رئيس التحرير
عصام كامل

أكتب كي لا أقتل

18 حجم الخط

الكتابة ليست مجرد فعل يدوي ينقل الأفكار من العقل إلى الورق، بل هي طقس روحي، عملية تحرير عميقة، ووسيلة للبقاء، عندما أقول إنني أكتب كي لا أقتل، لا أعني القتل الحرفي فحسب، بل أتحدث عن ذلك الفعل الداخلي الذي يهدد بتدمير النفس والآخرين إذا لم يجد منفذًا، فالكتابة هي صمام الأمان الذي يحول الطاقة المدمرة إلى خلق، ويبدل الشر الكامن في أعماق النفس إلى كلمات تتنفس على الورق.

 

في داخل كل إنسان ظلال مظلمة وأفكار مشوشة وغضب دفين يتراكم من تجارب الحياة، هذا الشر ليس بالضرورة رغبة في إيذاء الآخرين، بل قد يكون مجرد ثقل داخلي، صراع مع الذات، أو شعور بالعجز أمام قسوة العالم.. 

الكتابة بالنسبة لي هي السبيل لتحرير هذا الشر، عندما أمسك القلم أو أضع أصابعي على لوحة المفاتيح، أشعر وكأنني أفتح بوابة سرية إلى عالم آخر، هناك أسكب كل ما يعتمل في صدري مثل الألم والغضب والخوف وحتى الحقد، الكلمات تصبح وعاء يحتوي هذه المشاعر، فبدلا من أن تتحول إلى أفعال مدمرة، تتجسد في حروف تحكي قصة أو تعبر عن فكرة.

 

الكتابة لا تقضي على الشر فحسب، بل تروضه إنها تأخذ الوحش الذي يعيش داخلي وتعلمه الرقص، كل كلمة أكتبها هي خطوة في رقصة معقدة، حيث أحول الفوضى إلى نظام، والغضب إلى تأمل، عندما أكتب أمنح هذا الشر فرصة للتعبير عن نفسه بطريقة لا تؤذي أحدًا، بل ربما تلهم أو تثير التفكير.

 

الغضب هو نار تحرق صاحبها قبل أن تمتد إلى الآخرين، كم من مرة شعرت أنني على وشك الانفجار، أن كلمة واحدة أو موقفا صغيرًا قد يدفعني إلى رد فعل أندم عليه؟ في هذه اللحظات تكون الكتابة ملاذي، أجلس وأكتب أترك الكلمات تنساب كما لو كانت دموعا لم أستطع البكاء بها، أكتب عن الظلم الذي شعرت به، عن الإحباط الذي يكاد يخنقني، ومع كل جملة أشعر أن الغضب يتلاشى وأن النار بداخلي تهدأ تدريجيًا حتى تصبح مجرد رماد.

 

الكتابة تبتلع الغضب وتحوله إلى شيء آخر، ربما تصبح قصة عن بطل يواجه مصاعب الحياة، أو مقالًا ينتقد ما يزعجني في المجتمع، أو حتى مجرد يوميات شخصية لا يقرأها أحد، المهم أن الغضب لم يعد عدوًا يتحكم بي، بل مادة خام أستخدمها لصنع شيء ذي معنى.

 

أنا إنسان، ومثل كل البشر أملك لحظات ضعف أفقد فيها السيطرة على انفعالاتي. كلمة قاسية، رد فعل متسرع، أو قرار متخبط قد يكون كافيًا لإفساد يومي أو علاقتي بمن حولي، لكن الكتابة علّمتني الصبر، عندما أكتب أضطر إلى التفكير، إلى اختيار الكلمات بعناية، إلى ترتيب أفكاري، هذه العملية بحد ذاتها تلجم اندفاعي. إنها تجبرني على التباطؤ، على النظر إلى الموقف من زوايا مختلفة، وعلى فهم نفسي قبل أن أحكم على الآخرين.

 

الكتابة تمنحني مساحة لأكون أنا بكل تناقضاتي دون خوف من الحكم،  إنها المكان الذي أستطيع فيه أن أصرخ.. أن أبكي.. أن أضحك.. أن أكون غاضبا أو سعيدا، دون أن يتأذى أحد، وفي هذه المساحة أتعلم كيف أسيطر على انفعالاتي وكيف أوجهها نحو شيء بناء بدلًا من أن أتركها تدمرني.

 

الكتابة ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل هي بوابة إلى عوالم لا نهائية، عندما أكتب أعيش ألف حياة.. أكون بطل قصة خيالية يقاتل التنانين، أو عاشقا يعاني من فراق حبيبته، أو فيلسوفا يتأمل معنى الوجود، الكتابة تمنحني الحرية لأكون أي شخص في أي مكان وفي أي زمان، تتيح لي استكشاف أحلامي وتطلعاتي وحتتى مخاوفي دون قيود.

 

هذه الحيوات المتعددة ليست مجرد هروب من الواقع، بل هي طريقة لفهمه، من خلال الكتابة أستطيع أن أضع نفسي في مكان الآخرين، أن أرى العالم من منظورهم، وأن أفهم تعقيدات الإنسانية، كل قصة أكتبها كل مقال أصيغه هو محاولة لاستيعاب هذا العالم الشاسع والمعقد.

الكتابة تجعلني أكبر من نفسي، أكثر عمقا، وأكثر إنسانية.. أنا أكتب كي لا أقتل، لأن الكتابة هي حياتي، وهي، في النهاية ما يجعلني أنا.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية