ولد الهدى (الحلقة الخامسة عشرة)، واصبر وما صبرك إلا بالله
في شهر ربيع الأول، أشرقت الدنيا بنور النبوة، ووُلد خير من وطِئ الثرى، سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك الميلاد الذي لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان بداية لفجر جديد أضاء ظلمات الجاهلية، وأعاد للإنسانية رشدها، وأرشدها إلى صراط الله المستقيم.
في هذه السلسلة المباركة، نتفيأ ظلال السيرة العطرة، ونستعرض بعضًا من مناقب الحبيب المصطفى، وصفاته الخُلُقية والخَلقية، وشمائله التي مدحها رب العالمين، وأثنى عليها السابقون واللاحقون من أهل الإيمان.
صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
من شيم سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، الصبر على الابتلاءات، فقد واجه صلى الله عليه وسلم عنت الكفار، وتكذيبهم، وإيذائهم، ووصف الله، تعالى، صبر نبيه الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، بـ"الصبر الجميل".
كان، صلى اللهُ عليه وسلّم، من أشدِّ الناسِ بلاءً، ولكنّه كانَ قدوةً لجميع المسلمين، فصبر على أصنافٍ مختلفةٍ من الابتلاء، وتعامل معها كما علّمه ربّه فكان نِعمَ القدوةِ وأسوةٌ حسنةٌ لمن كان معهُ ولمن يأتون من بعدهِ.
وعلى سبيل المثال، عندما كلّفه اللهُ بالرسالة لم يتوان في تبليغ الناس، وقد أمره الله تعالى حيث قال: "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ".
فبدأ بعشيرته ولكنّهم، إلّا من رحمَ ربي، قد عادَوْهُ وكفروا بهِ وبما أُنزِلَ عليه من ربه.
وممّا فعلوه معه أنهم وصفوه بالكذب والجنون والكهانة وقالوا عنهُ إنّه شاعر.
وفي وقعة أُحُد عندما انقلبت موازين الحرب على المسلمين بسبب مخالفة الرُّماةِ لأمر الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، فتكالبَ عليهِ المشركون، فما كان منهُ، عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، إلّا أن يصبِر ويحتسب.
ما حدث للنبي في غزوة أحد
ولما أُصيب رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في أحد سال الدم على وجهه، رجع إلى المدينة ولا يزال النزف في وجهه، صلى الله عليه وآله وسلم، قام علي كرم الله وجهه، على رأسه، وفاطمة تأخذ من الإناء في يد علي، فتغسل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء، ولكن الجرح لم يرق، فأخذت حصيرًا فأحرقته، ووضعت رماده على جرح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فتماسك الجرح قليلًا حتى وقف الدم".
وقد أوصاه الله عزّ وجلّ بالصبر في مواضِعَ كثيرة في القرآن الكريم، حيث قال: "وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ"، "وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ".. "فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ".. "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ".
وضرب، صلوات ربي وتسليماته عليه، المثل الأعلى في الصبر عند وفاة أهل بيته، فقد مات أبناء النبي، صلى الله عليه وسلم، كلهم في حياته، إلا السيدة فاطمة، رضي الله عنها، كما ماتت زوجته خديجة، رضي الله عنها، وعمّه حمزة، رضي الله عنه، فكان صابرًا محتسبًا.
وقال يوم موت ابنه إبراهيم: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
وكان، صلى الله عليه وسلم، صابرًا حتى مع المسلمين، فعن أنس بن مالك قال: "كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذه بردائه جبذةً شديدة حتّى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله قد أثّرت بها حاشية البرد من شدّة جبذته، ثمّ قال: يا محمّد مُرْ لي من مال الله الّذي عندك، فالتفت إليه رسول الله ثمّ ضحك، ثمّ أمر له بعطاء".
وكذلك صبر صلى الله عليه وسلم على إيذاء بعض أصحابه مثل مسطح وغيره ممن خاض في عرضه في حادثة الإفك.
وعند مرضه، تعرّض رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لمرضٍ شديدٍ قُبيل انتقالهِ إلى الرفيق الأعلى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت أحدًا أشد عليه الوجع (المرض) من رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك (يتألم من الحمّى)، فمسَسْتُه بيدي، فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكًا شديدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل (نعم)، إني أُوعك كما يوعك رَجُلانِ منكم".
لقد كانت حياته، عليه الصلاة والسلام، من ابتلاءٍ إلى آخر، ولقيَ أصنافًا عديدة من الأذى والعذاب والعداوة، فما كان منهُ إلّا أن يصبر ويتوكّل على اللهِ ويُحافِظ على ابتسامتهِ الصادقة، وأخلاقهِ الرفيعة، ويتحمّل الأذى في سبيلِ الله لنشرِ دعوتهِ وإخراجِ الناس من الظُلُماتِ إلى النور، وهدايتهم إلى طريق الحقِّ والهداية، وأن يُبعدهم عن طريق اللهو والضلال.
ورُوِيَ عن عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيءٍ مما صنعه المشركون برسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: “بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي بفناء الكعبة؛ إذ أقبل عقبة بن أبي معيط وهو من الكفار، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا”، عقبة بن أبي معيط يلوي الثوب حول رقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسول صلى الله عليه وسلم يصلي، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر – رضي الله عنه – فأخذ بمنكبه ودفع عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: "أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ" (غافر: 28).
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا




