حديث الاربعاء
رضوا عن عقولهم ولم يرضوا بأرزاقهم
كثيرٌ من الناس غير متوافقين مع درجاتهم وأرزاقهم وظروفهم وأحوالهم، ناسين أو متناسين أن كل هذا التباين في الدرجات لهو من حكمة الله الخالق، الذي خلق كل شيء بقدر، وحكمة بالغة، فهو اللطيف الخبير العدل الحكيم، ولذلك تجد أكثرَ الناس أو بعضهم ؛ يجتزئون بعضا من آية قرآنية ثم يتوقفون عندها، على غرار “لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ”..
وفي مثل ذلك تجد بعضهم يتوقفون عند آية اختلاف الدرجات حين يقول الله تعالى:"وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ"، كثيرون لا يكملون الآية ليعلموا ما الحكمة من اختلاف الدرجات بينهم..
لذلك تجد أصنافا عديدة من البشر في التعامل مع تنوع الدرجات واختلاف الأرزاق؛ صنف صاحب درجة عُليا يدرك أن هذه الدرجة لم تأتِهِ هباءا بل هي اختبار من الله ليرى ماذا سيفعل بهذا الرزق ويتقي الله فيما تفضّل به عليه.
أما الغني الآخر فقد يتملكه الغرور والكِبر على أن الله فضَّله لذاته دون غيره، فيتعالى على الخلق ويغتر بما أتاه الله من نعم، وقد يصبح مسرفا مبذرا سفيها يُهلك هذا المال في المنكرات والمفاسد، وبعض الأغنياء يبخل ويشح، ومنهم من ينسب هذا المال لنفسه ولنباهته وذكائه، كما فعل قارون حين قال إنما أوتيته على علم عندي فكان العقاب السريع الذي أخبرنا به القرآن الكريم.
وفي المقابل تجد الصنف الآخر صاحب الدرجة الأقل في المال ممن قدر الله عليه رزقه، فمنهم من يحمد الله ويرضى لأنه علم أن المال ليس هو كل النعم، فيحمد الله على رزقه ولو قليل فيصبر ويدعو الله ليزيده من فضله، فيعيش في سكينة وطمأنينة وهؤلاء الذين قال الله عنهم "يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ".
بينما نجد صنفا آخر ممن قدر الله عليه رزقه فلا يرضى ويصيبه الضجر والسخط فيمتلئ قلبه بالحقد والحسد، وهذا الصنف من البشر غير الراضين برزقهم ولا بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية؛ قد تجد منهم اللصوص والبلطجية والمنافقين وغيرهم.
ثم تأتي طائفة أخرى محدثي النعمة، ممن كان فقيرا فأغناه الله، فتغيرت أحوالهم للأفضل فبدلا من شكر الله على ذلك تجدهم يسترجعون عقدة الماضي فتجدهم متناسين ما كانوا عليه من أحوال فقيرة؛ فيتكبرون ويتعالون وكأنهم أصحاب الدرجات العليا كابر عن كابر وهذه تأثيرات مركبات النقص وعقد الماضي الذي يحاولون إخفائه بأقنعة مزيفة، هذا الصنف يندرج تحت المقولة السائدة "شبعة بعد جوعة".
هذا التباين وذاك الاختلاف في قبول أحكام ربنا؛ خلق كثيرًا من الأحقاد والصراعات، والتنافسات غير الشريفة، والغش والنصب وأكل الحقوق والظلم نتيجة للخلافات الحادة الناتجة عن عدم الرضا، وعدم الإقرار بأن كل شيء مُقدّر من الله بمشيئته وحكمته.
فبالرغم من نعم الله الكثيرة على الناس إلا أن كثيرين منهم لا يرونها ولا يشعرون بها بعد أن حال الشيطان بينهم وبين نعم الله فلا يشكرون وفي ذلك يقول تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ".
لقد مَنَّ الله علينا جميعا من فضله ولم يفرِّق بين عباده في الرزق إلا لحكمة بالغة، كما قال تعالى في محكم تنزيله في سورة الأنعام الآية 165: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وهذا سبب حكيم من بين أسباب التباين؛ (لِّيَبْلُوَكُمْ) أي ليختبركم فيما خوَّلكم من فضله ومنحكم من رزقه، فيعلم المطيع له منكم فيما أمره به ونهاه عنه، ومن المؤدِّي مما آتاه الحق الذي أمره بأدائه منه، ومن المفرِّط في أدائه.
كذلك من حكمة الله في اختلاف الدرجات بين الناس سبب آخر أعم وأشمل من الابتلاء والاختبار، يتجلى هذا السبب في الآية الكريمة رقم 32 من سورة الزخرف حيث يقول الله جل شأنه: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾..
جعل الله هذا التفاوت في الأرزاق وفي القدرات العقلية وفي السمات الشخصية؛ ليكون الناسَ في حاجة بعضهم البعض، بإثارة عزائم الخلق للسعي والعمل في طلب الرزق وكسب مستلزمات حياتهم ومقتضيات معيشتهم، وليس الفقير فقط هو صاحب الحاجة؛ بل الغني يحتاج أيضا للفقير، والعالم يحتاج إلى الجاهل، وكل ذلك لتقوم الحياة على قاعدة راسخة من التوازن الاجتماعي والاقتصادي لاستقرار حياة البشر واستمرارها حسب مشيئة الله وحكمته.
Nasserkhkh69@yahoo.com
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
