رئيس التحرير
عصام كامل

هل تشعر بالخجل لأنك صحفي؟!

18 حجم الخط

في وقت ما، كنا نحن –معشر الصحفيين– ننتهز أي فرصة لنفصح عن هويتنا، خاصة بعد أن نمتلك شرعية ممارسة هذه المهنة، والمتمثلة في كارنيه عضوية نقابة الصحفيين.. في ذلك الوقت –زمن الفخر بالمهنة– كانت مصادر الإنفاق على الصحف والمؤسسات معروفة ومفهومة.. 

فكان جزء من هذا الإنفاق تغطيه عوائد التوزيع، أي ثمن النسخ التي يشتريها القراء وهذا كان مصدرا آخرا للفخر بالمهنة، فيكفيك فخرا أن تشاهد موظفا بسيطا، أو طالبا يقتطع من دخله جزءا يدفعه ثمنا للصحيفة أوالمجلة التي تكتب فيها، نعم كان الناس -في وقت ما- يدفعون نقودا لاقتناء الصحف.. تخيلوا؟!


أما المصدر الثاني للإنفاق على الصحافة  فهو إعلانات الشركات ورجال الأعمال، والفضل في تنشيط هذه الإعلانات كان عائدا أيضا لسيدنا القاريء الذي يشتري الصحيفة، لأن المعلن -كما هو معروف- لن يضع إعلانه إلا في صحيفة أو مجلة توزع عددا كبيرا من النسخ.. 

ونخلص من كل هذه المعادلات بحقيقة واحدة هي أن القاريء كان هو المصدر الأساسي لتمويل الصحافة، وبالتبعية يكون هو المالك الحقيقي للمؤسسة وهو الذي يدفع رواتب الصحفيين، سواء بشكل مباشر بشراء نسخ الصحيفة، أو بشكل غير مباشر بدعم رصيدها الأدبي وقيمتها كوسيلة تأثير عند المعلنين.


ومرت السنون، وجرت في النهر مياها كثيرة، حتى ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي واحتلت الصدارة لتصبح -في وقت قصير نسبيا- هي المصدر الرئيسي للمعرفة.. وحتى تجاري المؤسسات الصحفية هذه الموجة العاتية، كان من الضروي أن يصبح لكل صحيفة –خاصة لو كانت إلكترونية– صفحات على مواقع التواصل.. 

ووجدت الصحف نفسها مضطرة للتعامل مع السوشيال ميديا بقوانينها، التي لا تعرف شيئا عن أصول المهنة ولا مواثيق الشرف، وتؤمن بمبدأ واحد هو اصطياد المتصفحين بأي وسيلة، وهنا تحول القاريء الذي كان ينفق على الصحف –كما أوضحنا– إلى زبون علينا أن نصطاده من فضاء الإنترنت، ونقنعه بالضغط على لينك الخبر أو المقال، ليتحول في لحظة من مالك للصحيفة إلى زائر للموقع!


وبخلاف المواقع الصحفية المعروفة والمرخصة، ازدحمت مواقع التواصل بمئات الصفحات التي تدار كل صفحة منها باعتبارها صحيفة حرة مستقلة، ولن يتكلف صاحبها لإنشائها شيئا سوى أن يمتلك عنوان بريد إلكتروني فقط لا غير.


ولو بحثنا عن مثال حديث لتلك الفوضى الإعلامية، لن نجد مثالا أوضح من خبر طلاق الفنان كريم محمود عبدالعزيز من زوجته، وشائعة ارتباطه بعلاقة مع فنانة شهيرة.

والأصل في علاقات الزواج والانفصال أنها مسائل شخصية، يجب أن يكون الصحفي حذرا في تناولها أو حتى الاقتراب منها، ليس احتراما لخصوصية أطرافها فحسب، وإنما لأن القاريء –الذي تحول من مالك إلى زائر لو تذكرون– له كامل الحق في المعرفة، وهو مبدأ تعمل الصحافة لخدمته من الأساس، لكن حقه في المعرفة لا ينسحب على علاقات الحب والزواج والطلاق.. 

فهي أمور تخص أطرافها، وليس له دخل بها، ولو أردنا الصراحة فلابد أن نعترف بأننا نهدر حق هذا القاريء في المعرفة في أمور أكثر أهمية وخطورة من زواج أو طلاق كريم محمود عبدالعزيز.


ولسنا بحاجة إلى الإشارة لأفراح المشاهير وجنازاتهم أيضا للتدليل على أننا نعيش أسوأ الفترات في عمر مهنتنا التي كانت في وقت ما مدعاة للفخر! لأن ما يحدث في تلك المناسبات هو أشهر وأقسى من أن نشير إليه في فقرة عابرة من المقال..

وهو ما دعا بعض الفنانين –منهم السيناريست عمرو محمود ياسين والفنان محمد علي رزق– إلى إصدار بيانات تطالب مؤسسات الدولة ونقابة الصحفيين بالتدخل للحد من هذه الفوضى الإعلامية!


وبلغة أهل القانون هناك شيوع للاتهام وهو دفع قانوني يستغله المحامون لتبرئة المتهمين في بعض قضايا الضرب، عندما تكون التهمة شائعة بين عدد كبير من المتهمين، ومن ثم لا يستطيع القاضي الاطمئنان لتوجيه الاتهام إلى شخص بعينه من بينهم.. 

ونحن هنا في نفس الموقف، فنحن لا نرى على الشاشات سوى عشرات الأشخاص يرفعون هواتفهم المحمولة للتصوير، ولا يمكننا بالطبع فرزهؤلاء للتفرقة بين صحفي  يمارس مهنته وأدمن  صفحة على السوشيال ميديا من هؤلاء الذين يسترزقون من فيديوهات تركز على لقطة مثيرة هنا أو فخذ فنانة هناك، خاصة في حفلات المهرجانات الفنية، وطبقا للمثل الشعبي الصعيدي اختلط "أبو قرش" مع "أبو قرشين"!


نعم هناك شيوع للتهمة، لكن الجميع -الكبار والصغار- متورطون، وقد ضبطت -أنا- موقعا لصحيفة كبرى، يشارك في اصطياد الباحثين عن تطورات قصة الفنانة المشهورة، عبر عنوان على السوشيال ميديا يقول" أول رد فعل من الفنانة المشهورة على طلاق كريم محمود عبدالعزيز"..

ولأني أثق في الصحيفة وموقعها، فتحت الخبر، لأجد المتن خاليا تماما من مضمون عنوانه، وإنما يوضح الخبر أن الفنانة نشرت على صفحتها أخبار العمل الفني الجديد الذي تقوم ببطولته، وتجاهلت -هكذا يقول الخبر- التعليق على شائعات ارتباطها بكريم محمود عبدالعزيز!


هذا مثال ليس سوى نقطة في بحر، من عشرات، إن لم يكن مئات الأخبار المشابهة التي لا تحتوي على أي مضمون ولا تستهدف سوى اصطياد الزبون ليضغط على اللينك!


قد تسألني عن الحل، وهذا حقك، ولكنني لا أملك حلا، وأخاف عادةً من جملة "وضع الضوابط" لأن سمعة تلك الضوابط -وفقا لسوابق كثيرة- ليست فوق مستوى الشبهات، وقد يتم استغلالها لتمرير المزيد من قوانين تضيق هامش الحرية أكثر وأكثر!
أرى في هذه الأزمة ما يستحق الكلام والكتابة، والتباحث، بل وعقد المؤتمرات، لأن من حق أبناء هذه المهنة أن يستعيدوا شعورهم بالفخر كلما سألهم سائل عن مهنتهم، وحتى يتم ذلك -إن تم- فأنا للأسف أصبحت أخجل من مهنتي!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية