رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة تراخيص العيادات الخاصة تتصاعد.. الشروط إعجازية بالأرياف.. ارتفاع الإيجار عقبة أمام شباب الأطباء.. الأزمة تدفع 30 ألف طبيب شاب للهجرة

تراخيص العيادات صداع
تراخيص العيادات صداع في رؤوس الأطباء، فيتو
18 حجم الخط

 

في الوقت الذي تتصاعد فيه الحاجة إلى الخدمات الطبية المتخصصة في المناطق الريفية والقرى النائية، يواجه شباب الأطباء الراغبون في فتح عياداتهم الخاصة جدارًا من التعقيدات الإدارية والمالية التي تعوق طموحاتهم وتهدد بتفاقم أزمة نقص الرعاية الصحية.

صعوبات بيروقراطية

وفي هذا الإطار تلقت النقابة العامة للأطباء مؤخرًا سيلًا من الشكاوى التي تسلط الضوء على الصعوبات البيروقراطية غير المبررة التي تفرضها المحليات وجهات البيئة على تراخيص العيادات الطبية.

 وتؤكد النقابة أن هذه الاشتراطات غير الواقعية لا تتناسب مع طبيعة الأرياف، وتشكل عائقًا رئيسيًا أمام شباب الأطباء، وتدفعهم في نهاية المطاف إلى خيار الهجرة بحثًا عن بيئة عمل أكثر يسرًا.

وعلى الرغم من إدراك وزارة الصحة لأبعاد الأزمة وتقديمها مشروع قانون جديد لتنظيم تراخيص المنشآت الطبية الخاصة منذ أكثر من عام، إلا أن القانون ظل حبيس الأدراج بسبب اعتراضات نقابة الأطباء على بعض مواده في ذلك الوقت.

و في هذا التقرير، تكشف "فيتو" أبعاد الأزمة الحالية عبر لقاءات  مع عدد من الأطباء المتضررين ومسؤولي النقابة، لاستعراض التحديات التي تواجه القطاع الطبي في الأرياف، والمطالب الملحة بضرورة تبسيط الإجراءات ووضع اشتراطات واقعية تضمن مصلحة الطبيب والمريض معًا.

تعقيدات إدارية ومالية

وحذر الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء، من أن استمرار التعقيدات الإدارية والمالية التي تواجه شباب الأطباء في فتح عياداتهم في القرى والأرياف، ينذر بـ "أزمة حقيقية" في توفير الخدمة الصحية للمواطنين، ويزيد بشكل مباشر من وتيرة هجرة الكفاءات الطبية.

70 % من الخدمات الطبية للمصريين تُقدم عبر القطاع الخاص

وفي حديث لـ "فيتو"، أكد القاضي أن الواقع الصحي في مصر يتطلب التعامل بجدية مع ملف العيادات الخاصة، مشيرًا إلى أن حوالي 70% من الخدمات الطبية للمصريين تُقدم عبر القطاع الخاص. 

وشدد على أن أي تشدد غير مدروس في إجراءات الترخيص يتحول إلى عبء مباشر يقع على عاتق المريض قبل الطبيب.

وأوضح أمين صندوق النقابة أن النقاش حول هذا الملف لا يهدف فقط للدفاع عن الأطباء، بل لتحقيق مصلحة مشتركة للطبيب والمريض وضمان استمرارية الخدمة الصحية. 

وبيّن أن شباب الأطباء يواجهون معضلة في ظل القوانين الحالية، خاصة قانون المسؤولية الطبية، الذي يجعل العمل في مكان غير مرخص "خطأ جسيمًا" قد يؤدي إلى الحبس وعقوبات مشددة.

وأضاف القاضي: "الطبيب يجد نفسه أمام خيارين؛ إما الدخول في متاهة التراخيص المعقدة والمكلفة، أو الهجرة للخارج حيث تتوافر بيئة عمل أكثر استقرارًا ووضوحًا"، مؤكدًا: "الطبيب يهاجر لأنه لا يشعر بالأمان المهني ولا يجد بيئة جاذبة للعمل".

وتطرق القاضي إلى اشتراط أن تكون العيادات الطبية في أماكن إدارية وليست سكنية، معتبرًا أن هذا الشرط غير قابل للتطبيق في القرى والنجوع ومعظم محافظات مصر القديمة. 

وتساءل: "كيف نطلب من طبيب في قرية أو نجع أن يفتح عيادة في مكان إداري غير موجود من الأساس؟".

وأشار إلى أن الأماكن الإدارية المتاحة، إن وُجدت، تكون بتكاليف إيجارية مرتفعة جدًا لا يستطيع شباب الأطباء تحملها، مما يحرم آلاف المواطنين في مناطقهم من الحصول على الخدمة الطبية الأساسية.

كما سلط القاضي الضوء على اشتراطات الحماية المدنية والبيئة، مؤكدًا أنها تمثل عقبة كبيرة بسبب اختلافها من محافظة لأخرى دون معايير موحدة. 

وشدد على ضرورة أن تكون الاشتراطات متناسبة مع طبيعة وحجم الخدمة؛ فطبيب الباطنة أو الأطفال الذي يستخدم "سماعة وسرير كشف" لا يمكن معاملته كمركز طبي كبير أو مستشفى.

وكشف أن الأعباء المالية التي يواجهها الطبيب تشمل: رسوم الحماية المدنية، واشتراطات البيئة، ورسوم المحليات، ورسوم اللافتات، والضرائب والنظافة، بالإضافة إلى تكاليف الإيجار والتجهيز.

وانتقد بشكل خاص تحصيل رسوم على لافتة العيادة رغم كونها شرطًا أساسيًا للترخيص نفسه.

وأكد أمين صندوق نقابة الأطباء على الأهمية الحيوية للعيادات الخاصة، التي تمثل عنصرًا أساسيًا في تقديم الرعاية الصحية بالمناطق النائية، حيث تفصل بعض القرى عشرات الكيلومترات عن أقرب مستشفى. 

وقال إن وجود عيادة قد "ينقذ حياة مريض" بتقديم الإسعافات الأولية والتشخيص المبكر.

وفي ظل الزيادة السكانية المستمرة، تساءل القاضي عن كيفية تلبية الاحتياجات المتزايدة للخدمات الطبية في ظل تضييق إجراءات الترخيص. 

واختتم حديثه بالتأكيد بأن النقابة ليست ضد التنظيم، لكنها تطالب بإجراءات واقعية قابلة للتطبيق ووضع اشتراطات عادلة، داعيًا إلى الاعتراف بوجود المشكلة كخطوة أولى نحو خلق بيئة جاذبة للطبيب وضمان وصول الخدمة الطبية للمواطن أينما كان.

من جانبه أكد الدكتور جمال عميرة، وكيل نقابة الأطباء، أن ملف تراخيص العيادات الطبية الخاصة هو "الأكثر تعقيدًا" في المنظومة الصحية، مشيرًا إلى أن الأطباء الشباب يواجهون صعوبات إدارية، ومالية، وتشريعية ضخمة تعوق قدرتهم على افتتاح عياداتهم، خاصة في القرى والأرياف والمناطق النائية.

وأوضح عميرة أن الطبيب الراغب في فتح عيادة خاصة يصطدم في البداية بـ "سلسلة طويلة من الإجراءات الإدارية" تشمل الحصول على موافقات من الدفاع المدني والمحافظة ونقابة الأطباء وإدارة العلاج الحر بوزارة الصحة. 

ووصف هذه الإجراءات بأنها تستغرق وقتًا طويلًا ومجهودًا كبيرًا، فضلًا عن تكلفتها المادية، مما يشكل عبئًا حقيقيًا على الطبيب في بداية حياته المهنية.

وأضاف وكيل النقابة أن التحدي الأكبر يمتد إلى الواقع الاقتصادي الصعب، مشيرًا إلى أن أسعار تأجير وشراء العيادات ارتفعت بشكل كبير، ولم تعد في متناول شباب الأطباء. 

وأوضح أن راتب الطبيب حديث التخرج لا يتجاوز 5 آلاف جنيه، بينما أقل إيجار لعيادة بسيطة في منطقة شعبية لا يقل عن 5 آلاف جنيه وقد يتطلب المشاركة، ويصبح الوضع أكثر صعوبة في المباني الإدارية حيث ترتفع الإيجارات لمبالغ باهظة.

وتطرق عميرة إلى اشتراطات مشروع قانون تراخيص المنشآت الطبية الخاصة - الذي لم يصدر حتى الآن بسبب اعتراضات النقابة - موضحًا أنه يتضمن متطلبات يصعب تطبيقها على أرض الواقع، مثل:وجود مدخل خاص للعيادة وأن تكون العيادة في مبنى إداري واستيفاء جميع اشتراطات الدفاع المدني والإطفاء ووجود شارع يسمح بمرور سيارات الإسعاف والإطفاء.

وأكد أن هذه الاشتراطات قد تكون ممكنة في المدن الجديدة، لكنها "غير واقعية" في القرى والنجوع والمراكز التي تتميز بالشوارع الضيقة والمباني القديمة، مضيفًا: "من الصعب جدًا على منشآت طبية قائمة بالفعل أن تستوفي هذه الشروط، خصوصًا اشتراط المدخل الخاص أو الفصل الكامل عن المبنى".

وأشار عميرة إلى أن القانون الجديد، حتى لو صدر، "لن يقضي على ظاهرة الدخلاء أو منتحلي صفة الطبيب"، مؤكدًا أن هذه الظاهرة تستغل ضعف الرقابة وتعتمد على وضع لافتة دون ترخيص، وأن العقوبات الحالية غير رادعة.

وكشف عن مناقشات تمت مع وزارة الصحة للتوصل إلى توافق على أن تستمر العيادات والمراكز القديمة في القرى والمناطق الصغيرة بالوضع القائم دون تغيير، وأن تطبق الاشتراطات الجديدة فقط على المنشآت التي ستُنشأ مستقبلًا.

40 %  من الأطباء المصريين يعملون خارج البلاد

وأكد وكيل النقابة أن نحو 40%  من الأطباء المصريين يعملون خارج البلاد، وأن السنوات الأخيرة شهدت هجرة ما يقرب من 30 ألف طبيب شاب، مما أدى إلى نقص واضح في الأعداد. 

وفي مواجهة هذا النقص والضغط على المستشفيات الحكومية، أشار عميرة إلى فكرة طرحتها وزارة الصحة لتشغيل الوحدات الصحية والمستشفيات الحكومية فترة مسائية، بحيث يعمل فيها الطبيب الشاب بعد الظهر مقابل أسعار مناسبة للمواطنين.

ووصف هذه الفكرة بأنها "حل عملي" يتيح للطبيب العمل في مكان واحد صباحًا ومساءً دون تحمل أعباء إيجار ورسوم عيادة خاصة، ويخدم المواطنين بأسعار أقل.

 

وشدد الدكتور عميرة على أن حل أزمة العيادات يتطلب تقديم بدائل واقعية، تشمل: تبسيط إجراءات الترخيص، ومراعاة ظروف القرى والمناطق النائية، ودعم العمل بالفترات المسائية داخل المستشفيات، وتخفيف الأعباء المالية على الطبيب الشاب. 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية