الليبية متميزة أكثر فمصر تعرف كيف تبني العلاقات مع دول الجوار.

وأضاف «المريمي»: تعجيل «الدبيبة» في زيارته لمصر نظرًا لأهميتها الكبري ودورها تجاه ليبيا، فهي خطوة إيجابية على اعتبار أن مصر دولة يهمها استقرار وسيادة ليبيا ليعني دلالة بأن ليبيا لن تستغني عن مصر والتأكيد على أن ليبيا ترغب بأن تكون مصر معها في الصورة من البداية في شتي المجالات.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية