رئيس التحرير
عصام كامل

المهندس هاني عازر.. الجدع جدع

المهندس هاني عازر
المهندس هاني عازر

>> أنشأ نفق مترو "دورتموند" عام 1979.. وطور محطات سكك حديد برلين في 2006
>> لقبه الألمان بـ "أبوالهول".. ومنحته "ميركل" وسام الجمهورية الألمانية



الشعور بالفخر والكبرياء دائما ما يداعب المصريين كلما جاءت سيرة علماء مصر الذين أبهروا أعتى دول العالم بإنجازاتهم، من أمثال أحمد زويل وفاروق الباز، ورغم أن القائمة تضم أسماء عديدة في مختلف المجالات، لكن يبقى اسم "هاني عازر" - أسطورة الأنفاق والتشييد - واحدا من أبناء "أم الدنيا" الذين شرفوها في أوربا عن طريق تشييد أنفاق المترو والقطارات في ألمانيا.

المهندس القبطى الذي لمع نجمه في سماء الجميلة "برلين" حتى صار في مقدمة أشهر 50 شخصية في ألمانيا، ولد في طنطا عام 1948، وقدم إلى القاهرة للالتحاق بالمدرسة الثانوية ثم الجامعة، وفي عام 1973 عقب تخرجه فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس سافر إلى ألمانيا ليدرس الهندسة المدنية في بوخوم.

ورغم كونه "مسيحيا" إلا أنه يؤكد عدم شعوره أبدًا بالفرق بين إخوانه المسلمين، فقال إن 99% من أصدقائه الذين لا يزال يذكرهم مسلمون، وواحد منهم فقط كان مسيحيًا.

رحلة كفاح عازر بدأت بتشييد نفق مترو "دورتموند" عام 1979، مرورًا بمحطة سكك حديد برلين في 2006، والتي باتت منذ ذلك التاريخ أهم محطة قطارات في أوربا والعالم، ولبراعته بات الألمان لا يناقشونه فيما يقول.

ودائمًا ما يردد "عازر" مقولة "لا شىء مستحيل، ولا شىء لا يمكن القيام به، بكثير من الصبر وكثير من الإرادة والعمل يصبح الحلم واقعًا"، لذا يشبهونه في ألمانيا بأبى الهول ويؤمنون على كل ما يعلنه قائلين "هكذا قال هانى عازر"، فهو الذي صار كبير المهندسين لأكبر محطات القطارات في أوربا "ليتر بانهوف" في برلين بعد أن ترأس فريق بناء نفق "تيرجارتن" تحت برلين عام 1994.

من أهم إنجازاته تنفيذ مشروع تطوير محطات سكك حديد برلين، بعد أن فشل المهندسون الألمان في تنفيذه، ومواجهة مشاكل التربة التي واجهوها على مدى 7 سنوات حتى تسلم هو قيادة المشروع عام 2001، ويكفى أنه حول مجرى نهر "سبراى" الذي يمر في قلب برلين 70 مترًا، وحفر الأنفاق تحته ثم أعاد النهر لمجراه الأول دون أن تتأثر حركة النهر، ليس هذا فحسب بل إنه قام ببناء برج إدارى في المحطة بطول 70 مترًا بشكل رأسى، ثم أماله ليأخذ الشكل الأفقى حتى يمر بالعرض فوق خط القطارات الرابطة بين شرق وغرب ألمانيا.

المهندس هانى عازر الذي وصل ألمانيا عام 1974 خائفًا من المجهول، واستمر في رحلة التحدى هناك أكثر من 36 سنة، وكان على موعد مع التكريم على يد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في 26 مايو 2006 أثناء افتتاح محطة برلين للقطارات، تقديرا لجهوده في خدمة الدولة الألمانية، فمنحته وسام الجمهورية الألمانية، ولم تمر 4 شهور حتى كرمه الرئيس الأسبق حسني مبارك في أول أكتوبر من نفس العام.

وفي لقائه الشهير بجريدة المصري اليوم، أفصح عازر عن أول نفق نفذه، قائلا: "كان تقريبا عام 1979 في منطقة دورتموند، حيث كنت حديث التخرج في جامعة بوخوم، ولتفوقى أخذتنى شركة "بولنسكى" وكانت لدينا مهمة حفر نفق يمر فيه مترو دورتموند، وكانت مهمة صعبة لأن الأرض هناك أرض مناجم فحم، بمعنى أنه تكثر بها الانهيارات لكونها تربة غير مستقرة، لكن توصلت إلى حلها عن طريق إنشاء نفق من حديد بنفس فكرة عمل آلة الأكورديون الموسيقية مصمم بشكل يعتمد على المرونة التي تراعى اهتزاز الأرض خلال مرور القطارات بها، وكانت أول مرة تستخدم فيها تلك التقنية في ألمانيا، فلفتت إلىّ الأنظار، وبعدها شاركت في تنفيذ العديد من المشاريع المهمة في برلين منها مطار برلين".

دوى إنجاز أسطورة الأنفاق دفع الحكومة الألمانية إلى الاستعانة بخدماته بعيدا عن الشركة، فكلفته بتشييد أنفاق قطارات السكك الحديدية، ولم يخب آمالها لكن الانتهاء من عمل هذه الأنفاق كلفه الكثير من العناء، حتى إنه قال عنها "أشعر بالتعب الذي مر علىّ وكم الضغط الذي عانيته للانتهاء منها في الوقت المحدد الذي أعلنته الحكومة الألمانية قبل استضافة ألمانيا بطولة كأس العالم لكرة القدم وقتها ".

لم تغير عازر الغربة والأجواء التي عايشها في ألمانيا، بل ظل يتباهي بمصريته، وهو ما يبدو في حديثه " أنا مصرى ابن مصرى، وحفيد مصريين عقلًا وروحًا، منحتنى ألمانيا علمها والفرصة للعيش والنجاح بها، ولكننى ولدت وتربيت وعشت في مصر، وأكلت وشربت وتعلمت في مدارسها وجامعاتها، وأغلى ذكرياتى لا تزال هناك بأماكنها وأشخاصها"، مؤكدًا أنه دائمًا ما يتذكر ذكرياته الجميلة في مصر مع جيرانه ووالده وأصدقائه.

عازر كان دائمًا ما يعبر عن اشتياقه للعودة إلى مصر، وافتتاح مشروع هندسي فيها، ولكن ازدحامها وحياة الفوضي التي تعج بها أخافه وجعله مترددًا في أخذ القرار، لذلك قال "من عاش حياة الغربة مثلى، يدرك أنه بات مقسما بين مكانين لا يعلم لأيهما ينتمى أكثر، فعندما أزور مصر وأرى ازدحامها وسلوكيات الفوضى من بعض الناس في الطريق والحياة أتساءل: كيف يمكننى التكيف الآن مع ذلك ؟!، وأعود لألمانيا".
الجريدة الرسمية