رئيس التحرير
عصام كامل

تأملات فى عيد الحب


يحتفل العالم اليوم بعيد الحب، وربما يقول البعض "هو ده وقته إحنا فاضيين للحب"، وأقول لهم هذا وقته فكل ما نحن فيه بسبب غياب هذا الحب، لقد قامت ثورتنا المجيدة من أجل القضاء على الفساد والفساد ناجم عن الكره والحقد لهذا البلد العظيم ونجحت ثورتنا بالحب بين كل شعب مصر بجناحيه المسلمين والمسيحيين وأجنحته المتمثلة فى كل التيارات السياسية التى تحالفت على هدف واحد وحملت شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية"، ولن يتحقق هذا إلا بمحاربة الفساد ولن يتم القضاء على الفساد إلا بمحاربة الكره والاستعداء للآخر.

نسينا الهدف الأسمى وبدأنا ننظر تحت أقدامنا فقط، كل يبحث عن ضالته وهدفه فقط وضاع الهدف الأعظم وسط الزحام ومن أجل هذا أدعو للعودة للحب، ومن هذا المنطلق حاورت الدكتورة ناهد نصر الدين عزت كيف ننشد الحب والجمال فى هذه الأيام؟ فأشارت لأهمية الجمال للإنسان بوصفه مخلوقا يعشق الجمال فى جميع صوره سواء كان جمال الشكل أو النفس والقلب والذى نجده فى دفء المشاعر والسلوكيات الإيجابية أو جمال عقلى نراه فى رجاحة العقل وحسن الإدراك.
وبهذا الجمال يمكننا مواجهة كل ظواهر القبح فى المجتمع المتمثلة فى العشوائية والفوضى والانهيار الخلقى والسلوكى الذى ظهر بصور مختلفة بعد ثورة يناير المجيدة نتيجة الفراغ الأمنى وغياب قوة الردع وضياع الحقوق ومحاولة إضعاف المؤسسات الأمنية، ولعلاج كل هذا يجب النظر فى المنظومة الجمالية للمجتمع سواء الجمال المرئى فى البيئة من حدائق وشواطئ ومنتجعات ومتاحف وآثار مختلفة وتأسيس التربية الجمالية والإحساس بالجمال والتذوق الجمالى خاصة عند الطفل والشباب والنظر إلى الحياة نظرة إيجابية وإعادة اكتشاف ما لدينا من مواهب وقدرات تساعدنا على إعادة بناء الذات والمجتمع على حد سواء.
وأكدت أن الأزمة الحالية هى أزمة ضمير ساعد عليها امتلاء القلوب بالكره والقبح وأن جوهر الجمال هو تحقيق التوزان فى المشاعر والأحاسيس والحكم على الأمور بطريقة صحيحة دون مغالاة أو مبالغة تدفع الإنسان إلى التصرف بعنف، ونتيجة عدم المصارحة مع النفس نتجت حالة الكراهية للآخر ورفض الآخر الذى يعانى منها المجتمع المصرى حالياً.
ورجعت لتاريخنا العظيم منذ آلاف السنين فوجدت أجدادنا العظماء صنعوا حضارتهم بالحب ونقشوه على جدارن المقابر، وقد سألت صديقى أشرف السنوسى أمين متحف كوم أوشيم بالفيوم هل عرف المصريون القدماء الحب؟ فأوضح أن المصريين القدماء سجلوا معانى الحب على لوحتين أثريتين اكتشفتا بمقبرة سوبك حتب المشرف على البيت المالك بمنطقة آثار هوارة بالفيوم عام 1974 تشيرا لمدى حب واحترام المصرى القديم لأهل بيته سواء أمه أو زوجته أو بناته.
ولذلك نحن فى حاجة لإصلاح الضمير ونقاء القلوب ونزع ما علق بها من كره ربما يتحول فى وقت من الأوقات لكره لأنفسنا بل حقيقة نحن نكره الآن أنفسنا، فكرهنا لمن يعيش معنا على نفس الأرض ويأكل من خيرها ويشرب من نيلها ويتظلل بسمائها وينعم بدفئها هو كره لأنفسنا وبالعودة للحب سنعود للحق فالحب هو المرادف للحق والخير والجمال.







الجريدة الرسمية