رئيس التحرير
عصام كامل

المتربصون بقناة القاهرة الإخبارية

أتعجب لأمر ذلك الموقف النفسي العجيب، الذي يقفه عدد من الصحفيين والإعلاميين والسياسيين المصريين من كيان إعلامي مصري مثل القاهرة الإخبارية رغم النجاح المهنى المبهر الذى حققته القناة خلال عمرها الذي لم يتجاوز الـ 6 أشهر، والذي يعد بالمقاييس المهنية والزمنية التى استغرقها انتشار التجارب المماثلة في العالم بمثابة الإعجاز.

ولأننا لا ننشد هنا سوى الحقيقة دون نفاق أو مجاملة، فإن الواقع يقول إن مصر قد تأخرت كثيرا في إنشاء كيان إعلامي إخبارى إقليمي دولى كبير، كان من المفترض أن يكون منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، غير أن كل الأنظمة التي تعاقبت على مصر تهاونت في هذا الأمر.. 

 

تاركة الريادة الإعلامية الأزلية لمصر تذهب لتجارب إقليمية عربية، انطلقت وقامت وانتشرت للأسف بسواعد وعقول وإدارة فنية وإعلامية مصرية، بل والأكثر كارثية أنه تم استخدامها عن عمد في كثير من المواقف لمهاجمة وزعزعة استقرار مصر.

 

وظلت فكرة إنشاء قناة إخبارية إقليمية دولية مصرية بمثابة حلم يراود ويطالب به كل المصريين، بعد أن اضطروا مجبرين لسنوات بحكم الانسحاب المصري، إلى استسقاء أخبار وطنهم -حتى وإن كانت مغلوطة أو موجهة- من قنوات خارجية، إلى أن قررت الشركة المصرية للخدمات الإعلامية تبني فكرة إنشاء القناة على عاتقها.

 

وإحقاقًا للحق، فقد تم إسناد الأمر خلال السنوات الماضية لكثيرين -كان من بينهم خبراء أجانب- غير أنهم أخفقوا جميعًا في الانطلاق بالقناة، إلى أن تم إسناد الأمر لصحفي مصري طموح يعشق بلاده وعمله أحمد الطاهري حمل على عاتقه المهمة الثقيلة.. 

 

ونجح مع مجموعة من الكفاءات في الانطلاق بالقناة، ليس من منطلق التواجد مثل عشرات القنوات الإخبارية العربية، ولكن للمنافسة واستعادة ريادة مصر الإعلامية من قلب القاهرة التى ظلت وما تزال عاصمة الخبر وهى العبارة العبقرية التي أُحْسِنْ اختيارها كشعار للقناة.

نجاح القاهرة الإخبارية

 

الإنصاف يحتم القول إن القاهرة الإخبارية نجحت خلال شهور قليلة من عمر انطلاقها في احتلال مكانة بين الكبار، لم تحققه تجارب مماثلة في سنوات، رغم دعم بعضها ماديا ولوجستيا بإمكانيات تعادل وتزيد عن ميزانيات دول، غير أن ما يدعو للفخر أن نجاح القناة المصرية الوليدة جاء في زمن قياسي ومن خلال انفرادات وضربات مهنية من العيار الثقيل، أجبرت كل قنوات العالم على النقل عنها وماتزال.

 

غير أن ما يدعو للعجب، أنه بدلا من دعم النجاح المهنى الكبير الذي تحققه القاهرة الإخبارية فضّل البعض تسخير أقلامهم وصفحاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتربص بالقناة وكأنها كيان معادٍ، لدرجة وصلت إلى حد أنه -لو حدث- وسقط حرف سهوا من خبر عاجل أو عنوان على الشاشة أو الموقع الإلكتروني للقناة، إلا وانطلقت هجمة من “الإسكرينات” عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكأن كارثة قد وقعت.

 

المحزن أن تلك الصغائر تخرج، وللأسف، عن إعلاميين يعون تماما قدر الأجواء الضاغطة التي يعمل فيها زملاؤهم لملاحقة وتقديم الحدث في حينه، ويعلمون أن مثل هذه الهفوات واردة -بمقاييس البشر- بل وتحدث في كل وسائل الإعلام في العالم ويتم تداركها خلال ثوانٍ، غير أنه يحلو لهم إعلاء التفاهات على حساب بخس الجهد المضنى الذي تبذله خبرات مهنية نادرة وشباب طموح يعمل على مدار 24 ساعة من أجل تقديم متابعة لحظية ومتميزة لكل الناطقين بالعربية في شتى أرجاء الأرض.

 

الإنصاف يحتم الاعتراف بأن مصر باتت تمتلك قناة إخبارية دولية تنقل بكاميراتها ومراسليها الحدث من كل بقاع العالم، ونجحت خلال شهور من انطلاقها في فرض وجودها بين الكبار، من خلال إدارة مهنية ناجحة، وفريق عمل يضم خبرات إعلامية  وصحفية نادرة، ومعهم كفاءات من المخرجين والفنيين يعملون بتفاني خلف وأمام الكاميرا، وفقا خريطة برامجية جديرة بالاحترام وقابلة للتطوير.

 

 

يقينى أن الموقف النفسي من البعض تجاه القاهرة الإخبارية غير مبرر، وأنها لم تفعل ما يستحق التربص سوى أنها اجتهدت ونجحت في أن تقدم كيانا إخباريا دوليا ناجحا يستحق من الجميع المساندة والدعم، ليس من المنطلق الوطني الذي يحتم الانحياز فحسب، بل أيضا بالمقاييس المهنية المحايدة، وليس لغة "الإسكرينات" التي لا تليق بتلاميذ في المرحلة الابتدائية.. وكفى.

الجريدة الرسمية