رئيس التحرير
عصام كامل

اغتيال زادة.. شرارة الاشتعال

تمضي الأحداث في منطقتنا في اتجاه ما توقعناه على منصة فيتو في مقال أمس بشأن الاحتمالات القوية لتوجيه ضربة أمريكية، لإسقاط الحلم الإيراني إلى الأبد بتدمير مفاعل نطنز الإيراني. ففى نهار أول أمس وطيلة نهار أمس السبت، تتداعى التقارير متصارعة ما بين طهران وواشنطن وتل أبيب.


خيط البداية كان الاغتيال الغامض الواضح معا لنائب وزير الدفاع ومهندس القنبلة النووية الإيراني اللواء محسن فخرى زادة. قامت فرقة اغتيالات مؤلفة من أربعة أشخاص بتصفيته في العاصمة طهران. ورغم أن التقارير الأولية أشارت إلى تصفية مجموعة الاغتيال إلا أن إيران أعلنت عن القبض على أحد أفراد المجموعة. ولا تفاصيل أخرى بعد عن هذا الشخص، ولا أكدت أية جهة أخرى نبأ القبض عليه.

على الفور سددت إيران أصابع الاتهام إلى الموساد الإسرائيلي. في عشر سنوات يعتبر هذا هو الاغتيال الرابع لعلماء وباحثين كبار في المشروع النووى الإيراني. سبقت تصفية محسن فخرى زاده سلسلة تفجيرات وحرائق غامضة في أنحاء من طهران وأقاليم أخرى طيلة الشهور الست الماضية، اعتبرتها طهران ليست بعيدة عن تدبير اسرائيل أو واشنطن أو كليهما معا. 

ضرب إيران.. المشهد الأخير لرئيس ينزف

الرد الايراني المعتاد هو الانتقام الساحق الماحق، ثم تهدأ النبرة... بعبارات مثل سنحدد وقت الرد ومكانه ونحتفظ بحقنا. يمضي الوقت.. لتهدأ التربة الساخنة.. ذلك كان النموذج المعمول به. مع اغتيال أبي القنبلة النووية الايرانية الأمر مختلف، فهو لا يقتضى الرد الصاعق فحسب، بل هو في الحقيقة المشهد الأول في تسلسل الضربة.

وليست شرارة الاشتعال مرتبطة بما تتداوله الأجنحة الحاكمة في ايران من وجوب التأجيل أو الرد الفورى الحاسم لمعاقبة المعتدين.. لأن شرارة الاشتعال بالفعل بدأتها الدولة الراغبة في الإشعال.. أي متوقعة رد الفعل وتنتظره وربما تسابق عليه بخطوات تصعيدية أعلى وأوسع نطاقا.

وكما أشرنا بالأمس في هذا الموضع ذاته، فإن ترامب، الذي ينزف جراء هزيمة لا يعترف بها حتى اللحظة في انتخابات وصمها بالمزورة، لا يريد ترك المسرح دون ضجيج وهياج، ودون توريط إدارة بايدن في حرب خليجية ممتدة، ترهقه وتجعل بايدن رهينة سلسلة التفاعلات في الخليج . 

من سيوجه الضربة إلى ايران؟ اسرائيل أم امريكا. لا فرق، فالتنسيق والتدبير قائم، والخطط مجهزة منذ عام ٢٠١٨ حين فتح نتنياهو الأرشيف النووى الإيراني بعد الاستيلاء الفعلي لعملاء له على أسرار المشروع النووى الايراني، وكان يحاضر العالم في تفاصيل ما تحت يديه مع تركيز خاص على بيانات وصور كاملة للعالم الإيراني محسن فخرى زادة اغتاله بالفعل بعد عامين وفق الاتهام الإيراني .

احموا أولادكم.. نتفلكس وأفلام المثلية

التوابع ستكون زلزالية لو وقعت الضربة، وحاملة الطائرات نيمتز عادت إلى مياه الخليج، وإسرائيل من جانبها اختبرت هذا الأسبوع اطلاق صواريخ باليستية، تصل العراق وسوريا وايران وأي دولة بالمنطقة. ونعود ونؤكد على أن العواقب ستنال المنظومة الخليجية وتتجاوزها، عسكريا وماديا وانسانيا... واسرائيل بالطبع. ما لم تكن الضربة المرتقبة ضربة إنهاء كامل للقدرات الايرانية وإصابتها بالشلل والارتباك فلا تصد ولا ترد.
 
تاريخ إيران في الحروب يعكس النفس الطويل واللاهوادة. حربهم مع صدام حسين والعراق استمرت ٨ سنوات. أطول من الحرب العالمية الثانية. بضرب المفاعل النووى الايراني.. يحقق ترامب لإسرائيل أقصى أحلامها صعوبة.. وفي الوقت ذاته.. من شأن المواجهة الأمريكية مع إيران أن توسع المسافة وتعمقها، لتصير حفرة هائلة تسقط فيها أية فرصة لانجذاب البيت الأبيض الديمقراطي نحو ايران.. اي استئناف علاقة الغزل التى بدأها أوباما.. 
ومع كل ما سبق أعلاه.. لن يفوت أي متأمل مدى التغلغل الإسرائيلي داخل ايران.. وفي مناطق حساسة من جسدها.
نتابع ونرى..

الجريدة الرسمية