رئيس التحرير
عصام كامل

زغاريد ورقص الاستفتاء!!


ظاهرة لفتت أنظار الجميع في الداخل والخارج، وطرحت أسئلة كثيرة لم يهتم الكثيرون بالإجابة عنها قدر اهتمامهم بمجرد الرصد فقط!!.. لماذا تزغرد المرأة المصرية وهي تمارس عملية سياسية مهمة، الاستفتاء على الدستور، كانت فيها الرقم الأصعب واللافت للنظر رغم نسبة الأمية العالية بين قطاع كبير منها؟ ولماذا تخلت المرأة المصرية عن خجلها المعروف ورقصت في الشارع وأمام لجان الاستفتاء وشاركها الرقص رجال غرباء ربما لا تعرفهم ولم ترهم من قبل وتصادف وجودهم أمام اللجان؟ لماذا تخلت المرأة عن كل هذا ولم تعبأ بصورة تلتقطها كاميرا صحفي أو عدسة كاميرا فضائية فيراها المشاهدون ليلا في برامج التوك شو لتنقلها كل مواقع التواصل الاجتماعي وما أدرانا بمواقع التواصل الاجتماع ؟ لماذا تخلت المرأة المصرية عن كل هذا الحذر المعروف عنها في مجتمع شرقي مثل مجتمعنا ولم تعر اهتماما لأحد؟

الأجوبة عن كل هذه الأسئلة ربما تختلف عن المعنى الحقيقي الذي تشعر به المرأة المصرية وهي تؤدي هذا الدور الوطني الرائع في مرحلة فاصلة من تاريخ مصر، وربما يفشل خبراء وعلماء النفس والاجتماع في تفسير هذه الظاهرة، وربما تظل الإجابة الحقيقية سرا من أسرار المرأة المصرية الذي نعجز عن فهمه والذي يبرز مع كل لحظة خطر تتعرض لها مصر، وربما لأن أول امرأة ملكة في التاريخ كانت مصرية، وكانت المرأة المصرية في صدارة مشهد ثورة 1919، وهذا ما يفسر لماذا كانت المرأة حاضرة بقوة في ثورة يناير وفي 30 يونيو وفي 3 يوليو وفي 26 يوليو وفي يومي 14 و15 يناير بشكل ملحوظ!! 

في تقديري أن زغاريد المرأة ورقصها أمام اللجان وفي الشارع رسالة قوية وواضحة ليست فقط تأييدا للدستور أو فرحا بالموافقة بنعم عليه لكنه إدراك عال وواع بالخوف على الدولة المصرية وفرح بإحساسها بقيمة المشاركة التي تساهم بقدر كبير في عودة الدولة مرة أخرى والمدهش أن غالبية ردود المرأة عن سؤال: لماذا تشاركين في الاستفتاء؟ تكون الإجابة هي "عشان مصر" بكل ما تحمله الجملة من معنى، والدهشة الأكبر عندما تضيف "وعايزين السيسي كمان ينزل ويبقى رئيس" بما يعني أن المرأة المصرية تدرك أيضا خطورة المرحلة وحجم التحديات التي تواجه مصر وترى في السيسي رجلا يستطيع قيادة سفينة الوطن في بحر متلاطم الأمواج ومما يؤكد ذلك قولها "إحنا نزلنا من أجل السيسي لأنه طلب منا النزول".

مشاهد المرأة المصرية في هذا الاستفتاء تدعو للفخر وكلماتها البسيطة المعبرة دروس للمرأة في العالم كله فقد خرجت بصعوبة تتوكأ على زوج أو ابن أو جار لتشارك، وخرجت وهي قعيدة على كرسي متحرك لتشارك، وحملها جندي من جنود جيشنا الوطني ليوصلها إلى اللجنة لتشارك، ووقفت في طوابير طويلة بالساعات لتشارك، وتحملت عناء الوقوف وهي تحمل وليدها فوق كتفها لتشارك، وفي كل هذه الحالات أطلقت الزغاريد ورقصت فرحا وابتهاجا لأنها تشارك .. 

رغم كل هذا لم أصل لسبب حقيقي لماذا كانت تزغرد وترقص وهي تمارس عملية سياسية بالدرجة الأولى .. تحية للمرأة المصرية أينما كانت لأنها ستظل الرقم الأصعب في معادلة السياسة المصرية.. وهي تستحق.
Elazizi10@gmail.com 
الجريدة الرسمية