رئيس التحرير
عصام كامل

دعوى عزل وحبس ضد محافظ القاهرة بسبب فساد مول البستان.. القضية تكشف فسادًا بالمحليات أضاع على الدولة أكثر من 600 مليون جنيه

مول البستان،فيتو
مول البستان،فيتو

امتناع مسئول كبير عن تنفيذ حكم قضائي بات ونهائي، هو تحد صارخ للقانون، وعرقلة صريحة للعدالة، وضياع لحقوق المتقاضين، لذلك فقد نص القانون المصري على معاقبة كل مسئول يمتنع عن تنفيذ أحكام القضاء بالحبس والعزل من وظيفته.. وفى هذا الإطار، أقامت “الشركة الذهبية جروب للاستثمار العقاري”، دعوى قضائية ضد اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، نظرا لامتناعه عن تنفيذ حكم بات ونهائي صادر من المحكمة الإدارية العليا، يقضى بتسليم “جراج ومول البستان” إلى الشركة خاليا من الأفراد والمنقولات، كى تتمكن من تطويره واستغلاله، وفقا لما جاء فى بنود المزايدة العلنية، التى أجرتها المحافظة وفازت الشركة بها. وطالبت الدعوى كذلك بإلزام محافظ القاهرة بصفته بدفع مبلغ 50 ألفا، وواحد جنيه، على سبيل التعويض المدني المؤقت للشركة، نظرا للأضرار الفادحة التي تعرضت لها نتيجة لعدم تنفيذ الحكم المشار إليه.

Advertisements

وجاء فى عريضة الدعوى، أن “الشركة الذهبية للاستثمار العقاري”، فازت بمزايدة أعلنت عنها محافظة القاهرة عام 2015، لتطوير واستغلال مول وجراج البستان بمنطقة “وسط البلد”، لمدة عشر سنوات، إلا أن المحافظة امتنعت عن تسليم المول للشركة رغم تنفيذها لكافة البنود والشروط الواردة فى المزايدة.. وفى عام 2018 أقامت الشركة الذهبية دعوى قضائية حملت رقم (73514) لسنة 70 قضائية أمام الدائرة الثامنة عقود بالقاهرة، اختصمت فيها اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، وطالبته بسرعة تسليم جراج ومركز البستان، ولكن المحكمة قبلت الدعوى شكلا ورفضتها موضوعا بتاريخ 24 أبريل 2018.. وفى شهر يونيو 2018 طعنت الشركة على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وحمل الطعن رقم (69305) لسنة 64 قضائية، وفى جلسة 28 ديسمبر 2021، أصدرت الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا حكما باتا ونهائيا، بقبول الطعن، وإلغاء القرار السلبى الصادر من محافظ القاهرة بالامتناع عن تسليم مركز وجراج البستان إلى الشركة الذهبية، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتى التقاضي.

وأضافت الشركة فى دعواها أنها أعلنت اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، بحكم الإدارية العليا وصورته التنفيذية بتاريخ 11 مايو 2023، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم، إلا أنه لم يحرك ساكنا وبقى الحال كما هو عليه، الأمر الذى دفع الشركة المدعية بالحق المدني، إلى توجيه إنذار رسمى حمل رقم (31169 ) لمحافظ القاهرة بصفته بتاريخ 21 اكتوبر 2023، لتنفيذ حكم الإدارية العليا، وانتظرت 8 أيام هى المهلة القانونية، ولكنه امتنع أيضا عن تنفيذ الحكم، رغم علمه بتفاصيله كاملة، مع علمه بأن الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء أو عرقلة تنفيذها، يعد جريمة يعاقب عليها القانون، لذلك لجأت الشركة مرة أخرى إلى القضاء وأقامت هذه الدعوى أمام محكمة جنح مصر الجديدة، دائرة الجنح والمخالفات، التى حددت جلسة 24 فبراير الجارى لنظرها، وأعلنت محافظ القاهرة بتاريخ الجلسة للحضور أمام المحكمة.

من جهة أخرى، حمل حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم (69305) لسنة 64 قضائية، تفاصيل كثيرة ومثيرة حول مزايدة “مول البستان”، حيث أوضح أن محافظة القاهرة طرحت فى مزايدة علنية، حق استغلال مركز وجراج البستان لمدة 10 سنوات، وبتاريخ 25 نوفمبر 2015، أرسيت هذه المزايدة على “الشركة الذهبية للاستثمار العقاري”، بمبلغ 35 مليونا و300 ألف جنيه سنويا، بزيادة قدرها 8 % سنويا اعتبارا من السنة الثانية، وتم اعتماد محضر المزايدة من قبل الجهة الإدارية المختصة، وسددت الشركة مبلغ 10 ملايين و459 ألف جنيه قيمة التأمين النهائي، بالإضافة إلى مبلغ مليون و765 ألف جنيه عمولة دلالة قدرها 5 % من السنة الأولى.، إلا أن محافظة القاهرة لم تسلم مركز وجراج البستان الكائن بمنطقة باب اللوق، إلى الشركة الذهبية للاستثمار العقاري، للبدء فى تطويره وتشغيله، وبتارخ 9 أبريل 2016، طلبت المحافظة من الشركة تقديم ما يفيد سابقة الأعمال والخبرة فى مجال صيانة وتشغيل المولات والمراكز التجارية، وقامت الشركة بموافاتها بالمطلوب، ورغم ذلك فوجئت الشركة مجددا بالمحافظة تطالبها بأوراق وطلبات لم ترد فى كراسة الشروط والمواصفات الخاصة بالمزايدة.

وأشار حكم الإدارية العليا إلى أن الشركة الذهبية، عرضت نزاعها مع محافظة القاهرة على اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، والتى قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 10 ديسمبر 2017، إلزام محافظة القاهرة بتسليم مركز وجراج البستان إلى الشركة، وتم اعتماد هذا القرار من مجلس الوزراء فى جلسته المنعقدة بتاريخ 20 ديسمبر 2017، وهو ما يعنى أن هذا القرار أصبح واجب النفاذ، وتم إخطار محافظة القاهرة به وأعد المستشار القانونى للمحافظة مذكرة فى 4 فبراير 2018 أكد فيها التزام المحافظة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليم المول إلى الشركة الذهبية، وتم اعتماد هذه المذكرة من قبل محافظ القاهرة بتاريخ 8 فبراير 2018، وعلى الرغم من كل ذلك لم تتسلم الشركة جراج ومركز البستان.

من جهتها أكدت “الشركة الذهبية جروب للاستثمار العقاري” أنها تعرضت لتعنت واضح وتعسف فى استغلال السلطة من قبل بعض المسئولين فى محافظة القاهرة، فبعد انتهاء كافة إجراءات المزايدة، رفضوا تسليم المول إلى الشركة للبدء فى تطويره وتشغيله، وضربوا بقرار محافظ القاهرة وقتها الدكتور جلال مصطفى سعيد، عرض الحائط بعد أن ترك منصبه ليتولى وزارة النقل، والذى حمل رقم 2488 لسنة 2016، وهذا القرار نص صراحة على إخلاء مبنى المول من شاغليه وتسليمه للشركة الذهبية، التى رست عليها المزايدة.. وأشارت الشركة إلى أن مسئولى محافظة القاهرة، تواطئوا مع الشركة التى كانت تدير مركز وجراج البستان سابقا والتى كانت تدفع مبلغا زهيدا كإيجار سنوى للمول، الأمر الذى دفع الشركة الذهبية للجوء إلى اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، والتى أصدرت قرارا اعتمده مجلس الوزراء بتسليم المول للشركة الذهبية، وأيضا تعنت مسئولو محافظة القاهرة ورفضوا التسليم، وادعوا على خلاف الحقيقة أنه تم إلغاء المزايدة نتيجة لعدم التزام الشركة الذهبية بتقديم سابقة الأعمال وهو ادعاء لا أساس له من الصحة، حيث قدمت الشركة كافة الأوراق والمستندات المطلوبة منها.

وأضافت الشركة الذهبية أنه بعد صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا لصالحها، رفض سكرتير عام محافظة القاهرة وقتها، والذى تورط فى قضية فساد فيما بعد وصدر ضده حكم بالحبس، تسليم المول، بل والأكثر من ذلك أنه أجرى مزايدة صورية لتأجير المول، فى محاولة منه للتغطية على المخالفات الجسيمة التى ارتكبها مع مسئولين آخرين فى المحافظة بشأن مول البستان، وبموجب تلك المزايدة المزعومة، قاموا بتسليم المول لأحد أعوان صاحب الشركة التى كانت تستغله سابقا، فلجأت الشركة الذهبية جروب للاستثمار العقارى مجددا إلى القضاء الإدارى الذى أصدر حكما جديدا بتاريخ 24 / 5 / 2023، بتسليم المول إلى الشركة، ورغم إعلان المحافظ والمسئولين بالمحافظة بكل تلك الأحكام والإجراءات، إلا أنه لم يتم تسليم المول.

وشددت الشركة الذهبية على أن عدم تسلمها مركز وجراج البستان لتطويره وتشغيله، يتسبب فى خسائر فادحة للدولة تقدر بـ 200 ألف جنيه فى اليوم الواحد، أى ما يعادل نحو 73 مليونا فى العام، بإجمالى 600 مليون جنيه منذ أن رست المزايدة على الشركة فى عام 2015، كل ذلك بسبب ما وصفته الشركة بالفساد المستشرى فى المحليات.

 

الجريدة الرسمية