ثروت عكاشة أول وزير ثقافة في مصر يروي تفاصيل إنقاذ معبدي أبي سمبل من الغرق في النيل بانتزاعهما من بطن الجبل.. الوزير نجح في إقناع اليونسكو بالمساهمة في نقل المعبدين
في مثل هذا اليوم تم إنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق بعد أن تم نقله بمساهمة من منظمة اليونسكو العالمية. وحول ذكريات تلك الأيام، كتب الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق، وصاحب فكرة إنقاذ المعبدين، فكتب مقالا أعادت نشره مجلة “صباح الخير” عام 2018، يقول فيه:
"رأيت في أحد الأيام أن أزور معبدي أبو سمبل مصطحبا معي الدكتور أحمد بدوي كبير مهندسي الآثار، وقد فزعت عندما اكتشفت أن ما كان يجري على أرض النوبة كان مجرد تسجيل وتوثيق هذه المعابد، أحسستُ بهول المأساة، وانتابني الذعر إذ كيف يُترك هذا التراث لتغمره مياه النيل؟!، وكانت وزارة الثقافة وليدة عمرها ثمانية أشهر.

كان معي خلال الجولة كتاب شائق للأديب الفرنسي "بيير لوتي" عنوانه "موت فيلة" صدر عام 1907، وهو يفزع لما نال هذا التراث من غمر المياه له بعد أن شيد خزان أسوان، ويناشد المثقفين المصريين بأن يهبوا للذود عن تراثهم، متخذا من غرق جزيرة فيلة رمزا لموت مصر القديمة وإيذانا بنهاية هذه الأمة.
معالم من تراث الماضي
كان المفروض أن تقوم وراء السد العالي بحيرة صناعية تمتد ويرتفع منسوب المياه 180 مترا فوق سطح البحر، وكان معنى هذا أن تغمر مياه البحيرة الجديدة جميع آثار بلاد النوبة، ولم يكن لمعبدي أبو سمبل ــ وهما أكثر معابد المنطقة ارتفاعا ــ أن يفلتا من هذا المصير الموجع، هكذا كانت الصورة أواخر عام 1958، كيف لثورة يوليو أن تشتري رخاء المستقبل بالتفريط في معالم خالدة من تراث الماضي؟!.

يقول ثروت عكاشة: تساءلت بيني وبين نفسي؛ هل يمكن أن يكون لليونسكو أن يكون لها دور في إنقاذ آثارنا؟ وعلى الفور اتصلت بمدير اليونسكو، وحدد لي موعدا أن يلقاني في مطلع يناير 1959 بالقاهرة، وتقابلنا وكنت شديد القلق وأنا اقترح عليه أن تعد منظمة اليونسكو حملة دولية لإنقاذ هذه الآثار تجمع فيها المساهمات المادية والعلمية، موضحا له استعداد مصر تحمل نصيب مناسب في هذه العملية الإنشائية، ووجدت منه الاستعداد المبدئي للمشاركة.
اقتناع مدير اليونسكو بالمشروع
استمهلني مدير اليونسكو ثمانية وأربعين ساعة ليعرض فيها اقتراحي على السنيور فيتورينو فيرونيزي المدير العام لليونسكو، وفجأة جاءتني مكالمة من السنيور فيتورينو يزف إليَّ نبأ اقتناعه بالمشروع، وعرضه على مجلس اليونسكو إذا ما تسلم طلبا رسميا من الحكومة المصرية، أعددنا الخطاب وتم إرساله، وجاءني الرد، وتسلمت رسالة من مدير اليونسكو أواخر يناير 1959، يبلغني فيها رسميا استعداد منظمة اليونسكو للقيام بدراسة الوسائل العلمية لحماية تلك الكنوز الفنية والتاريخية طالبا التفاصيل الخاصة بكلفة المعونة المطلوبة.

وجدتني لابد لي قبل البدء والبحث عن التفاصيل أن أظفر بموافقة رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر الذي أنصت لي طويلا، وكأنما أحدثه عن حلم عصيّ على التحقيق، ثم التفت إليَّ مبتسما يتساءل عما يكون من ضمان للتعاون الدولي وسط الظروف السياسية العاصفة التي نمر بها.
مصر دفعت ثلث التكاليف
وانتهينا إلى أن تكون نسبة إسهام مصر في حملة الإنقاذ هي الثلث.. ما أكثر التحديات التي واجهتنا والظروف العسيرة التي اكتنفت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة، والصراع المرير بين الكتل الدولية في العالم، وفي المقابل إصرار مصر على استقلالية مواقفها إزاء الأحداث السياسية العالمية، إلى جانب اعتماد الحملة على المساهمات الاختيارية.
كان التحدي انتزاع معبد كامل من بطن الجبل ومن زحف مياه النيل عليه وإعادة إقامته في مكانه الجديد، ثم إحاطته بهضبة جبلية ليعود أقرب ما يكون إلى طبيعته الأولى، واحتياج المشروع إلى خبرات فنية، في ظل ظروف منطقة النوبة بعد تهجير أهلها واستحالة الحياة فيها.

لكن مصر صمدت أمام جميع تلك العقبات والمصاعب التي اعترضتها، واستمر العمل ولم يتوقف لحظة حتى إبان نكسة 1967، إلى أن كللت الجهود الصادقة بالنجاح وتم إنقاذ المعبدين في مثل هذا اليوم 22 سبتمبر 1968.
إهداء المعابد ردا للجميل
على أن إنقاذ معبدي أبو سمبل لم يكن هو كل ما حدث في بلاد النوبة، فقد تم إنقاذ معابد النوبة السبعة عشر جميعا وأعيدت إقامتها في مواقع متفرقة، وردت مصر الجميل فأهدت معبد دابو لحكومة إسبانيا، ومعبد طافا لحكومة هولندا، ومعبد الليسيه لحكومة إيطاليا، ومعبد دندرو للولايات المتحدة الأمريكية تقديرا لما نالته من مساهمات".

معبد أبو سمبل من أهم وأشهر وأجمل المعابد في مصر، فهو دُرة العمارة المصرية القديمة، نُحت في الجبال بعهد الملك رمسيس الثاني، أهم ملوك مصر القديمة في القرن ١٣ ق. م.، حيث تم البدء في نحت المعبدين عام ١٢٦٤ قبل الميلاد حتى عام ١٢٤٤ قبل الميلاد، ليستغرق نحتهما ٢٠ عامًا، ونُحت كنصب دائم له وللملكة نفرتاري للاحتفال بذكرى انتصاره بمعركة قادش.
تكلفة 4 ملايين دولار
كان معبد أبو سمبل قد تعرض للغرق في القرن الماضي، وبدأت عملية إنقاذه عام 1964، واستمرت حتى 1968، بتكلفة وصلت إلى 4 ملايين دولار، حيث تم تقطيع الآثار إلى كتل كبيرة، ثم تفكيكها وإعادة تركيبها في موقع جديد على ارتفاع 65 مترا، بواقع 200 متر أعلى من مستوى النهر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

