رئيس التحرير
عصام كامل

التضخم والغلاء يدفعان المصريين إلى تقسيط كل شيء.. خبراء: فخ كبير يجلب متاعب للمستهلكين.. وأستاذ اقتصاد منزلي: «مش كل حاجة تشتهيها تشتريها»

التضخم والغلاء
التضخم والغلاء
18 حجم الخط

 لم يعد التقسيط مجرد وسيلة لتسهيل شراء السلع، بل صار طوق نجاة يتمسك به المصريون فى مواجهة موجات الغلاء العاتية، فالإعلانات تلاحقهم فى كل مكان، نجوم ومشاهير يتحدثون عن “راحة الأقساط”، بينما الواقع يزداد قسوة: ديون تتراكم، عقول تتعود على الاستسهال، أسر بأكملها تجد نفسها عالقة فى دوامة “اشترى الآن وادفع لاحقا”، فى دولة تئن تحت التضخم وارتفاع الأسعار، يتحول التقسيط إلى مسرح ضخم، أبطاله المواطن المرهق والتاجر الباحث عن النجاة والشركات التى لا تعرف سوى أرباحها، والنهاية مفتوحة على كل الاحتمالات. 

الخبير الاقتصادى خالد الشافعى قال إن المصريين يعانون خلال الفترة الحالية من التضخم وارتفاع الأسعار المستمر، وهو ما دفع الكثير من المواطنين إلى الاعتماد على ثقافة التقسيط لتلبية احتياجاتهم، بعدما اعتادوا وتكيفوا مع هذا النمط خاصة فيما يتعلق بالمتطلبات المعيشية اليومية، موضحا أن الأسباب الاقتصادية وراء انتشار هذه الظاهرة ترجع إلى ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وضعف مصادر الدخل والأجور مقارنة بحجم الإنفاق، بإضافة إلى زيادة تكاليف التعليم والصحة، وكذلك المصروفات الموسمية مثل بداية العام الدراسى وشهر رمضان والأعياد. 

وأضاف أن المسببات الاجتماعية والسلوكية لعبت دورا كبيرا أيضا، حيث تسعى الأسر المصرية إلى الحفاظ على مستوى المعيشة حتى ولو بالاعتماد على الدين أو التقسيط، إلى جانب انتشار العروض البنكية وأنظمة البيع المغرية بالتقسيط التى وفرت حلولا مؤقتة للشراء ولكن قد يكون لها عواقب وخيمة.

ومن جانبه، كشف سيد خضر الخبير الاقتصادي، أنه تحت وطأة الغلاء والتضخم، أصبح الكثير من المصريين يلجأون لشراء السلع بالتقسيط كوسيلة للتعامل مع الأعباء المالية المتزايدة حيث إن ارتفاع الأسعار مع زيادة الأسعار، أصبح من الصعب على الأسر شراء السلع الأساسية دفعة واحدة، فالتقسيط يوفر لهم إمكانية شراء ما يحتاجونه على مراحل، مضيفا: العديد من الشركات والمتاجر تسهل الوصول للسلع بخيارات تقسيط مرنة، مما يجعل من السهل على الناس شراء ما يرغبون فيه دون الحاجة لدفع المبلغ بالكامل مقدما زيادة الطلب على السلع فى ظل التضخم، قد يشعر الناس بحاجة ملحة لشراء السلع قبل أن ترتفع أسعارها أكثر، مما يزيد من الإقبال على التقسيط، منوها إلى أن تغير العادات الاستهلاكية للعديد من المصريين جعلهم يعتادون على نظام التقسيط كوسيلة للتسوق، مما يجعلها خيارا شائعا فى المجتمع ولكنه يبقى غير مضمون.

وأوضح أن التحفيز من الشركات بتقديم عروض وامتيازات، كانت وسيلة لجذب العملاء لشراء منتجاتهم بالتقسيط، مما يسهل على الناس اتخاذ القرار، منوها إلى أن هذا الاتجاه يمكن أن يكون له آثار إيجابية وسلبية، حيث يوفر حلا قصير الأمد ولكنه قد يؤدى أيضا إلى زيادة الأعباء المالية إذا لم يتم التحكم فى الديون بشكل جيد، لا سيما أن البيع بالتقسيط تحول إلى بزنس كبير.

أما عن تأثير التقسيط على المواطن والاقتصاد المصري، فيمكن للتقسيط أن يساعد المواطنين فى شراء السلع الضرورية دون الحاجة لدفع المبلغ كاملا، مما يخفف الضغط المالي، ولكن الاعتماد على التقسيط يؤدى إلى تراكم الديون، مما يضع ضغطا إضافيا على الأسر فى المستقبل، خاصة إذا زادت الأسعار أو انخفض الدخل، كما أن من سلبيات التقسيط، زيادة الاستهلاك.

أما على مستوى أداء الاقتصاد المصري، فإن التقسيط من الممكن أن يسهم فى تعزيز الاستهلاك المحلى ويزيد من الطلب على السلع، مما يدعم النمو الاقتصادى على المدى القصير، ولكن يؤدى بعد ذلك إلى زيادة الضغط على الأسعار، مما يفاقم مشكلة التضخم.

أما بالنسبة لتأثير التقسيط على الشركات التى تقدمه، فان تلك الشركات تستفيد من زيادة المبيعات، ولكنها تواجه أيضا مخاطر فى حالة عدم سداد العملاء لالتزاماتهم، كما أنه من الممكن أن يؤثر على الاستقرار المالى للشركات إذا لم يتم إدارة عملية التقسيط بشكل جيد، فقد ينجم عنها أزمات مالية للأسر، مما قد يؤثر سلبا على الاستقرار الاقتصادى العام، وبالتالى التقسيط يمكن أن يكون وسيلة مفيدة لتخفيف الضغوط المالية على المواطنين، لكنه يحمل مخاطر تتعلق بالديون والاستهلاك المفرط، مما قد يؤثر على الاستقرار الاقتصادى فى البلاد.

بدورها..تقول استاذ الاقتصاد المنزلى سعاد النجار  إن الشراء بالقسط هو أحد أشكال الدين، وكما قال أحد الحكماء: الدّين مجمع كلّ بؤس، همّ بالليل وذلّ بالنهار، وهو ساجور الله فى أرضه، فإذا أراد أن يذل عبدا جعله طوقا فى عنقه.. والأصل أن لا يلجأ له الإنسان، ولكننا أصبحنا الآن نشتهى كل شيء وهنا يتأرجح ميزان الاستهلاك ما بين الموارد والمتطلبات سواء كانت أشياء شبه أساسية أو رفاهيات، موضحة: الرضا بعيشته، وقد يكون هذا أساسا فى وجود حافز ليسعى الإنسان فى الأرض ويجتهد حتى يحسن من معيشته، وبالتالى يستطيع بموارده تلبية احتياجاته الشرائية ومتطلباته دون الحاجة إلى شراء بالتقسيط.

وأضافت: يجب علينا اتباع أثر الطيبين والانتباه إلى المقولة الشهيرة “أوكلما اشتهيت اشتريت” وهى سؤال وجهه عمر بن الخطاب لجابر بن عبد الله عندما رآه يحمل لحما، معبرا عن حكمته الاقتصادية وحثه على التفكير قبل الشراء، هذه المقولة ليست قولا حرفيا بقدر ما هى تذكير بالاعتدال فى الاستهلاك وتجنب الإسراف، وأن الصبر فى ضبط الرغبات وتعلم التمييز بين الحاجات الضرورية وغير الضرورية.

وحثت دكتورة الاقتصاد المنزلى على تجنب الشراء بالتقسيط، قائلة: يمكنك التركيز على الادخار المسبق لشراء السلع نقدا وتجنب الفوائد، واستغلال العروض والخصومات المتاحة للشراء الفوري، استخدام بطاقات الخصم المباشر، وتقييم ما إذا كانت السلعة ضرورية فعلا وليست مجرد كماليات، مع إعطاء نفسك فترة للتفكير قبل اتخاذ قرار الشراء لضمان عدم وجود حماسة لحظية للشراء.

وكشفت “النجار” عن استراتيجيات بديلة للتقسيط، وهى الادخار المسبق، بأن يقوم الشخص بادخار قيمة السلعة على دفعات منتظمة ودفع ثمنها نقدا عند الشراء، مما يلغى الفوائد والتكاليف الإضافية.

وأيضا استغلال العروض والخصومات، بحيث ينتظر المواسم والاحتفالات الكبرى أو العروض الخاصة التى قد توفر لك خصومات كبيرة عند الدفع نقدا.

وعلى الجانب الديني، يقول الدكتور عبدالحليم منصور أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة القاسمية بالشارقة “لا يوجد ربا ولا حتى شبهة ربا فى كل عملية بيع تتم بنظام التقسيط، طالما كان هناك اتفاق واضح ومسبق بين البائع والمشترى على سعر محدد ثابت لا يتغير بزيادة الأجل، فالشريعة الإسلامية أقرت البيع بالتقسيط باعتباره صورة من صور البيع المشروع، حيث يلتزم المشترى بسداد الثمن على دفعات معلومة، دون أى زيادات أو فوائد لاحقة، والفرق بينه وبين الربا أن الأخير يقوم على استغلال الحاجة وزيادة المال مقابل الزمن، بينما البيع بالتقسيط قائم على التراضى وتحديد السعر منذ البداية”.

وأضاف: “إن القاعدة الفقهية المشهورة (إذا توسطت السلعة فلا ربا) توضح هذا الأمر بدقة، ومعناها أنه متى وجدت السلعة محل التبادل حقيقة وانتقلت من البائع إلى المشتري، فلا مجال لاعتبار المعاملة ربوية. فالربا لا يكون إلا فى القروض أو فى بيع النقود بالنقود مع اشتراط الزيادة.

أما إذا اشترى الدائن سلعة من السوق ثم باعها للمدين بثمن مؤجل يتضمن زيادة، فهذا بيع مشروع وليس قرضا ربويا؛ لأن الزيادة هنا ربح ناتج عن عملية بيع حقيقية وليست مقابل الزمن، وبالتالى فإن دخول السلعة كوسيط يجعل المعاملة صحيحة ومشروعة وفق أحكام الشريعة الإسلامية”.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية