رئيس التحرير
عصام كامل

أهل السعادة في الدنيا والآخرة

سألني أحد المريدين عن من هم أسعد الناس في الدنيا وأفرحهم وأسعدهم في الآخرة؟ فأجبته: أسعد الناس في الدنيا والآخرة أهل محبة الله تعالى وتقواه فهم الفائزون بولاية الله تعالى ومحبته عز وجل، وهم المحفوظون بحفظه والذين أمنهم الله تعالى في الدنيا والآخرة، وهم الذين زف الله تعالى البشرى حيث يقول سبحانه. "ألا إأَلَاۤ إِنَّ أَوۡلِیَاۤءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ۝٦٢ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ یَتَّقُونَ ۝٦٣ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ لَا تَبۡدِیلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ".

Advertisements

فسألني عن معنى التقوى وما هو حال أهلها، فأجبته: التقوى كما عرفها الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، هي العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والرضا بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل.. وأولياء الله هم الذين توالت أعمالهم على الموافقة.. أي ما وافق كتاب الله تعالى وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله.

صفات أولياء الله

وهم الذين خافوا من الجليل سبحانه ورضوا بالقليل واستعدوا ليوم الرحيل.. ومن علاماتهم أنهم إذا رؤوا ذكر الله تعالى.. سيماهم في وجوههم من أثر السجود.. إذا تكلموا ذكروا الله وإذا نظروا رأووا آيات الله  وشاهدوا عظيم إبداعه تعالى فيها.. قلوبهم بالغيب بعين البصائر إلى محبوبهم عز وجل ناظرة  السكينة والوقار والأدب والكمال حالهم والكرم والجود والسخاء وجبر الخاطر شيمتهم وحالهم الصبر والرضا والشكر والزهد واليقين حرفتهم وخصالهم.. 

زهدوا فيما في الناس وفي الدنيا فأحبهم الناس وأحبهم رب الناس سبحانه..عبدوا الله تعالى بخالص من السر فشرفهم سبحانه بخالص من الشكر.. قلوبهم وجلة عند ذكره تعالى.. يخشونه تعالى بالغيب ويستحوا أن يراهم فيما نهى.. 

طهرت قلوبهم وتزكت نفوسهم وخلت عقولهم من الأهواء والشطط وعفت جوارحهم عن الحرام.. يسارعون في الخيرات.. يتحرون الحلال والحرام وما يدخل في جوفهم.. تجافت جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا.. قاموا لله حين نام الناس.. وبالأسحار يستغفرون.. يأنون من حرقة الأشواق للمحبوب في قلوبهم..غابوا عن أنفسهم ونسوا حظوظها حتى المباح منها..

آمنوا بربهم واطاعوه وبنبيهم صلى الله عليه وسلم وعلى آله فأحبوه واتبعوه.. وبكتاب الله تعالى  محكمه ومتشابه فتلوه آناء الليل وأطراف النهار وعملوا بما جاء فيه، التزموا بأوامره ونواهيه وتعاليمه وأحكامه وأقاموا حدوده..

أحلوا حلاله وحرموا حرامه.. واعتبروا بقصصه.. أقبلوا على الله تعالى بقلوبهم قبل أجسادهم. قابلوا الإساءة بالإحسان والقطع بالوصل والمنع بالعطاء.. صبروا على البلاد ورضوا بالقضاء وشكروا على النعماء.. لم يشغلهم عن محبوبهم شاغل ولم يأخذهم منه آخذ.. 

ارتقوا بإيمانهم إلى مرتبة الشهود فحق فيهم قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ".

وفي وصف جامع لهم ولأحوالهم يقول تعالى: “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”..

الجريدة الرسمية