رئيس التحرير
عصام كامل

مولد سيدي الأفضل والأحسن والأطعم والألذ؟!

لا شك أن الجوائز والتكريمات أمر ضروري ومهم جدًا ومطلوب تمامًا بالنسبة للفنانين في مختلف فروع الفن ومجالاته، خاصةً إذا جاء من قبل جهات محترمة وموثوق بها وبنزاهتها وحياديتها، وهي للأسف قليلة جدًا في مصرنا المحروسة!


لأن مثل هذه الجوائز تعد بمثابة اعتراف وإقرار بتميز من يحوزونها وتفوقهم وبأنهم على الطريق الصحيح، وهو ما يمنحهم مزيدًا من الثقة والتشجيع والحماس لتقديم أعمال متميزة جديدة، وفي أوروبا وأمريكا والدول المتقدمة توجد معايير وضوابط ومقاييس لمنح الجوائز للفنانين وتضطلع بها مؤسسات وكيانات راسخة ومحترمة وتتمتع بالنزاهة والحيادية، مثل جوائز أوسكار التي تمنحها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأمريكية وغيرها.. 

Advertisements

 

وهو ما ينطبق أيضًا على الاستفتاءات التي تجريها المحطات التليفزيونية وكبريات الصحف والمجلات والمواقع في هذه الدول ومن ثم نادرًا ما تذهب الجوائز أو التكريمات لمن لا يستحقها على خلاف ما يحدث في مصر وفي معظم الدول العربية!

المطربة اللهلوبة


بما أننا على مشارف توديع عام مضى بحلوه ومره واستقبال عام جديد بعد أيام قليلة جدًا نتمنى من الله عز وجل أن يكون أفضل من سابقه، فعلينا أن نستعد جيدًا لمتابعة ومشاهدة سيل من الاستفتاءات والتكريمات والجوائز والدروع والاحتفالات وما شابهها من مسميات تنهال من كل صوب وحدب وجهة وكيان، كهدايا مجانية على أهل الفن في مصرنا الحبيبة باختلاف نوعياتهم وإبداعاتهم ومساهماتهم الحقيقية والوهمية في الحركة الفنية!


ولكثرة هذه الاستفتاءات وتضاعفها بشدة في السنوات الأخيرة، تفقد معظمها أهميتها ورونقها ومصداقيتها، خاصةً إذا علمنا أنها تأتي في غالبيتها من جهات لا تمتلك الشعبية الكبيرة ولا الوسائل والمعايير الموضوعية النزيهة لإجراء استفتاء حقيقي وموضوعي صحيح، ومن ثم لا تعدو هذه الجوائز كونها مجرد انطباعات وآراء وإرهاصات شخصية محضة، لا ترتقي لأن تصبح استفتاءات حقيقية يشارك فيها الجمهور والنقاد باختلاف أعمارهم وانتمائتهم وميولهم!


والذي يثير الضحك والسخرية في مثل ذلك، أننا كثيرًا ما نعلم ونكتشف أن المحطة الفضائية الشهيرة أو الصحيفة أو الموقع الإلكتروني مثلًا قد يعطي جوائزه وتكريماته والتي تحمل مسميات عديدة غريبة ومستحدثة غير الأفضل والأحسن والأميز، كالأشيك والأطعم والأحلى والأكثر جاذبية ولمعانًا  من المسميات إلى المطربة اللوذعية والفنانة الكلوباتية والنجم الملهم!

 

وذلك في حالة واحدة فقط هي أن توافق وتتكرم هذه المطربة المزدحمة والمشغولة دائمًا بالجوائز والتكريمات والأعمال العظيمة، على حضور حفل تكريمها لإمتاع جمهور الحضور بوصلات من الدلع والرقص تحت مسمى الغناء والترفيه عن الجميع من عناء عام كامل، وسنة مضت..

 

ولكن إذا حدث ما لم يحمد عقباه واعتذرت هذه المطربة اللهلوبة المزدحمة، يتم إلغاء جائزتها فورًا وتمنح بقدرة قادر لمطربة غيرها تتمتع بقدر أكبر من تفتيح المخ! وعلى نفس المنوال يتم إختيار مجموعة من الفنانين من ممثلين ومخرجين ومؤلفين وغيرهم لمنحهم الجوائز الموعودة شريطةً أن يؤكدوا حضورهم ومشاركتهم في هذا الحفل الكبير والمنتظر! وإلا سيتم اختيار غيرهم.

 
وبهذه الطريقة تضمن المحطة نجاح حفلها السنوي المنتظر وبقاء مسئوليها في مواقعهم دون مشاكل لعام آخر وحفل جديد وجرعة مقبلة من الجوائز والعطايا والمنح لفنانين محظوظين!

 
والحقيقة تأتي أغلب الاستفتاءات سواء من المحطات أو الصحف والمجلات مجرد والمواقع   كانطباعات شخصية محضة من صانعيها ومحرريها ولا تعكس بأي حال من الأحوال آراء 
 الجمهور أو النقاد أو قد يكون مبعثها الأول مصالح شخصية ومآرب خاصة أو استظراف واستلطاف وأشياء أخرى من هذا القبيل؟!


أهلًا بالجوائز


أهلًا بالجوائز والتكريمات والاستفتاءات هذا شعار أهل الفن المعلن والصريح، دون النظر أو الاعتبار للجهة أو المحطة أو الكيان الذي يمنح هذه الجائزة، وهو بالتأكيد ما يحدد قيمتها وأهميتها، ومن ثم نجد غالبية أهل الفن ترحب وتهلل وقد تقيم الأفراح لمجرد أنهم تلقوا وعدًا من صناع هذه الاستفتاءات الموجهة والوهمية بالفوز بجوائزها وتكريماتها.. 

 

وهي في النهاية لا تعكس أي اختيارات موضوعية نزيهة ولا توجد مصداقية أو شعبية لصانعيها، بل أن معظمهم لا يمت للصحافة أو للإعلام أو للفن بأي صلة!

 

 

ولهذا أهيب بأهل الفن بأن يتحروا ويتأكدوا من جدية وأهمية هذه الاستفتاءات ومكانة من يقيمها  قبل قبول هذه الجوائز والمشاركة في هذه الحفلات الوهمية، التي هدفها الرئيس المكسب المادي بجذب الرعاة والممولين حتى لو كان من بينهم أصحاب مصانع للمكرونة وشركات غير معلومة النشاط، مثلما شاهدت ذلك بنفسي مرات ومرات في حفلات واستفتاءات مولد سيدي الأفضل والأحسن والأطعم والألذ؟!
وكل عام وأنتم بخير.

الجريدة الرسمية