رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد الشرع من الحاكمية لـ البيت الأبيض.. سامح عسكر: جميع تيارات العنف الدينى غير جاهزة نفسيا لمقاومة إسرائيل وأمريكا..و«الجولاني» اختار البرجماتية وسيلة للبقاء

الشرع
الشرع
18 حجم الخط

فى مشهد لا يخلو من دلالة، ظهر الرئيس السورى أحمد الشرع مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على الأراضى السعودية، وتبادلا لحظات الود والتفاهم على عدد من الملفات الصعبة خصوصا بعد موافقة ترامب على طلب دول الخليج برفع العقوبات عن سوريا مما طرح الكثير من الأسئلة حول عقيدة الشرع ومرجعيته الفكرية بعد هذا التحول الكبير منذ أن تولى السلطة.

لم يكن أحمد الشرع، المعروف قبل الحكم بلقبه الحركى أبو محمد الجولاني، مجرد قيادى ميدانى نشأ فى الظلال الطويلة لتنظيم القاعدة.

كان منذ ظهور الشرع فى المشهد السورى علامة على تحولات أوسع تضرب التيار الجهادى من الداخل، وتضع مرجعياته الكبرى أمام اختبار عملي.. فماذا يحدث حين يقترب المجاهد من كرسى الحكم؟

فى هذا الملف، نحاول تفكيك المرجعية الفكرية التى شكّلت مسار الشرع، من المدرسة القطبية التى رفعت شعار الحاكمية، إلى مشروع عبد الله عزام الذى مزج الجهاد بالدعوة، وصولًا إلى تجربة طالبان التى حكمت مرتين وبدلت خطابها من السيف إلى السياسة.

يحاول الملف الإجابة عن أسئلة تبحث عن طبيعة نهجه الحالي، فهل نشهد نهاية مرحلة الجهاد العابر للحدود أم أنه رجل ذكى قرأ الخريطة جيدًا وتخفف من الأثقال الأيديولوجية ليبقى فى الصورة، أم أن الجهاد ليس فقط سلاحًا بل فكرة وهذه الفكرة تتغير، حين تقترب من السلطة.. إلى “ملف فيتو”.

من سيد قطب لـ الظواهري

لقاء الشرع وترامب يجعلنا نعود بالذاكرة إلى لقاء نادر مع الصحفى الأمريكى مارتن سميث عام 2021، وقتها ظهر الشرع بثياب مدنية، حليق اللحية، داخل مكتب أنيق فى إدلب، يتحدث بلغة هادئة عن الأمن والاستقرار وحقوق الإنسان.

والتحول من زى الجهاد إلى بدلة السياسة لم يكن حدثًا عابرًا، بل هو نموذج مكرر فى تاريخ الحركات الراديكالية حين تقترب من السلطة، لكن ما الذى يدفع رموز الفكر الجهادى لتجاوز أدبياتهم العقائدية بهذه السهولة..وهل حقًا تتغير القناعات أم يعاد تدويرها فى قوالب جديدة؟

العنف المسلح سلاح سحرى لإقامة الدولة

حين كتب سيد قطب فى ظلال القرآن أنه “لا إله إلا الله ثورة على السلطان الجائر”، لم يكن يضع تصورًا دينيًا تقليديًا بقدر ما كان يؤسس لانقلاب كامل فى وعى الإسلام السياسى الحديث.  ولم تكن مقولاته مجرد تأملات فى المعنى، بل لبنات أولى لمدرسة فكرية شكلت قلب الخطاب الجهادى لاحقًا “المدرسة القطبية”.

هذه المدرسة لم تنشأ فى فراغ، بل كانت نتاج لحظة صدام حاد بين الدولة الناصرية وبين تيارات الإسلام السياسى فى الستينيات.

رفع سيد قطب شعار “الحاكمية لله”، مستندًا إلى تفسيره الخاص لقوله تعالى: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ” وبموجب هذا المبدأ، فإن كل نظام لا يطبق الشريعة هو نظام جاهلي، أى مرتد عن الإسلام، ويجب تغييره بالقوة إذا لزم الأمر.

ولم يكن مصطلح “الجاهلية” عند قطب توصيفًا اجتماعيًا، بل كان حكمًا شرعيًا شاملًا، يخرج المجتمعات الإسلامية المعاصرة من دائرة الإسلام، لأنها - حسب رؤيته - تحكم بغير ما أنزل الله وتعيش حالة من الانفصام بين العقيدة والسلوك.

من الفكر إلى الفعل.. تطبيقات المدرسة القطبية

بعد إعدام سيد قطب لم تظل أفكاره حبيسة الكتب، فى السبعينيات، ظهرت جماعات مثل “التكفير والهجرة” و”الجهاد” فى مصر، متأثرة بأفكاره، واعتبرت الدولة والمجتمع مرتدين.

انتهت هذه الأفكار الى اغتيال السادات عام 1981، وبرز التيار القطبى كمحفّز رئيسى على قتل الرئيس، حيث برر خالد الإسلامبولى ورفاقه فعلهم بأنه “إقامة لشرع الله بعد أن حكم السادات بالقوانين الوضعية”.

نقد من الداخل

فى مراجعات جماعة الجهاد المصرية داخل السجون (2002–2008)، بدا نقد واضح للفكرة القطبية.

يقول الدكتور ناجح إبراهيم إن “التكفير لا يجوز إلا بيقين، وإن الحاكم إذا لم يطبّق الشريعة لأسباب سياسية أو خوفًا، لا يكفر بالضرورة”.

كما وصف عبد الآخر حماد، أحد منظّرى الجماعة الإسلامية، الحاكمية القطبية بأنها تأويل متشدد لفكرة صحيحة، وأنها فتحت باب الفوضى فى تحديد من هو المسلم ومن هو الكافر.

لكن رغم كل المراجعات، بقيت الحاكمية حجر زاوية فى خطاب الجماعات المسلحة والسبب يعود إلى بساطة الفكرة وقدرتها على التعبئة وتقسيم العالم إلى فسطاطين، وتحويل العقيدة إلى سيف سياسي.

كما أن الإحساس بالخذلان فى قضية فلسطين خلق بيئة مثالية لتجدد الخطاب القطبي، خاصة بين الأجيال الجديدة.

يمكن القول إن المدرسة القطبية لم تكن مجرد انحراف فى الفقه، بل كانت تعبيرًا عن أزمة حضارية كبرى، اذ كيف يفهم المسلم المعاصر علاقته بالسلطة والدولة ومن يملك الحق فى تمثيل الإسلام؟ بين السطور القطبية، كان الجواب دائمًا، ليس النظام، بل نحن وهنا يبدأ الاشتباك.

ولعل أخطر ما أنتجته هذه المدرسة ليس فقط العنف، بل تحويل الدين إلى أداة سياسية، وتحوّل العقيدة إلى رخصة للقتل، وما بين “الحاكمية” و”الجاهلية” ضاعت الفروق بين النص والتأويل، وبين التفسير والتحريض.

مدرسة عبد الله عزام.. جهاد عابر للحدود بالدعوة والبندقية

فى سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، لم يكن صوت الجهاد قد تحوّل بعد إلى ضجيج السلاح والانفجارات ظهر شيخ فلسطيني، ملتحف بروح صوفية ولهجة شديدة الحماسة، يحفر فى جبال أفغانستان خندقًا جديدًا لفكرة قديمة ويرى أن الجهاد ليس شأنًا محليًا، بل فريضة أممية.

اسمه عبد الله عزام، ومدرسته ستصبح لاحقًا البذرة التى نبتت منها حركات كبرى، من القاعدة إلى داعش، رغم أنها لم تكن تحمل عنفَهما منذ البداية.

وعبد الله عزام لم يكن منظرًا تقليديًا، بل داعية ميداني، يكتب من قلب الجبهات، ويخطب تحت القصف، رأى فى الاحتلال السوفيتى لأفغانستان فرصة لإحياء فكرة الجهاد العالمي، لكنه صاغها بلغة فيها من الروحانيات بقدر ما فيها من التعبئة.

فى كتابه الأشهر “الدفاع عن أراضى المسلمين “ يقول عزام: “الجهاد فريضة لا تسقط بوجود حاكم أو جيش، ما دام العدو يحتل أرضًا من أراضى المسلمين”.

وهنا وعلى يد عزام ولأول مرة بعد قرون، عاد مفهوم الجهاد الفردى بمعناه العملي، أن على كل مسلم أن يقاتل ولو بمفرده.

المزج بين الدعوة والسلاح

لم تكن مدرسة عزام تكفيرية، بل إصلاحية فى المظهر، قتالية فى الجوهر، كان يدعو إلى الصحوة، يوزع منشورات تدعو للصلاة والصدق، ويختمها بنداء “انصروا المجاهدين”.

لم يكفّر الأنظمة، ولم يدع إلى قتال داخلي، بل ركز على الاحتلال الخارجى وكان شعاره نحن لا نقاتل الناس، بل ندعوهم فإن استجابوا، فهم إخواننا، وإن أبوا، قاتلناهم دفاعًا عن الإسلام وأهله.

إرثه المتناقض

بعد اغتياله الغامض عام 1989، ورث تنظيم القاعدة جزءًا من شبكته، لكن لا روحه فأيمن الظواهرى وأتباعه أخذوا البعد الأممي، وأسقطوا الجانب الدعوي، بينما عزام كان يرفض التفجير فى المساجد والأسواق، ويصر أن الجهاد لا يعنى القتل من أجل القتل.

وجهت القاعدة البوصلة من قتال العدو المحتل إلى “قتال الأنظمة المرتدة”، وتحول المبدأ من الجهاد لتحرير الأرض إلى الجهاد لإسقاط الدولة وهنا الفارق جوهري.

ورغم أنه لم يكفّر، فقد تعرض عزام لانتقادات من فقهاء ورجال دين قالوا إن الجهاد لا يكون فريضة عين إلا بإذن الإمام - الرئيس - بينما رأى آخرون أنه أطلق خطابًا حماسيًا دون ضوابط شرعية كافية، ما فتح الباب لاحقًا للتأويلات المتشددة.

ومع ذلك يبقى عبد الله عزام حالة استثنائية، هو ملهِم لجيل كامل من الجهاديين، وصاحب خطاب مزدوج بين التصوف والجندية والخنادق.

ويمكن القول إن مدرسة عزام لم ترَ فى المجتمعات الإسلامية خصمًا، بل جمهورًا يحتاج التذكير، ولم تضع الأنظمة فى مرمى البندقية، بل كانت تطلق رصاصها نحو العدو الخارجى لكن سرعان ما تغيّر كل شيء.

تحول تلاميذ عزام إلى قتلة باسم “أمة بلا حدود”، وبقى الشيخ فى ذاكرة من أمنوا به وهو يقول من لا يقتل فى سبيل الله اليوم، سيموت على فراشه مثل البعير. وبين الدم والرصاص، ولد تيار ثم انفلت من يد صاحبه.

طالبان.. ثمار الحكم مرتين

فى نهاية القرن العشرين، ظهرت حركة طالبان كعاصفة خرجت من عمق المجتمع الأفغاني، لا ترفع شعارات السياسة، بل تكتفى بكلمة واحدة “الشريعة”.

وفى المرة الأولى التى حكمت فيها أفغانستان (1996–2001)، بدت وكأنها تحاول إعادة إنتاج المدينة النبوية، ولكن بسلاح الكلاشينكوف وسياط الشرطة الدينية.

المرة الأولى.. الشريعة بالسيف

جاءت طالبان إلى الحكم بعد فوضى الحرب الأهلية بين الفصائل الأفغانية، وعدت الناس بالأمان والنظام، وفعلًا نجحت فى ضبط الشارع، لكنها فعلت ذلك بمنطق الحديد والنار.

طبقت الحدود الشرعية بحرفية متشددة: الجلد، الرجم، قطع اليد، أُغلقت المدارس أمام البنات، وحرمت المرأة من العمل، وجرى تكسير أجهزة التلفاز، ومنع التصوير والغناء والموسيقى. الدولة تحولت إلى سجن كبير، ورجال الشرطة الدينية كانوا هم القضاة والجلادين.

كانت طالبان تحكم باسم الشريعة، لكنها لم تقدم تصورًا فقهيًا متماسكًا بل اكتفت بتفسير تقليدى متشدد للحنفية المذهبية، ممزوج بعادات محلية بشتونية.

وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 سقطت طالبان بسرعة أمام ضربات التحالف الدولى ضد الإرهاب، لم تصمد كثيرًا، لكنها لم تختفِ، عادت إلى الجبال، وبدأت حرب استنزاف طويلة.

العودة الثانية.. عقيدة دبلوماسية مضطربة

فى 2021، عادت طالبان إلى الحكم بعد انسحاب أمريكا، لكن الصورة لم تكن نفسها، لم تعد الحركة تلك الجماعة الثورية المنعزلة، بل ظهرت بلغة دبلوماسية أكثر مرونة، تعد العالم بعدم الانتقام، وبضمان التعليم، وتقول إنها “تطورت”.

ولكن التناقض سرعان ما ظهر.. وعود دولية بالخارج، وقواعد صارمة بالداخل، أعيدت القيود على النساء، وجرى قمع الإعلام، لكن بلغة أقل عنفًا من الماضي، لم تفتح المدارس الثانوية للبنات، وظهر خطاب رسمى يقول إن “التعليم حق.. ولكن بشروط الشريعة”.

طالبان الآن تحكم، لكنها لا تملك خبرة إدارة الدولة، تعتمد على العشائر، وتحاول كسب رضا المجتمع الدولى دون أن تتخلى عن هويتها، وتحاول أن توازن بين سلطة دينية تقليدية ورغبة فى الاعتراف السياسي.

مدرسة طالبان الفكرية

فكريًا لا يمكن تصنيف طالبان ضمن المدرسة القطبية أو مدرسة الجهاد العالمي، هى أقرب إلى السلفية التقليدية، لكنها على المذهب الحنفي، ومتأثرة بالعادات البشتونية أكثر من أى تنظيم إسلامى آخر.

لم تكتب طالبان مراجع فكرية كبرى، فهى ليست حركة مؤدلجة، بل تتبنى رؤية سلفية محافظة ومرجعها هو الفقه الحنفى والقبيلة، لا كتب سيد قطب أو الظواهري.

يمكن القول ان طالبان حكمت أفغانستان. وفى كل مرة كانت تجرب وجهًا مختلفًا، مرة بالسيف والفتاوى، ومرة بالحذر والتفاوض. لكنها فى المرتين بقيت وفيّة لهويتها القَبَلية، متشددة تجاه النساء، ومتحفظة على الحداثة.

ومن وقت عودتها تطرح الأسئلة نفسها، هل يمكن لحركة دينية مسلحة، ولدت فى المعسكرات، أن تتحول فعلًا إلى سلطة سياسية عقلانية، أم أن التصالح مع العالم مجرد قشرة مؤقتة، سرعان ما تتشقق أمام أى تهديد.

الشرع.. من أدغال أدلب لـ سوريا الجديدة

يقول كتاب “إدارة التوحش”، الذى ألهم كثيرًا من قادة التيارات الجهادية، أن التمكين لا يتم إلا بالدماء والولاء والبراء، لكن يبدو أن الرئيس السورى أحمد الشرغ قرأ هذه القاعدة وتجاوزها.

كان الشرع أحد أبرز وجوه التيار الجهادى فى سوريا، رجلًا يتصدر المشهد بلحية كثّة ولهجة حادة، واسمه الحركى “أبو محمد الجولاني” لكن قليلين فقط كانوا يعرفون أن اسمه الحقيقى هو أحمد حسين الشرع.

فى بدايته، كان الشرع امتدادًا صريحًا لخط الظواهرى والقاعدة، خرج من عباءة العراق إلى الشام، محملًا بفكر “الطليعة المؤمنة” التى ترى فى القتال ذروة سنام الإسلام، وفى الخلافة أملًا يجب فرضه بالسلاح.

وحين أعلن مبايعته لتنظيم القاعدة، لم يكن ذلك خروجًا على الجماعات المحلية فقط، بل إعلان تبعية مباشرة لرأس الهرم الجهادى العالمي.

لكن هذه المبايعة لم تصمد طويلًا وسرعان ما نشب الخلاف مع داعش، ثم بدأت ملامح مشروع الشرع داخل جبهة النصرة، وتحولت مع الوقت إلى كيان مختلف.

فى 2016 غير الشرع اسم جماعته إلى “جبهة فتح الشام”، ثم إلى “هيئة تحرير الشام”، وأسقط علنًا ارتباطه بالقاعدة، مبررًا ذلك بمصالح “الثورة السورية” ولم يكن هذا مجرد إجراء تنظيمي، بل نقطة تحول فكرية عميقة.. الانتقال من جماعة عابرة للحدود إلى كيان محلى يسعى للحكم.

خطاب الشرع الجديد: سلطة الأمر الواقع

تطور خطاب الشرع من مفردات التكفير والعداء للديمقراطية، إلى لغة محلية تتحدث عن الإدارة المدنية والعدالة والحوكمة.

وظهر فى مقابلات تلفزيونية، وارتدى ملابس مدنية، وتحدث عن محاربة الفساد، بل وقال إنه لا يعارض علاقات مع دول غير إسلامية.

فى واحدة من أكثر مفارقات المشهد السوري، استقبله الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بتصريحات غير مباشرة اعتبرته “مقاتلًا ضد داعش” وهو ما لم يكن أحد يتوقعه قبل سنوات.

يقول سامح عسكر الباحث فى شؤون الجماعات الدينية تعليقا على لقاء الشرع وترامب: بغض النظر عن سعادتنا برفع العقوبات عن السوريين فى الأخير، لكن هى لفتة مهمة للإشارة إلى أن كافة تيارات العنف الدينى من الإخوان والجهاديين والقاعدة وداعش ليسوا مصممين نفسيا على مقاومة إسرائيل والولايات المتحدة، بل مصممين على الخضوع لهما فى حال رغبت الولايات المتحدة فى ذلك.

واضاف:  استقواء هؤلاء على السوريين الضعفاء وإبادة الطوائف والأقليات، فى وقت يعلنون فيه خضوعهم وقبولهم بضياع الجولان والجنوب السوري، هو إعلان فشل نهائى لمشروع جماعات الإسلام السياسي.

وتابع: لقد أطلقت هذه التصرفات رصاصة الرحمة على مشروع حسن البنا وسيد قطب وأسامة بن لادن للأبد ولعل فى ذلك اندماج لميلاد جديد لم تتضح هويته بعد، لكن علينا ان نجتهد فى فهم هذا المولود الجديد الفترة القادمة.

من حديث عسكر، يبدو أن الشرع اختار البراجماتية كوسيلة للبقاء، مع أنه لم يعلن يومًا تراجعه عن الأفكار السابقة، لم يصدر مراجعات فكرية، ولم ينتقد القاعدة علنًا، لكنه تصرّف وكأنه تجاوزها.

التحولات التى قادها يمكن تفسيرها فى ضوء ما تسميه بعض الأدبيات الجهادية بـ”فقه الواقع”، أى أن التراجع ليس بالضرورة توبة، بل إعادة تموضع لكنه رغم ذلك، أسس لنموذج مختلف عن الظواهرى أو البغدادي: نموذج الزعيم الإسلامى الذى يتحدث بلغة الدولة، لا لغة الخلافة فأحمد الشرع لم يتخل عن حلم الحكم الإسلامي، لكنه غير أدواته، لم يعد يرى فى القتال وسيلته الوحيدة، بل استخدم الإعلام والإدارة، وحتى العلاقات الخارجية، ربما لم يغير جلده بالكامل، لكنه غير موقعه فى الخريطة.

وفى زمن ما بعد الثورة السورية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن لجهادى سابق أن يتحول إلى رجل دولة.. أم أن الجذور القديمة لا تموت، بل تنتظر لحظة الانبعاث؟

يقول أبو بكر ناجى فى كتابة الهام “إدارة التوحش”: قد تضطر الجماعة لمداهنة أطراف غير إسلامية مؤقتًا، لتمكين مشروعها فليست المسألة فى تحول الجهادى إلى رجل دولة، بل فى تحول مفردات العقيدة إلى أدوات تخدم الشرعية الجديدة.

يضيف: من يملك السلاح أولًا، ثم من يملك القبول ثانيًا، أما الفكرة فهى دومًا قابلة لإعادة التدوير.

وهنا يصبح السؤال الأكثر إحراجًا: هل تنتصر السياسة على العقيدة، أم أن العقيدة كانت منذ البداية غطاءً لرغبة مستعرة فى السلطة والحكم؟

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية