رئيس التحرير
عصام كامل

الأهم من الصفقة!

مهم جدًا أن تتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، فاقتصادها في أمس الحاجة لتدفق مستدام من موارد النقد الأجنبي، الذي به  تهدأ الأسواق ويُكبح جماح الدولار الذي رفع الأسعار بلا هوادة ولا منطق.. 

 

لكن الأهم أن تتبنى الحكومة فكرًا اقتصاديًا مغايرًا في الاستثمار يقوم على تعظيم التصنيع المحلى وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والسلاح أيضًا؛ لتصبح التنمية حقيقية ومستدامة تولد الثروات وفرص العمل وتدفع في اتجاه تحسين المعيشة وتحقيق النهضة المنشودة.. ولن يتحقق ذلك إلا بالرجوع لأهل الذكر والاستعانة بأصحاب التخصص بتجرد وموضوعية.


من المهم أن تعلن الحكومة بشفافية مزيدًا من التفاصيل عن أكبر صفقة تنموية في رأس الحكمة؛ لتوقف سيل التخرصات والاجتهادات والشائعات التي صاحبت الإعلان عن تفاصيل الصفقة وكتابة عقودها.. 

 

من المهم جدًا أن تقول الحكومة بوضوح كيف ستنفق هذه الموارد النقدية، وهل ستبنى مصانع جديدة لزيادة الإنتاج والصادرات وتلبية الاحتياجات المحلية وخفض فاتورة الاستيراد، أم ستذهب لسداد أقساط الديون والإفراج عن السلع المتراكمة في المواني كما يدعى البعض، وتمويل عجز الموازنة؟!


لاشك أن مجرد الإعلان عن تدفقات دولارية بهذا الحجم أحدث تحرك في السوق المصرفية ووجه ضربة للمضاربين بالدولار وبعث برسائل طمأنة للأسواق ولرجال الأعمال في الداخل والخارج.. لكن الأهم أن تحدث استدامة لتلك الطمأنة بخطط واضحة للتعامل مع الأزمة برؤية متوسطة وبعيدة المدى وإجراءات فعالة حتى لا نقع ثانية في أزمات خانقة ترفع الأسعار وتزيد الفجوة بين المواطن وحكومته.

ترشيد الانفاق الحكومى


نحتاج تغييرًا حقيقيًا في الرؤية الاقتصادية، نحتاج نمطًا اقتصاديًا مغايرًا، نحتاج لزيادة حقيقية في الإنتاج؛ فذلك وحده كفيل ببث الطمأنينة في القلوب وتحقيق الاستقرار والكفاية، ولجم الغلاء ووقف جشع التجار الذين لا يشبعون من التربح بالأزمات ولو على حساب الوطن.


الاستثمارات الأجنبية وضخ عملات صعبة في شرايين الاقتصاد أمر في غاية الأهمية؛ لكن علينا أن نتعامل برشد مع الموارد النقدية، والإعلان عن كيفية إنفاق تلك الأموال بشفافية ووضوح مع ترشيد الإنفاق الحكومى لأقصى درجة ممكنة، لتقدم الحكومة من نفسها قدوة للمواطن حتى إذا ما طالبته بالترشيد وجدت لديه استعدادًا لقبول ما تدعوه إليه والأهم تصديق ذلك والاقتناع به؛ فلا يقنع في النهاية إلا ما هو مقنع.


التركيز على تعظيم الاستثمار في الإنتاج الصناعي والزراعي، والتعليم والصحة يضمن خلق قوة مضافة للاقتصاد تسهم في التعافي والاستقرار، والكف عن الاقتراض حتى نتفادى ارتفاع فاتورة الديون التي تلتهم عوائد الإنتاج وترهق الخزانة العامة، ولابد من توسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد فهو أكبر مشغل للعمالة، وأكبر مصدّر للخارج، والشريك الحقيقي الناجح في الإدارة.

 


نتمنى للانفراجة الجديدة أن تستمر وأن نستفيد من أخطائنا، وأن نحسن توظيف متحصلات أكبر صفقة أعلنت عنها الحكومة وأن نضع كل مليم في مكانه المستحق حتى لا نبدد تلك الفرصة التي ربما لا تعوض!

Advertisements

الجريدة الرسمية