رئيس التحرير
عصام كامل

زي النهارده، هكذا عادت مصر إلى العباسيين بعد غياب 200 عام

جنود الدولة العباسية،
جنود الدولة العباسية، فيتو
18 حجم الخط

في مثل هذا اليوم من عام 1171 ميلادية، دخلت مصر مرحلة مفصلية في تاريخها مع وفاة الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله، آخر خلفاء الدولة الفاطمية، لتعود البلاد بعدها إلى مظلة الخلافة العباسية بعد أكثر من قرنين من الانفصال، والحدث لم يكن مجرد تغيير في اسم الخليفة الذي تُذكر باسمه الخطبة على المنابر، بل كان تحوّلًا جذريًا في البنية السياسية والدينية للمنطقة، إذ انتهى معه مشروع الدولة الفاطمية الذي امتد منذ بدايته في المغرب عام 909 وصولًا إلى القاهرة التي أسسها المعز لدين الله عام 969 لتكون عاصمة الخلافة الفاطمية ومركز إشعاعها.

منهج الدولة الفاطمية 

الدولة الفاطمية، التي قامت على أساس المذهب الشيعي الإسماعيلي، شكلت تحديًا مباشرًا للخلافة العباسية السنية في بغداد. على مدى قرنين، فرضت نفسها قوة سياسية ودينية ذات مشروع مغاير، وبسطت سيطرتها على شمال إفريقيا ومصر والشام والحجاز في أوقات متفاوتة. وقد كان إنشاء الجامع الأزهر في قلب القاهرة أحد أبرز أدواتها لنشر المذهب وتعزيز الهوية الفاطمية، إلى جانب نظام إداري قوي وعمارة تركت بصمتها في وجدان المدينة حتى اليوم.

لكن منذ منتصف القرن الحادي عشر، بدأت علامات الوهن تتسلل إلى جسد الدولة. ضعف الخلفاء وتراجع سلطتهم لصالح الوزراء، وتفاقمت الأزمات الاقتصادية والعسكرية. ومع ازدياد نفوذ قادة الجند الأتراك والسودان، انقسمت القاهرة بين مراكز قوى متصارعة. جاءت الحملات الصليبية لتزيد المشهد تعقيدًا، إذ باتت مصر هدفًا رئيسيًا باعتبارها مركزًا حيويًا يمكن أن يحسم الصراع في المشرق.

تأثير صلاح الدين على الحياة في مصر 

في هذا السياق، ظهر صلاح الدين الأيوبي، الذي تولى الوزارة سنة 1169 في عهد العاضد. ورغم حداثة سنه آنذاك، إلا أنه استطاع بمهارة سياسية وحزم عسكري أن يسيطر على مقاليد الأمور. صلاح الدين عمل بحذر في البداية، محتفظًا بالشكل الفاطمي القائم، لكنه بدأ في الوقت نفسه بإرساء النفوذ السني وإعادة ربط مصر تدريجيًا بالعالم العباسي.

وجاءت وفاة العاضد في 13 سبتمبر 1171 لتكون اللحظة الحاسمة. إذ لم يترك الخليفة وريثًا، فبادر صلاح الدين إلى إعلان الخطبة باسم الخليفة العباسي المستضيء بأمر الله في بغداد، لينهي رسميًا أكثر من مئتي عام من الحكم الفاطمي، ويعيد مصر إلى دائرة الخلافة العباسية. كانت هذه الخطوة بمثابة إعلان قيام الدولة الأيوبية على أنقاض الفاطمية، وتثبيت هوية مصر كقاعدة أساسية في العالم السني.

هذا التحول لم يكن بلا أبعاد استراتيجية. عودة مصر إلى العباسيين عن طريق صلاح الدين وفرت ظهرًا قويًا لمشروعه الأكبر: مواجهة الحملات الصليبية. فمصر الغنية بمواردها وسكانها أصبحت قاعدة الإمداد الأولى في معركة استعادة القدس لاحقًا عام 1187. وبذلك فإن سقوط الدولة الفاطمية لم يكن نهاية فقط، بل بداية لمرحلة جديدة حافلة بالتحولات الكبرى.

ورغم سقوطها السياسي، فإن الدولة الفاطمية تركت إرثًا متجذرًا في مصر. فالأزهر، الذي تحول بعد قرون إلى منبر رئيسي للعالم السني، بدأ في الأصل كمؤسسة فاطمية. والأسوار والبوابات التي تحيط بالقاهرة، مثل باب الفتوح وباب النصر وباب زويلة، كلها شواهد على العمارة الفاطمية. حتى في الثقافة الشعبية، بقيت ذكرى الفاطميين مرتبطة بالاحتفالات الدينية والموروثات التي استمرت في العادات المصرية لقرون.

بهذا المعنى، تظل ذكرى 1171 أكثر من مجرد حدث عابر في الأجندة التاريخية. إنها لحظة مفصلية أعادت صياغة هوية مصر السياسية والدينية، وأعطت لصلاح الدين الشرعية التي مكنته من أن يصبح أحد أبرز القادة في تاريخ الإسلام، كما أنها أنهت مشروعًا مذهبيًا ظل ينازع العباسيين على الشرعية قرنين كاملين. ومن قلب القاهرة، التي كانت عاصمة للفاطميين ثم الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ظل التاريخ يكتب نفسه من جديد مع كل تحول سياسي كبير.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية