رئيس التحرير
عصام كامل

"الفاجومى".. ما تيسر من سيرة أحمد فؤاد نجم.. قصائده تجاوزت حدود الجغرافيا والسياسة.. وأشعاره عبرت عن وجدان الناس فى لحظات الانتصار والانكسار

أحمد فؤاد نجم
أحمد فؤاد نجم
18 حجم الخط

“اللى خانوا العهد بينا واستباحوا كل حاجة..  واستهانوا بالعروبة واستكانوا للخواجة.. مستحيل حيكونوا منا إحنا حاجة وهما حاجة..هما باعوا الجلابية والوطن والبندقية.. وإحنا أصحاب القضية إحنا ما بنبيعش مصر..  يا عرب يا عرب يا أهل مصر”.. كلمات حية لشاعر ولد وكأنما فى روحه شرارة لا تهدأ، خُلِق ليكون ثائرًا لا يعرف المهادنة، ومتمردًا لا ينكسر، لم توحِ بداياته بما سيكون عليه شأنه لاحقًا، فقد نشأ طفلًا يتيمًا، قليل الحظ من التعليم، كثير المعاناة مع الفقر والحرمان، ومع ذلك، صعد من هامش الحياة ليصبح أحد أبرز الأصوات الشعرية فى مصر والعالم العربي، ليكون شاعرًا من قلب الشارع ناطقًا بلسان الناس، لا يُجامل سلطة ولا يُهادن باطلًا، إنه الاستثنائى أحمد فؤاد نجم، عاشق مصر البهية الذى ترك خلفه ترسانة من القصائد العامية، تجاوزت حدود الجغرافيا والسياسة، وتحولت إلى أيقونات شعرية تنبض بالصدق، وتعبر عن وجدان الناس فى لحظات الانكسار والانتصار.

أطلق أحمد فؤاد نجم على نفسه لقب “الفاجومي”، وهو تعبير عامى يُطلق على الشخص المندفع، الجريء، الذى لا يخشى قول الحقيقة، وهو بالفعل كان شاعرًا لا يعرف المواربة، قال عنه الشاعر الفرنسى لويس أراجون: “فيه قوة تسقط الأسوار”، أما الناقد على الراعى فنعته بـ”الشاعر البندقية”، بينما وصفه الرئيس أنور السادات، بـ“الشاعر البذيء”، وبالرغم من أى اختلاف على لقبه أو وصفه إلا أنه يظل من أهم الأسماء فى عالم شعر العامية المصرى والعربى ولا تزال كلماته حية صالحة حتى لزماننا. ورغم ذلك يتعرض الفاجومى للهجوم من بعض الأصوات التى تتجاهل عن عمد عبقريته الشعرية وتأثيره الكبير وحضوره القومي، بحثًا عن إثارة الجدل على جثة رجل رحل منذ سنوات.

طفولة صعبة.. وصداقة مع “العندليب الاسمر”

وُلد أحمد فؤاد نجم عام 1929، بإحدى قرى محافظة الشرقية المتاخمة لمنطقة القنال، وهى قرية “عزبة أبو نجم”، لأم بسيطة، وأب يعمل ضابط شرطة، كان نجم من خلفية اجتماعية مركبة، فقد كانت عائلته إقطاعية عريقة، لكنه كان ينتمى إلى أحد فروعها الفقيرة، حيث لم يكن له نصيب من الثراء أو الامتياز الطبقي، أطلق عليه والده اسمه “أحمد فؤاد” تيمنًا باسم صاحب الجلالة “أحمد فؤاد”، ملك مصر آنذاك، لكن القدر لم يمنح الصغير دفء الطفولة طويلًا، إذ توفى والده عام ١٩٣٥ وهو لا يزال طفلًا، ليبدأ مبكرًا رحلته مع اليُتم والحرمان.

فبعد وفاة الأب، توقف نجم عن الذهاب إلى “الكتاب” واتجه للعمل فى “الفلاحة”، وحينها وقع فى غرام “غنا” الفتيات والأولاد، وعشق لعب السيجة والمكحوش وصيد السمك من الترع، كان يشعر بسعادة فى هذه المرحلة فى حياته، ولكن بعد فترة، اضطر لوداع قريته الحبيبة، حيث أودعه أحد أقاربه بأحد ملاجيء الأيتام بالزقازيق عام ١٩٣٦، وهناك ذاق مرارة الوحدة، ولكن مع مرور الوقت بدأ فى التعود على الأوضاع، وبين جدران هذا الملجأ جمعته صداقة إنسانية وفنية بزميله النحيل القادم من قرية الحلوات، والذى لم يكن سوى الطفل عبد الحليم شبانة، الذى سيُعرف لاحقًا باسم عبد الحليم حافظ، “العندليب الأسمر”.

خرج نجم من الملجأ عام ١٩٤٥ وكان حينها يبلغ من العمر ١٧ عامًا، عاد إلى قريته المحببة إلى قلبه، ثم سرعان ما ذهب مع شقيقه إلى القاهرة، تلك المدينة العامرة التى شعر نجم بالخوف فى أول لقاء له بها، ولكنه تأقلم، وعمل ترزى وكان يبيع أظرف وجوابات فى “الترماي”، وهناك عاش مع شقيقه محمد فى عطفة ندا بالحسينية، ولكنه ما لبث أن عاد من جديد إلى عزبة أبو نجم ليعمل أجيرًا بسيطًا فى “التفاتيش الزراعية” المملوكة لصاحب الجلالة، لكنه لم يلبث أن فُصل منها.

عمل نجم أيضًا خادمًا لدى خاله، ثم انتقل للعمل بأحد معسكرات جيش الاحتلال الإنجليزي، ضمن آلاف العمال المصريين، ولكنه تركه عام ١٩٥١ مع آلاف العمال المصريين استجابة لنداء حكومة الوفد لإجبار المحتلين على الرحيل، بعدما ألغت الحكومة معاهدة ١٩٣٦، وفعلًا وفت الحكومة بوعدها، وحصل نجم على وظيفة حكومية بأحد فروع هيئة السكك الحديدية، غير أن الأقدار عاكسته من جديد،  وتم الزج به فى السجن لثلاث سنوات كاملة، كانت تلك أولى محطاته خلف القضبان،  لكنها لم تكن سوى بداية لرحلة طويلة سيصبح فيها نزيلًا دائمًا فى السجون، بسبب أشعاره.

ثنائية أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام

التقى نجم بالشيخ إمام فى حارة “حوش قدم”، وهو اسم يعنى فى اللغة الفارسية قدم الخير، وبالتعرف على الشيخ إمام، بدأت المرحلة الأخصب والأكثر تأثيرًا فى حياة نجم وشعره، فإذا كان استخدامه العامية فى قصائده جعلتها أقرب إلى وجدان المتلقين، فإن تقديمها مصحوبة بصوت دافئ، ولحن شجي، ورفيق درب يؤمن بنفس الرسالة زاد من قدرتها على التأثير، وتحولت الشراكة بين نجم وإمام إلى ثنائية نادرة.

ولم يطرق أحمد فؤاد نجم عالم السياسة أو شئون الحكم ولم يكتب فى أى منهما قبل يوم ٥ يونيو عام ١٩٦٧، يوم النكسة الذى حول نجم إلى صوت الغضب الذى يرفض الهزيمة والقهر ويعلن العصيان الشعرى العام عبر صوت الشيخ إمام، فالثنائية التى جمعتهما اجتمع فيها الكلمة المتمردة والصوت الثائر، فصار نجم يغزل سطور التمرد، ويحولها الشيخ إلى أغانٍ تهز وجدان الجماهير، وتُعرى الاستبداد بلا خوف.

كشف الشاعر زين العابدين فؤاد لـ “فيتو” عن أن الثنائى نجم وإمام كانا يقدمان فنًا مختلفًا، وكانا جزءًا من موجة فنية مختلفة عما اعتاد الجمهور الاستماع إليه فى الراديو، ففى الوقت ذاته كان يوجد عدوية وكان هناك عدوى فخرى وسمير عبد الباقي، وفرقة ولاد الأرض فى السويس فى نهايات عام ١٩٦٧، وهكذا ظهر الفن البديل لما كانت تقدمه المؤسسة الرسمية.

يروى زين العابدين فؤاد، أحد الشهود المباشرين على التحول الكبير فى مسيرة نجم وإمام، أن ما حدث فى يونيو ١٩٦٧ حرك أمورا كثيرة فى الشارع المصري، وأضاف “كان نجم وإمام بدأوا من قبلها بكام سنة، لكن بعد ٦٧ بدأوا يجذبوا حولهم المثقفين، فى جلسات صغيرة فى البيوت”، وأشار إلى أنه فى أكتوبر ١٩٦٨، رتب زين العابدين فؤاد بنفسه أول لقاء جماهيرى للشيخ إمام فى كلية الآداب بجامعة القاهرة، غنى فيه الشيخ إمام لأول مرة أمام خمسة آلاف طالب، وحضر أحمد فؤاد نجم، وغنى إمام يومها قصائد لنجم ولفؤاد قاعود.

واستطرد زين العابدين فى حديثه مؤكدًا أنه بعد النجاح الكبير الذى شهده حفلهما فى كلية الآداب، لم يمر أسبوعان حتى دعا الدكتور حسام عيسى الثنائى إمام ونجم للغناء فى كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وكان الجمهور فى تزايد، وأشار إلى أن رجاء النقاش، الكاتب والصحفى البارز ورئيس تحرير مجلة الكواكب آنذاك، قد لعب دورًا محوريًا فى دعم انتشار الظاهرة، ففى عام ١٩٦٩، نظّم حفلًا كبيرًا فى نقابة الصحفيين شارك فيه عدد من أبرز نجوم الغناء فى ذلك الوقت، أمثال: محمد قنديل، فايدة كامل، ليلى نظمي، محمد حمام، وغيرهم، وغنوا جميعًا من ألحان الشيخ إمام، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل خصص النقاش برنامجًا إذاعيًا يوميًا فى إذاعة الشرق الأوسط خلال شهر رمضان، بعنوان: “من ألحان الشيخ إمام”، مدته 15 دقيقة يوميًا على مدار 30 حلقة، وكان البرنامج بمثابة نافذة تعريف واسعة على المشروع الفنى لإمام، وكان أحيانًا يسمع صوت نجم يحكى كواليس كتابة الأغنية.

ويضيف زين العابدين فؤاد “تم اعتقال الثنائى من قبل الرئيس عبد الناصر فى نهايات ١٩٦٩ إلى عام ١٩٧١، والسبب ٣ أغنيات.. وهى “الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا.. يا محلا رجعه ظباطنا..من خط النار”، “بصراحة يا أستاذ ميكي” وهى أغنية عن هيكل، والثالثة كانت “كلب الست”، وهى قصيدة عن أم كلثوم”، ويوضح أنه بعد وفاة عبد الناصر بفترة خرج الثنائى ولكن السادات كان يعتقل الفنانين والشعراء والكتاب مرات متعددة، وقال “التحق الثنائى بحركة الطلاب فى ١٩٧٢ واتقبض علينا كلنا فى هذا العام.. وأطلق نجم أغنية شهيرة تقول كلماتها أنا رحت القلعة وشوفت ياسين، أنا شوفت شباب الجامعة الزين، أحمد، وهو أحمد عبد الله، وبهاء وده بهاء الدين شعبان، والكردي، وزين وهو أنا زين العابدين فؤاد”.

نجم والحكام

كان أحمد فؤاد نجم يرى أنه لم يكن فى خصومة مع الحكام، بل أن نقده للسلطة كان يدعمها لا يقوضها، وعلى الرغم من أن أحمد فؤاد نجم تعرض للسجن فى عهد جمال عبد الناصر، فإنه لم يكن يحمل كراهية شخصية تجاهه، وبعد وفاة عبد الناصر، كتب نجم قصيدة رثاء بعنوان “زيارة لضريح عبد الناصر” والتى يقول فيها “عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت.. وعاش ومات وسطنا على طبعنا ثابت.. وان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت ولا يطولوه العدا مهما الأمور جابت”.

أما فى عهد أنور السادات، فقد اشتد السجال أكثر، خاصة بعد الانفتاح الاقتصادى واتجهت انتقاداته نحو تقارب السادات مع الولايات المتحدة، وسجن نجم، لكن حتى خلف القضبان ظل قلمه يكتب، ولسانه يهجو، وصوته لا يتوقف بل على العكس، تحولت الزنازين إلى مساحات أكثر رحابة لكتابته، ومصدرًا متجددًا لإلهامه الغاضب، وفى سجون النظام كتب نجم أشرس قصائده ضد النظام نفسه، وحين جاء حسنى مبارك، لم يُبدِ الشاعر الشعبى أى تراجع، فقد كان ظل صوته عاليًا، وازداد حدة، خاصة حين بدأت ملامح مشروع التوريث تطفو على السطح، كما كان ينتقد مبارك ووجه له قصيدة شهيرة عنوانها “فى عيد ميلادك الكام وسبعين”، وكان حاضرًا بقصائده فى ثورة يناير حتى أن الاقتباس الشهير “ الورد اللى فتح فى جناين مصر” كانت من كلماته، ثم واصل هجومه على مرسى وقال قصيدة “ملعون جنابك” وظل مناضلًا بكلماته حتى آخر نفس.

موقفه من إسرائيل

فى حديثها مع “فيتو” قالت نوارة نجم، ابنة الفاجومى من زوجته الكاتبة صافى ناز كاظم،: “كل حاجة بابا كتب عنها..بما فيها إيران”، وبالفعل فنجم كأنه لا يزال يعيش بيننا بكلماته، وإن كان القدر قد أمهله مزيدًا من السنوات لكان بيننا الآن يهتف ضد الكيان الغاشم بكلماته، فموقفه من إسرائيل كان واضحًا وضوح الشمس، فهو ضد “الصهاينة” قلبًا وقالبًا، وحينما سأل “مين ممكن أن تحاربه”، قال بدون تفكير “إسرائيل”، الذى وصفه بالكيان المعادى للحقيقية لأنهم طردوا شعبًا كاملًا ومكثوا مكانهم، ووصف هذا الكيان بالدولة البوليسية.

كما أنه طوال مسيرته، لم تكن فلسطين بالنسبة لأحمد فؤاد نجم مجرد قضية، بل كانت وجعًا شخصيًا، وكرامة قومية لا يجوز المساومة عليها، كتب لها القصائد، وهتف باسمها فى قصائده، فكتب الفاجومى قصيدة “فلسطين دولة بناها الكفاح” والتى يقول فيها: “فلسطين ثارت فسالت حجارة..  فلسطين ثارت فزالت حجارة..تدُقُ رؤوس أفاعى البساط.. فيا معتدِ غادر يا أثيم ..سنشرق شمسًا تضئُ الهشيم.. بزحف البواسل يعلو الهدير.. يُصِمُ الأذانَ يُغنى الغدير”.

ولأن فلسطين وأهلها فى قلبه، فإن آخر حدثًا شارك فيه قبل رحيله فى الثالث من ديسمبر عام 2013، كان عنهم، حيث توفى بعد أيام قليلة من عودته من العاصمة الأردنية عمّان، حيث أحيا آخر أمسياته الشعرية بمشاركة فرقة “الحنونة”، احتفاءً باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

نجم.. الاستثنائي

وصف الشاعر إبراهيم داود، الراحل أحمد فؤاد نجم بأنه “استثنائي”، حيث أشار فى تصريحات لـ” فيتو” إلى أن نجم انحاز لهموم الناس البسيطة والفقراء وكان ضد الظلم والاستبداد والفاشية بالإضافة إلى أنه موهبة كبيرة واستطاع التعبير عن شريحة فى المجتمع لم يكن لها صوت وكان هو صوتها، وأضاف أن نجم مؤثر حتى الآن، مؤكدًا أنه قيمة كبيرة فى حياته شخصيًا، حيث قال “أنا عاشرته وعشت معاه سنوات طويلة.. وكنت من المقربين طول عمرى منه وعشت معاه فى الغورية وبينا حدائق محبة وصداقة عظيمة ومع أسرته وأسرتي”، وأضاف “ نجم حد أساسى فى حياتى أنا شخصيًا.. وأنا من خلاله عرفت حاجات فى المجتمع القاهرى ومجتمع المثقفين ما كنتش هعرفها من غيره “.

نجم ونجيب ساويرس

كان نجم مؤثرًا كذلك فى حياة المهندس نجيب ساويرس، ففى السبعينيات من القرن الماضي، كان مدرج الساوى فى كلية الهندسة جامعة القاهرة واحدًا من أهم بؤر الوعى والحماس الثوري، كان الشباب هناك فى حالة ثورة، يتراكم بداخلهم الغضب بسبب تأجيل معركة تحرير الأرض بعد نكسة ٦٧، وفى هذا التوقيت، حضر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، أشعلوا الحماس بين الطلاب الذين كان من بينهم نجيب ساويرس والذى كان يرى أن نجم “عبقري”، وأصبحوا أصدقاء، وكعنوان للمحبة والصداقة التى جمعته به والتقدير له أسس ساويرس عام ٢٠١٤ جائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية، للحفاظ على هذا الشعر الذى كان “نجم” فارسه، وعلى مدار السنوات قدمت الجائزة مجموعة مميزة وموهوبة من الشعراء الشباب ولا تزال المسابقة تقام كل عام بانتظام.

نجم من عيون نوارة

أما نوارة نجم فقد كشفت نوارة لـ “ فيتو” ملامح من حياة والدها، حيث أكدت أنه لم يكن أبا تقليديا، فهى تحبه وتجله وتحترمه ولكنه لم يشبع مشاعر البنوة بداخلها لأنها لم تكن تراه وتجده، وبالرغم من الجرح الذى كان بداخلها إلا أنها حينما تقدمت فى العمر “قدرت” ظروفه ونشأته و”عذرته” وسامحته، مؤكدة أن ظروفه السياسية وظروف نشأته ومحيطه ومعاناته لم تكن تسمح له بالعطاء، مشيرة إلى أن استيعابه لفكرة الأسرة لم تكن كبيرة لأنه كان طفل يتيم ووالدته تركته وهو صغير وأودعته ملجأ للأيتام، مشيرة إلى أن هذا كان سببًا فى أن فكرة الأبوة لم توقفه عن جرأته لأن لم يكن لديه إحساس بفكرة الأسرة، وأكدت نوارة أن الموهبة نعمة من الله وتساعد أن يحول الإنسان الظروف الصعبة والمشكلات والصعاب إلى منتج جميل ومفيد للناس وهو ما حدث مع والدها.

وأضافت نوارة أنها تحب كل شعر والدها، وهى على يقين أنه لا يكتب شيئًا هو لا يشعر به ولا يؤمن بهرغم أنه “صنايعي” ويستطيع كتابة أى شيء ولكنه لم يستغل هذا أبدًا فلم يكتب أى شيء من أجل “أكل العيش”، وحكت موقفًا جمعه بعمار الشريعى وقالت: “بابا كان مفلس خالص وكلم عمار الشريعى وقاله لو تبعتلى ١٠٠٠ جنيه سلفة” فيرد عليه عمار بأنه قد وصله للتو مسلسل ويريد من نجم أن يكتب أشعار وأخبره أنه سيرسل له السيناريو والعقد لتوقيعه بدلًا من “السلفة”، وتتابع نوارة “بابا قرأ السيناريو قاله أنا رجعتلك السيناريو والعقد مع السواق ممكن بقى تبعتلى الألف جنيه.. قاله ايه يا نجم ما بتشتغلش ليه قاله ما عجبنيش ما حستش أنه هيطلع منى حاجة”، ورفض أن يكون “صنايعي” ويكتب شيء لا يشعر به وطلب من جديد السلفة من الشريعي.

وحكت نوارة واقعة أخرى جمعت نجم والشيخ إمام تؤكد أن والدها كان يفعل ما يؤمن به فقط، فحينما شعرت السلطة بأنهما مؤثران ومن الممكن أن يمثلا خطرًا على الأمن العام ذهب إليها شخص ودعاهما للغناء فى الإذاعة ووافقا، وبينما كان يهم الرجل للرحيل أبرز “ظرف” مملوء بالمال، وتابعت نوارة “بابا قاله ايه ده.. قال دى هدية”، فأخد الثنائى يسخرون منه ثم رفضا المال باعتباره رشوة لأنهما لم يقدما عملًا مقابله، وأكدت نوارة أنهما كانا يرفضان المال الذى يتعارض مع ما يشعران ويؤمنان به، وكانا يعيشان بالفعل بكلمات الفاجومى “إن جعنا شبعنا بتتقضى.. ما نبعيش الكلمة بميت فضة”.

المصادر:

أحمد فؤاد نجم، ديوان صور من الحياة والسجن.

مذكرات أحمد فؤاد نجم الفاجومي، دار سفنكس، ١٩٩٣.

 

نقى عن العدد الورقي

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية