رئيس التحرير
عصام كامل

«سوريا تواجه حربًا بالوكالة».. فولكر بيرتس: دمشق تشهد صراعًا على السلطة وليس طائفية.. المتطرفون يتصدرون المشهد بأموال سعودية كويتية.. وقف إطلاق النار يهزم «الإسلاميين».. الأسد أكثر

الخبير الألماني بشئون
الخبير الألماني بشئون الشرق الأوسط فولكر بيرتس

قدم الخبير الألماني بشئون الشرق الأوسط فولكر بيرتس تحليلا للأوضاع في سوريا من خلال لقاء له مع دويتش فيله، حيث تحدث عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الغرب والقوى الإقليمية الأخرى للخروج من الأزمة السورية.

هل تشير تطورات الحرب في سوريا إلى أنها حرب طائفية؟
فولكر بيرتس: لا إنها ليست كذلك. إنه صراع على السلطة في سوريا، على مستوى إقليمي، إذ يمكن للمرء أن يتحدث هنا عن حرب بالوكالة. إنها ليست حربا بين السنة والشيعة، ولكنها حرب بالنيابة بين إيران والسعودية من أجل السيطرة في المنطقة.

كيف تمكنت إذن مجموعات إسلامية مثل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام والقاعدة وأصبحت قوة في سوريا؟
لأنه لا توجد بدائل أساسا أو لأن البدائل الأخرى ضعيفة جدا. لقد توصلت متتبعة جيدة للتطورات في سوريا أن كل الجماعات المقاتلة في سوريا لا تريد ثورة إسلامية، غير أن تلك الجماعات تتلقى تمويلا إسلاميا متطرفا. فبعض الجماعات الإسلامية تلقت الكثير من الأموال من دوائر خاصة في الكويت والسعودية.

أما نصيب الأطراف المعتدلة والديمقراطية فكان جزئيا فقط، وقد خذلت هذه الأطراف من قبل الذين قالوا سابقا إنهم سيقومون بدعمها، ومن بينهم الدول الأوربية كذلك.

هل كان ينبغي على الدول الأوربية تزويد تلك الجماعات المعتدلة بالأسلحة؟
أنا شخصيا غير مقتنع بفكرة التزويد بالسلاح، لأن ذلك يعني إشعال الحرب بشكل أكبر، لكن عندما تقوم دول مثل بريطانيا وفرنسا في الاتحاد الأوربي برفع الحظر عن الأسلحة، فإنها تكون بذلك قد أعطت إشارة التزويد بالسلاح، وعندما لا يحدث ذلك، فإن الشعور بالخيبة يسود.

وهذا يُقوي الانطباع لدى تلك الجماعات المعتدلة أن علاقتها بالغرب لا نفع فيها. لا يتعلق الأمر بالسلاح فقط، بل كذلك بالأموال، بالتجهيزات، وكذلك بالرواتب، لأن العديد من المنتمين للجيش السوري الحر لا يتلقون رواتب، على خلاف القاعدة.

هل هناك توافق بين خطاب الجماعات المختلفة في سوريا وما يقومون به وبين مواقف الداعمين من الخارج؟
كل تلك الجماعات تحاول أن تترك انطباعا ما لدى الداعمين. فالمنتمون إليها يقومون بذلك جزئيا، بحيث يمجدون الأشخاص القياديين الذين يتعاطفون مع هذه الدولة أو تلك. لقد وقع الجيش السوري الحر مبكرا على بيانات تؤكد التزام الجيش الحر بالحقوق الإنسانية للشعب، إنها إشارة موجهة للداعمين المفترضين من الغرب.

كما إن الجماعات التابعة للقاعدة، تقوم بأفعال إجرامية وحشية، ويتم تصورها في شريط فيديو، بهدف جذب مجندين جدد وجمع التبرعات كذلك.

ما هي إذن الإمكانيات المتوفرة للحد من قوى الإسلاميين؟ 
هناك حاجة لوقف إطلاق النار. ففي الوقت الذي ستتوقف فيه الحرب، سيعود دور المجتمع المدني إلى المقدمة، وهذا لا يريد قيام حكومة من القاعدة. فالقاعدة والمجموعات التابعة لها تزدهر حيث يسود العنف والفوضى. لكن عندما تتوقف الحرب سيقل الدعم لتلك المجموعات، وستكون هناك إمكانية تشكيل قوى أخرى.

لكن من يمكنه التفاوض من أجل وقف لإطلاق النار؟
المجتمع الدولي في طور الاستعدادات لمؤتمر جنيف 2، والذي سيتم عقده في مونترو في يناير. سيتواجد هناك ممثلون عن المعارضة وعن النظام، إضافة إلى الداعمين من الخارج. الأمل في التوصل لاتفاق سلام أو لتشكيل حكومة انتقالية، هو أمر مبالغ فيه. لكن من الممكن البدء في عملية سياسية في هذا اللقاء، ومن خلالها يتم وقف لإطلاق النار. ستشعر القاعدة أنها غير ملزمة باحترام ذلك الاتفاق، وهنا نعود لسؤالك الأول: ينبغي على كل الأطراف الدولية التي تدعم اليوم طرفا أو أطراف متعددة في الصراع أن تقول لتلك الأطراف: "لن يتم تزويدكم بالسلاح مجددا، وليس هناك دعم، إذا لم تلتزموا بوقف إطلاق النار.

هل تعتبر أن هذا أمر واقعي، أي أن يكون هناك اتفاق بين كل الفاعلين الدوليين؟
روسيا والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا مقتنعة بذلك. غير أن الأمر صعب بالنسبة للداعمين الإقليميين الأقوياء لنظام الأسد لدى جزء من القيادة الإيرانية. وعلى الجانب الآخر هناك السعودية التي لم تقتنع، حيث يعتقد حكامها أنه يمكن كسب المعركة ضد الأسد عسكريا. السعودية تريد من خلال ذلك تقوية الإسلاميين كذلك. 

هل من الجيد أن تقوم في المستقبل دولة إسلامية في الجوار؟
أحيانا هناك قصر نظر في السياسة كأن يقول البعض: "عدو عدوي هو صديقي. وسندعمه طالما بقي الوضع كذلك. وهذا ينطبق على الغرب أيضا، لقد قمنا لمدة طويلة بدعم قوى في أفغانستان، واليوم أصبحت تلك القوى مشكلة بالنسبة لنا.

هل استفاد نظام الأسد من الدعم المقدم للإسلاميين؟.. فبعض المؤيدين للمعارضة من بين المقاتلين وجزء من الشعب، أصبحوا الآن في صف الأسد؟
في كل الأحوال كان الأمر في صالحه، غير أنه على المرء أن ينظر للأمام، لأنه هو من شجعهم أيضا. لأنه اتخذ قرارا عسكريا كحل للأزمة، في البداية كان الحراك سلميا في سوريا. ثانيا قام النظام بشكل مبكر بالإفراج عن الجهاديين من السجون. 

هل يراهن الأسد على انضمام المعارضة إلى جيشه عندما يتعلق الأمر بالقتال ضد القاعدة؟
هناك مسبقا تحالفات استراتيجية للجيش السوري الحر فيما يتعلق بالقوى المعارضة من بين القاعدة.

إذا لم يتوصل مؤتمر جنيف 2 إلى وقف لإطلاق النار، هل هناك احتمال بشن ضربة عسكرية ضد سوريا؟
أعتقد أن ذلك مستبعد، لأن القوى الدولية لا تريد التورط في سوريا لمدة طويلة. ولن يكون ذلك جيدا، فقد يتحول الوضع إلى ما هو عليه في العراق وأفغانستان. ما يمكن أن يحدث هو القيام بهجمات جوية أمريكية محددة ضد أهداف تابعة للنظام السوري أو القاعدة.
غير أن كل تدخل عسكري ميداني أو إنزال للقوات هو أمر مستبعد. ملاحِظة جيدة للتطورات في سوريا توصلتْ بعد بحث أن كل الجماعات المقاتلة في سوريا لا تريد ثورة إسلامية، لكنهم يتلقون تمويلا إسلاميا متطرفا. بعض الجماعات الإسلامية تلقت الكثير من الأموال من دوائر خاصة في الكويت والسعودية. أما المعتدلون والديمقراطيون فجزئيا فقط، إذ أنه تم خذلانهم من طرف أولئك الذين قالوا إنهم سيدعمونهم، ومنهم الدول الأوربية كذلك.

هل حسب رأيك كان ينبغي على الدول الأوربية تزويد تلك الجماعات المعتدلة بالأسلحة؟
أنا شخصيا غير مقتنع بفكرة التزويد بالسلاح، لأن ذلك يعني إشعال الحرب أكثر، لكن عندما تقوم دول كبريطانيا وفرنسا في الاتحاد الأوربي برفع الحظر عن الأسلحة، فإنها تكون بذلك قد أعطت إشارة أنه سيتم التزويد بالسلاح، وعندما لا يأتي أي شيء، فإنه يسود شعور بالخيبة ما كان ينبغي على المرء إحداثه. وهذا يُقوي الانطباع لدى تلك الجماعات المعتدلة أن علاقتهم بالغرب لا تجلب أي شيء. الأمر لا يتعلق فقط بالسلاح، الأمر يتعلق كذلك بالمال، بالتجهيزات، وكذلك بالرواتب، لأن الكثير من المنتمين للجيش السوري الحر لا يتلقون رواتب، بينما العكس صحيح لدى القاعدة.
الجريدة الرسمية