رئيس التحرير
عصام كامل

ما هو جماع الغيلة وما حكمه وهل أباحه الرسول؟

ما هو جماع الغيلة
ما هو جماع الغيلة وما حكمه وهل أباحه الرسول ؟، فيتو

ماهو جماع الغيلة وما حكمه وهل أباحه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد هذا ما سنتعرف عليه خلال السطور التالية

بيان معنى الغيلة الوارد في السنة النبوية

أصل الغِيلة في اللغة: إيصالُ الشَّرِّ إلى المقصود من حيث لا يعلَمُ ولا يَشعُرُ، يقال: قَتَله غِيلَةً، أيْ: خُدعة، واغتاله؛ أيْ: أَوصل إليه الشرَّ من حيث لا يعلم فيستعدُّ. انظر: "الصحاح في اللغة"، و"لسان العرب" مادة: (غ ي ل).

قال أهل اللغة: الغِيلَة هنا بكسر الغين، ويقال لها: الغَيْل بفتح الغين مع حذف الهاء، والغِيَال بكسر الغين، وقال جماعة من أهل اللغة: الغَيْلة بالفتح المرة الواحدة، وأما بالكسر فهي الاسم من الغَيْل] .

Advertisements

والغِيلة المتعلقة بالولد لها في اللغة معنيان:

الأول: إرضاع الحامل لولدها.

والثاني: جماع الزوج لزوجته المرضع.

الحكمة من النهي عن الغيلة

همَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنهي عن الغيلة؛ لمَّا أكثرت العرب من إتقاء ذلك والتحدث بضرره،  ثم لمَّا حصل عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يَضُرُّ أولاد العجم؛ سَوَّى بينهم وبين العرب في هذا المعنى، فسَوَّغَه] .

وقال الحافظ ابن الجوزي في "شرح المشكل من حديث الصحيحين": [وهذا لأنَّ المرضع إذا جُومِعت فسد لبنها، فارتضع طفلُها لبنًا فاسدًا، فإن حملت كان أكثرَ في الضرر؛ لأنَّ الدم الجيد يتصرَّف إلى غذاء الجنين ويبقى الرديء للمُرْضَع، إلا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـمَّا رأى أن ترك ذلك ربما آذى الرجل بصبره مدَّة الرضاع أجازه بهذا الحديث، وعلل بذكر فارس والروم] .

شبابيك
ما هو جماع الغيلة وما حكمه وهل أباحه الرسول ؟

الأحاديث الواردة في الغيلة وتوجيه النهي الوارد عنه وبيان معناه

 ورد في بعض الأحاديثِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم هَمَّ بالنهي عن الغِيلَة من غير أن ينهى عنها فعلًا، وفي بعضها التصريح بالنهي ونسخِه، وفي بعضها حكاية للنهي على جهة الكراهة مع نفي التحريم القطعي، فهي محمولةٌ على المعنى الثاني، وهو جماع الزوج لزوجته المرضع؛ كما جاء النص عليه، والتصريح به في بعضها.

- فمن الأحاديث التي فيها همٌّ بالنهي عنها من غير نهي، ما رواه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد في "مسنده"، والإمام مسلم في "صحيحه"، عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن جُدَامَةَ بنت وهب الأسدية رضي الله عنها أنها أخبرتها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ؛ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، فَلا يَضُرُّ أَوْلادَهُمْ»، قال مالك: والغِيلَةُ: أن يَمَسَّ الرجلُ امرأتَه وهي تُرْضِعُ.

- ومن الأحاديث التي جاء التصريح فيها بالنهي ونسخه: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الاغتيال، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ ضَرَّ أَحَدًا لضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ»، قال ابنُ بُكَيْرٍ: والاغتِيَالُ: أن يَطَأَ الرجلُ امرأته وهي تُرْضِعُ، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.

وروى الطبراني في "المعجم الكبير" و"الأوسط" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الغَيْلِ، ثم قال: «هَلْ أَضَرَّ فارسَ والرُّومَ؟ وذاك أن يَأْتِيَ الرجلُ امرأتَه وهي تُرْضِعُ».

وروى الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى في "مسانيدهم"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، "والحاكم في "المستدرك" وصححه، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره عشرَ خِلالٍ: الصُّفْرَةَ -يعني: الخَلُوق-، وتَغْييرَ الشَّيْبِ، وجَرَّ الإِزار، والتختُّمَ بالذهب، والتَّبَرُّجَ بالزِّينة لغير محلِّها، والضربَ بالكِعاب، والرُّقَى بغير المُعَوِّذَات، وعَقْدَ التَّمائم، وعَزْلَ الماء عن محلِّه، وفسادَ الصبي غيرَ مُحَرِّمهِ".

قال الحافظ ابن عبد البر في "الاستذكار": [قوله في هذا الخبر "أنه نهى عن إفساد الصبي غيرَ مُحَرِّمه"، يعني: أنه همَّ بأن ينهى عن الغِيلة ولم ينْهَ عنها؛ لأنه بلغه أن فارس والروم تفعل ذلك فلا يضر أولادهم] .

وقال الإمامان الخطابي في "معالم السنن"  والبغوي في "شرح السنة": [وفسادُ الصبي: هو أن يطأ المرأة المرضع، فإذا حملت فسد لبنها، وكان في ذلك فساد الصبي، وقوله: (غيرَ مُحَرِّمِه) معناه: أنه قد كره ذلك، ولم يبلغ في الكراهة حد التحريم] اهـ.

فهذه الأحاديث كلها تقتضي أن الغِيلة ليست حرامًا؛ لعدم ثبوت ضررها على جهة اليقين، والمقصود بها هنا: هو جماع الزوج لزوجته المرضع؛ كما جاء مرفوعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وتفسير الغيلة في هذه الأحاديث التي تواردت على نفي التحريم القطعي بأنها: (جماع المرضع)، هو ما عليه جماهير العلماء سلفًا وخلَفًا؛ كالإمام مالك في "الموطأ".

هل حديث الغيلة صحيح؟

 عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا، فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ ) رواه الإمام أحمد في " المسند "، وأبو داود، وابن ماجة في " السنن "، والطبراني في " المعجم الكبير "، وابن حبان في " صحيحه "، وآخرون غيرهم. 

جميعهم من طريق مهاجر بن أبي مسلم، عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد لا يثبت، بسبب مهاجر بن أبي مسلم، حيث صرح غير واحد من أهل العلم بضعف الحديث وعدم ثبوته.

قال الشيخ الألباني رحمه الله، بعد أن نقل ذكر ابن حبان مهاجر بن أبي مسلم في " الثقات ":" وهو معروف بتساهله في التوثيق، ولم نر أحدًا قد وافقه على توثيقه، بل إن ابن أبي حاتم لما أورده في كتابه سكت عنه، مشيرًا بذلك إلى أنه غير معروف عنده، ولذلك لم يعتمد توثيقه الحافظ ابن حجر، فقال في التقريب: مقبول. يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، كما نص على ذلك في المقدمة، ولذلك فإن القلب لا يطمئن لصحة هذا الحديث 

 وأشار إلى تضعيفه العلامة ابن القيم في "تهذيب السنن" وقال رحمه الله في كتابه: "غاية المرام ": " ضعيف ".

بيان وجه الجمع بين أحاديث جواز الغيلة والنهي عنها

التحقيق في الجمع بين الأحاديث الواردة في "الغِيلة": أن الغِيلة التي ورد فيها النهي الجازم هي "رضاع الحامل"، وأما التي فيها الجواز أو الكراهة من غير تحريم فهي "جماع المرضع".

وممَّا يشهد لذلك: أن "الغِيلة" المنهي عنها جزمًا والموصوفة بأنها "قتلٌ في السر" قد خوطب بها النساء في بعض الروايات؛ لحديث أسماء بنت يزيد بن السَّكَن رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَيُّهَا النِّسَاءُ، وَيْلَكُنَّ! لا تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ؛ فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ»، والحكم في "جماع المرضع" إنما يُخاطَب به الرجال، فإذا كان الخطاب للنساء تعيَّن أن تُحمَل "الغِيلة" على "رضاع الحامل"؛ لأنهن اللائي يُرضِعْنَ، فيُتَصَوَّر مخاطبتُهن بترك الرضاعة، وليس من شأنهن أن يُخاطَبن بترك الجماع، أما الرواية الأخرى التي فيها الخطاب بما يشمل الذكور والإناث فمحمولة على إخبار الرجال زوجاتهم بذلك.

أما الغِيلةُ المنفيُّ ضررُها: فقد جاء تفسيرها في حديث العزل السابق إيرادُه بما يستوجب أن يكون المخاطَب بها هم الرجال وحدهم، وهذا يستلزم أن يكون المقصود بها هو "جماع المرضع".

ومِن العلماء؛ كالعلامة السندي، مَن جعل الغِيلة في أحاديث النهي عنها، وأحاديث نفي ضررها بمعنًى واحد، وجعل أحاديث النهي ناسخة لأحاديث النفي، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الغيلة بعد حديث ترك النهي عنها؛ حيث حقق أنها تضر.

والنهي عن الغِيلة التي هي "إرضاع الحامل" قد جاء على جهة الجزم؛ حيث وصفَه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه قتلٌ في السر، وأقسم على ضرره وإن طال الزمن؛ كما في رواية ابن ماجه: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الْغَيْلَ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ حَتَّى يَصْرَعَهُ»، وخاطب مَن فعل ذلك بالويل كما جاء في رواية ابن أبي عاصم: «أَيُّهَا النِّسَاءُ، وَيْلَكُنَّ! لا تَقْتُلْنَ أَوْلادَكُنَّ»، وهذه كلها قرائن ترجح أن المراد من النهي التحريم.

ويؤيِّدُ ذلك ثبوت الضرر من لبن الحامل على رضيعها قديمًا وحديثًا عند العرب وغيرهم؛ حتى كانت العرب تتمدح بالتنزه عنه، وقرر ضررَه الأطباءُ قديمًا، وثبت ذلك بالتجربة المستمرة، وقد تقرر في قواعد الشريعة التي لا نزاع فيها أن "الضرر يزال"؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضرَرَ ولا ضرار».

دلني علي السوق - إنتباه إلى كل حامل..🚫 معنى الغيل هو... | Facebook
ما هو جماع الغيلة وما حكمه وهل أباحه الرسول ؟

 العلامة ابن القيم وحكم الغيلة

وقال العلامة ابن القيم في "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص: 239، ط. مكتبة دار البيان): [هذا النهي كالمشورة عليهم، والإرشاد لهم إلى ترك ما يضعف الولد ويقتله، قالوا: والدليل عليه: أن المرأة المرضع إذا باشرَها الرجل حرَّك منها دم الطمث وأهاجه للخروج؛ فلا يبقى اللبن على اعتداله، وطيب رائحته، وربما حبلت الموطوءة، فكان ذلك من شر الأمور وأضرها على الرضيع المغتذي بلبنها؛ وذلك أن جيد الدم حينئذ ينصرف في تغذية الجنين الذي في الرحم، فينفذ في غذائه؛ فإن الجنين لما كان ما يناله ويجتذبه مما لا يحتاج إليه ملائمًا له، لأنه متصل بأمه اتصالَ الغرسِ بالأرض، وهو غير مفارق لها ليلًا ولا نهارًا، وكذلك ينقص دم الحامل ويصير رديئًا؛ فيصير اللبن المجتمع في ثديها يسيرًا رديئًا، فمتى حملت المرضع فمن تمام تدبير الطفل أن يمنع منها؛ فإنه متى شرب من ذلك اللبن الرديء قتله أو أثر في ضعفه تأثيرًا يجده في كبره فيدعثره عن فرسه] اهـ.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية