رئيس التحرير
عصام كامل

نقابة الصحفيين تاريخ طويل من العمل المشترك والمنافسة الشريفة.. حافظ محمود يتضامن مع زهيري في معركة التطبيع.. وهيكل إلى جوار نافع ضد قانون 93

نقابة الصحفيين، فيتو
نقابة الصحفيين، فيتو
18 حجم الخط

يبدو أن الطريق إلى 4 شارع "عبد الخالق ثروت" لم يكن مفروشًا بالورود، أيقن قاصدوه أن الحرية أم المعارك، وأن الكرامة أنسب الطرق لاقتناص الحقوق، فكانت قلعة الحريات بحكم الضمير والتاريخ، شاهدة على نضال أبنائها دفاعًا عن مصالحهم دون تفريطًا أو إفراط.

نقابة الصحفيين التي يزيد تاريخها على ثمانية عقود من الوطنية والنضال لأجل المهنة وأصحابها، وتعد نموذجا يحتذى به في العمل النقابي، هي الأعرق والأقدم والأهم بين الكيانات النقابية، على مستوى الشرق الأوسط.

معارك تاريخية لنقابة الصحفيين 

نقابة الصحفيين، التي بدأت معاركها مع وضع اللبنة الأولى لها، على مدى تاريخ يربو على سبعة عقود، لا يزال أبناؤها بتعاقب الأجيال وتغير الظروف يخوضون معركة الضمير.


الاشتغال بالسياسة 

كانت أولى معارك قلعة الحريات التي بدأت في عامها الأول، في عهد محمود أبو الفتح باشا، أول نقيب معين، هو مشروع قانون النقابة الذي كان ينص على حظر اشتغال الصحفيين بالسياسة، حينها اعترض الأعضاء حتى رضخ مجلس الشيوخ لموقفهم، وكانت نقابة الصحفيين أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة، واستطاع الوعي الجمعي للصحفيين منذ هذه اللحظة ألا يخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بحكم طبيعة عملهم بالسياسة وبين العمل الحزبي ولم تسمح الجمعية العمومية أو مجالس النقابة التي أبدت رأيها في كثير من أمور السياسة العامة للوطن أن تكون بوقًا حزبيًا لأي تيار سياسي أو جماعة.

 

معركة مقر نقابة الصحفيين 

معركة مقر لنقابة الصحفيين كانت نموذجًا لتكاتف جميع التيارات على اختلافها، عندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942 وجد مجلس النقابة‏ أن الصحفيين‏ ‏في‏ ‏أشد‏ ‏الحاجة‏ ‏إلى‏ ‏مكان‏ ‏أكثر‏ اتساعا ‏لعقد‏ ‏جمعيتهم‏ ‏و‏اهتدى‏ المجلس ‏إلى‏ ‏قاعة‏ ‏نقابة‏ ‏المحامين‏ الكبرى ‏لعقد‏ ‏هذا‏ ‏الاجتماع،‏ ‏وأثناء‏ ‏عقد‏ ‏الاجتماع‏ ‏استرعى‏ ‏انتباه‏ ‏مجلس‏ ‏النقابة‏ ‏وجود‏ ‏قطعة‏ ‏أرض‏ ‏فضاء‏ ‏مجاوره‏ ‏لنقابة‏ ‏المحامين‏ ‏عليها‏ ‏بضع‏ ‏خيام‏.‏

تأجير مقر للنقابة 

سعت‏ ‏النقابة‏ ‏لاستئجار‏ ‏مقرًا‏ ‏آخرًا، وفي عام 1944 كان‏ ‏فؤاد‏ ‏سراج‏ ‏الدين‏, وزير‏ ‏الداخلية, ‏‏أمر‏ ‏بالاستيلاء‏ ‏على ‏مبنى‏ ‏من‏ ‏طابق‏ ‏واحد‏ ‏بشارع‏ ‏قصر‏ ‏النيل‏ رقم‏ 33 ‏أمام‏ ‏عمارة‏ الإيموبيليا ‏والبنك‏ ‏الأهلي ‏ومصادرته‏ ‏لصالح‏ ‏نقابة‏ ‏الصحفيين‏ ‏فورًا‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏ناديا‏ ‏فخمًا‏ ‏للعب‏ ‏القمار‏.‏
 

وظل‏ ‏هذا‏ ‏المبنى ‏‏مقرا‏ ‏للنقابة‏ ‏وناديا‏ ‏لها‏ ‏تم‏ ‏دعمه‏ ‏بمكتبة‏ ‏قيمة‏ ‏تحتوي‏ ‏على‏ أربعة‏ ‏آلاف‏ ‏كتاب‏ ‏والعديد‏ ‏من‏ ‏الدوريات‏ ‏الصحفية‏ ‏وأصبح‏ ‏يتوافد‏ ‏عليه‏ ‏الزائرون‏ ‏من‏ ‏كبار‏ ‏رجال‏ ‏الدولة‏ ‏والأدباء‏ ‏والفنانين‏، ‏ورغم‏ ‏أن‏ ‏رفعة‏ ‏مصطفى‏ ‏النحاس‏ ‏باشا‏ -رئيس‏ ‏الوزراء- ‏قد‏ ‏أمر‏ ‏بتخصيص‏ ‏قطعة‏ ‏الأرض‏ ‏المجاورة‏ ‏لنقابة‏ ‏المحامين‏ ‏ليقيم‏ ‏عليها‏ ‏الصحفيون‏.


وغامر‏ ‏حافظ‏ ‏محمود‏ - ‏وكيل‏ ‏النقابة‏ - ابن التيار المحافظ ‏ووجه‏ ‏أثناء‏ ‏غياب‏ ‏فكري‏ ‏أباظة‏، الوفدي، ‏بالخارج‏ ‏بتوجيه‏ ‏إنذار‏ ‏إلى‏ ‏القيادة‏ ‏البريطانية‏ ‏بالقاهرة‏ ‏للجلاء‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الأرض‏، ‏حيث‏ ‏إنها‏ ‏آلت‏ ‏من‏ ‏الحكومة‏ ‏المصرية‏ ‏لنقابة‏ ‏الصحفيين‏ لإقامة ‏مبنى‏ ‏جديد‏ ‏عليها‏.

 

‏وكانت‏ المفاجأة‏ ‏أن‏ ‏استجابت‏ ‏القيادة‏ ‏البريطانية‏ ‏على‏ ‏الفور وواجهت‏ ‏النقابة‏ بعد ذلك ‏مشكلة‏ ‏التمويل،‏ ‏وقام‏ ‏مصطفى‏ القشاشي، السكرتير‏ ‏العام‏ ‏لنقابة‏ ‏الصحفيين- ‏ببذل‏ ‏جهود‏ ‏مضنية‏ ‏مع‏ ‏‏ ‏محمود‏ ‏فهمي‏ ‏النقراشي‏ -‏رئيس‏ ‏الوزراء‏ آنذاك- بخصوص‏ ‏هذا‏ ‏الموضوع‏ ‏ومهد‏ ‏الطريق‏ ‏لعقد‏ ‏اجتماع‏ ‏لرئيس‏ ‏الوزراء‏ ‏مع‏ ‏مجلس‏ ‏النقابة‏ ‏لأول ‏مرة‏ ‏وتم‏ ‏عرض‏ ‏مطلب‏ ‏النقابة‏ ‏على‏ ‏مجلس‏ ‏الوزراء‏ ‏الذي‏ ‏وافق‏ ‏على ‏اعتماد‏ 40 ‏ألف‏ ‏جنيه‏ ‏تحت‏ ‏حساب‏ ‏تكاليف‏ ‏المبنى، ووضع‏ ‏النقيب‏ ‏محمود‏ ‏أبو‏ ‏الفتح‏ - ‏حجر‏ ‏الأساس‏ ‏للمبنى ‏ ‏أول‏ ‏يونيو‏ 1947 ‏وتم‏ ‏افتتاحه‏ ‏رسميا‏ ‏في‏ 31 ‏مارس ١٩٤٩.

رفض التطبيع
كان رفض التطبيع واحدة من أشرس المعارك الوطنية لنقابة الصحفيين التي انصهرت فيها الجماعة الصحفية على مختلف انتماءاتها، فكانت البداية عندما اشتدت المعارضة ضد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حين قرر الذهاب إلى إسرائيل، وإلقاء خطابه الشهير في الكنيست، ثم توقيعه اتفاقية كامب ديفيد.



تحويل النقابة إلى نادٍ
شرعت أقلام الصحفيين المصريين في الداخل والخارج في انتقاد نهج وسياسات السادات وشهدت النقابة أنشطة في هذا الاتجاه أثارت غضب الرئيس الأسبق أنور السادات الذي سخر من لقاءات ومناقشات الصحفيين التي كانت تعج بها حديقة النقابة في المبنى القديم بمكانها الحالى ووصفهم بأنهم أعضاء «حزب الحديقة»، وبلغ غضب السادات ذروته عندما أعلن فجأة قراره بتحويل النقابة إلى «نادي للصحفيين» وقاد كامل زهيرى الذي كان نقيبًا للصحفيين آنذاك،  والمحسوب على التيار التقدمي، وسانده حافظ محمود، ابن التيار المحافظ، وباقي مجلس النقابة بمختلف توجهاتهم السياسية  حملة معارضة لقرار الرئيس السادات.



العدول عن قرار تحويل نقابة الصحفيين إلى نادٍ


وتحت ضغط الرفض الرهيب لهذا القرار وتصاعد مظاهر احتجاجات الصحفيين ومساندة قطاعات واسعة من الرأي العام ومؤسسات وقوى سياسية لموقف النقابة، تراجع السادات عن قراره ورفع النقيب كامل زهيري المحسوب على المعارضة ابن التيار التقدمي شعار "العضوية كالجنسية"،  بل ذهب مجلس النقابة بمختلف توجهاته السياسية إلى أبعد من ذلك، فقرر حظر التطبيع النقابي مع الكيان الصهيونى، حتى يتم تحرير الأراضى العربية المحتلة وعودة حقوق الشعب الفلسطينى، وفى مارس سنة 1980 صدقت الجمعية العمومية للصحفيين على القرار، وكانت أول نقابة مهنية تتخذ هذا الموقف وتبعتها بعد ذلك النقابات المهنية والعمالية.



معركة قانون 93
 

معركة دقت طبولها في 27 مايو 1995، واستمرت نحو 13 فكانت «أم المعارك»، وكانت نموذجًا حقيقي للعمل المشترك بعيدًا عن الانتماءات والأيدولوجيات، فكان كامل زهيري، ابن التيار التقدمي ونقيب الصحفيين الأسبق، جنبًا إلى جنب إبراهيم نافع، نقيب الصحفيين حينها والمقر للسلطة. 

 

 عمومية الصحفيين في 10 يونيو 

اشتعلت الأزمة عندما تم تمرير مشروع القانون رقم 93، الذي كان يتضمن تغليظ عقوبات جرائم النشر، وإلغاء ضمانات عدم الحبس الاحتياطي للصحفيين.اتخذ مجلس النقابة برئاسة إبراهيم نافع آنذاك قرارًا بمواجهة ذلك القانون، والدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة في العاشر من يونيو، سبقتها احتجاجات متواصلة، دعمه في موقفه كامل زهيري ومحمد حسنين هيكل، وآخرين من المختلفين مع توجه «نافع» السياسي، ونشر الصحفيون آنذاك قائمة سوداء بأسماء النواب الذين تزعموا تمرير القانون، وأقاموا جنازة رمزية شيعوا فيها حرية الصحافة، وتوالت مبادرات الغضب واحتجت الصحف الحزبية واعتصمت بكامل محرريها بحديقة النقابة وعقدت القوى السياسية والأحزاب مؤتمرًا حاشدًا بمقر حزب الوفد، حتى انتصرت الجماعة الصحفية، واختار جموع الصحفيين 10 يونيو عيدًا سنويًا لحرية الصحافة.

 

معركة جلال عارف وصلاح منتصر 

في عام ٢٠٠٣ خاض المعارض جلال عارف، المحسوب على تيار الاستقلال بالنقابة، الانتخابات على منصب النقيب، أمام منافسه الأبرز صلاح منتصر، الموالي للسلطة آنذاك، كانت معركة تكسير العظام كما أطلق البعض عليها، ولكن التزمت بقواعد المنافسة الشريفة وكان اختلافهما لمصلحة الصحفيين ومحور تنافسهما قضايا المهنة.

فاز «عارف» الصحفي بالأخبار على «منتصر» الصحفي بالأهرام، بفارق 370 صوتًا في انتخابات أجريت تحت إشراف قضائي، بعد معركة قانونية أدت إلى تأجيلها مرتين خلال شهر واحد. وحصل عارف على 1785 صوتا مقابل 1415 صوتا لمنتصر من أصوات الجمعية العمومية للنقابة التي حضرها ما يقرب من 4200 صحفي توزعوا على الصحف الحكومية والمعارضة والمستقلة.

بعد تجربة جلال عارف الأولى، خاض الانتخابات للمرة الثانية على التوالي على مقعد النقيب، أمام إبراهيم حجازي، الصحفي بالأهرام ووكيل نقابة الصحفيين، شاركهما فيها مصطفى بكري، وأسامة الغزالي حرب، حصل فيها «عارف» 1675 صوتًا فيما حصل «حجازي» على 1087 صوتًا وذلك في انتخابات الإعادة.

جولة الإعادة بين عارف وحجازي 

استلزمت الانتخابات بين «عارف» و«حجازي»  إجراء إعادة، حيث أسفرت عن حصول كل منهما على أعلى الأصوات فى المنافسة التى جرت بين 11 مرشحا لم يحصل أي منهم على نسبة( 50% + 1) وهو ما استلزم الانتخابات بين إثنين حصلا على أعلى الأصوات، ونتج عنها فوز جلال عارف، للمرة الثانية بمقعد نقيب الصحفيين.

قضايا استقلال النقابة 

وكانت قضايا استقلالية النقابة والحريات الصحفية، متصدرة الحملات الانتخابية للمرشحين، استندت حملة الانتخابية كل من «عارف» و«حجازي» على تاريخ طويل في العمل النقابي يمتد لأكثر من عشرين عامًا.

مكرم محمد أحمد ورجائي الميرغني 

معركة أخرى داخل بلاط صاحبة الجلالة، ضربت مثلًا للمنافسة الشريفة رغم اختلاف المتنافسين في التوجهات والرؤى، وهي انتخابات عام ٢٠٠٧ الذي تنافس فيها كل من مكرم محمد أحمد، المقرب  للسلطة، ورجائي  الميرغني، المعارض والمحسوب على تيار الاستقلال بالنقابة.
 مكرم محمد أحمد، المقرب من السلطة والذي، خاض انتخابات الصحفيين على مقعد النقيب لمرتين سابقتين، اتخذ من "لا لحبس الصحفيين" شعارًا لحملته، وتنافس 77 مرشحا على 12 مقعدا في نقابة الصحفيين بينهم خمسة على مقعد النقيب، وسط جدل شديد بشأن قانون النشر الجديد.

 حرية الوصول إلى المعلومات وإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر 

وشكلت حرية الوصول إلى المعلومات وإلغاء عقوبة السجن بقضايا النشر وتحسين أوضاع الصحفيين أبرز ملفات الانتخابات التي شهدت حضورا بارزا للعنصر النسوي، ووضعت وجها لوجه تيار المعارضة بأطيافه اليسارية والناصرية في مواجهة تيار محسوب على الحكومة. 

انتخابات نقابة الصحفيين 2025

الجماعة الصحفية تحسم غدًا أطول انتخابات شهدتها نقابة الصحفيين، طيلة تاريخها الطويل، والذي شهد انتخاب أسماء ملء السمع والبصر جلست على مقعد نقيب الصحفيين، وعضوية مجلس النقابة، ضربوا نموذجًا في التجانس والتعاون والاحترام لصالح جمعيتهم العمومية، دون أن يختلف اثنين على نزاهة الصندوق والتنافس الشريف.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية