رئيس التحرير
عصام كامل

انتهازية النقابات


لست مع رفض نقيب المهندسين طارق النبراوي وجود تحالف بين النقابات المهنية لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة. ولست مع وصفه هذا الأمر بأنه انتهازية سياسية. فأمر عادي وطبيعي أن يكون لأي تجمع مهني نقابي مصالح يريد حمايتها أو الحصول على مكاسب عبر وجود برلماني، فهذا أمر منطقي وطبيعي. ( يمكنك قراءة تصريحاته هنا http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=430776&IssueID=3288 ) 

لكن لكي ينجح هذا لابد أن يكون المصالح التي تريد النقابة الدفاع عنها، هي مصالح لكل أعضاء النقابة، بمعني أنها مصالح ومكاسب مهنية فقط لاغير. فعلى سبيل المثال مثلًا الصحفيون كلهم على بعض بكل توجهاتهم لهم مصالح مشتركة. منها مثلًا إنهاء فوضى علاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية. ومنها مثلًا تحسين أجورهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. هذه المصالح تطال الجميع، سواءً كان من اليمين أو اليسار. سواء كان من مؤيدي السيسي أم معارضيه. وهو ما ينطبق على كل النقابات.

هذا ينقلنا إلى تخوف الأستاذ طارق النبراوي وهو محق فيه، وهو الخوف من وقوع النقابات بشكل عام والنقابات المهنية بشكل خاص في مستنقع السياسة. فهذا دمر هذه النقابات حولها إلى ساحة صراع سياسي وتم تدمير دورها النقابي بعد أن ركبها سياسيون لم يجدوا فرصة في العمل السياسي لأن أفقهم كان مسدودًا قبل ثورة يناير. 

فعلى سبيل المثال كانت وما زالت الانتخابات تحكمها التوجهات السياسية، فمرة تقع في حضن الحزب الوطني ومن بعده الإخوان والآن في حضن خصومهم. وفي الأداء النقابي لن تجد فرقًا على الإطلاق بين كل النقباء سواءً كانوا معارضين أو مؤيدين. فأوضاع الصحفيين في كل العهود مزرية.

كما أنه من الوارد أن تخالف النقابات قواعد المهنية بسبب الطموحات شخصية لهذا النقيب أو ذاك، الذي يخوض الانتخابات البرلمانية وفي ظهره آلاف الأصوات من أعضاء نقابته، ربما لأنه فشل في أن يخوضها عبر حزب أو تيار سياسي. وهذا هو التحفظ الثاني الذي أؤيد فيه نقيب المهندسين. لكن لا يمكننا منع الانتهازيين ولا منع من يستغلون غيرهم لتحقيق مكاسب شخصية.

الذي في أيدينا هو ألا نحارب فكرة التحالف لكن نحاول تصويبها، بمعني أن تخوض النقابات الانتخابات سواءً بأعضاء منها يحققون مصالح أعضائها. وإن كنت لا أفضل ذلك. وأفضل أكثر عقد اتفاقات انتخابية مع مرشحين، وفي حالة فوزهم يحققون ما تم الاتفاق عليه للنقابات التي تحالفت معه.

أظن أن هذا لو حدث، فسوف يجعل النقابات بشكل عام قوة تصويتية مؤثرة، انطلاقًا من أنها قوة اجتماعية. وأظن أن هذا سوف يلعب دورًا مؤثرًا في تصويب الأداء السياسي، فسوف ينقله من خانة الشعارات الفضفاضة إلى خانة برامج محددة لخدمة قوى اجتماعية محددة. وهذا سيلعب دورًا مهمًا في النضوج السياسي للجماهير، وأنا أولها، فلا يضحك علينا أحد أو تيار سياسي بشعارات فارغة، يكسب منها الكثير ونخسر نحن كل شىء. 
الجريدة الرسمية