رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الفن وسنينه

نور الشريف حكى لي: عندما بكت سعاد حسني؟!

علاقتي بالفنان الراحل العظيم المؤسسة نور الشريف تعود إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي، وهي علاقة تجاوزت كثيرًا علاقة الفنان بالصحفي، لترسخ لأواصر صداقة متينة أساسها الاحترام والتقدير المتبادلين من الطرفين، ومن ثم لم تشهد أي خلافات أو تقلبات مثلما يحدث حاليًا بين الفنانين والصحفيين، رغم أنهما وجهان لعملة واحدة لا يستغني أحدهما عن الآخر!

 

وقد أتاح لي هذا الشرف الذي أدعي أنه لم ينله إلا القليلون جدًا من الصحفيين على مدار مشوار وتاريخ هذا العملاق، أن أقترب كثيرًا منه وأتعرف على خزينة أسراره الفنية الغنية والمشوقة جدًا والتي تهمنا في المقام الأول، دون أسراره الشخصية التي قناعتي دائمًا أنها تخص الفنان وحده فقط، أما فنه فيملكه الناس معه..

 

ومن هذا المنطلق، فإنني سأتشرف من وقت لآخر عبر العزيزة فيتو بسرد بعض من حكايات ونوادر وأسرار الأستاذ الكبير نور الشريف، والتي خصني بها سواء في حواراتنا الصحفية أو من خلال جلسات الصداقة والسمر والمناقشات الثرية بيننا..

 

وسأبدأ باكورة هذه الحكايات التي تحمل كل واحدةٍ منها مضمونًا وهدفًا ودلالةً عميقة ومهمة وتكشف عن الهوة السحيقة التي تفصل بين زمن نور الشريف وجيله الرائع والأجيال العظيمة السابقة عليه وبين زمن الأجيال الحالية، على المستويين الفني والشخصي أيضًا!؟

زوجتي والكلب 


أستهل حكايات الأستاذ الموسوعي نور الشريف التي خصني بها وأنقلها كما جاءت على لسانه بحكايته مع فيلمين من أفلامه المهمة مع السندريلا سعاد حسني وهما زوجتي والكلب والخوف فيقول:  فيلم زوجتي والكلب كان تجربة سينمائية رائعة وغير مسبوقة في وقتها عام ١٩٧١، فهذا الفيلم كان أول أفلام المخرج الجديد -آنذاك سعيد مرزوق، لم يقدم قبله سوي فيلمًا قصيرًا اسمه 'على ما أذكر'..

 

زوجتي والكلب كان من إنتاج وتصوير المبدع الراحل عبد العزيز فهمي وكأن أول لقاء لي مع أستاذي الكبير محمود مرسي والثالث الذي يجمعني بالسندريلا العظيمة سعاد حسني، بعد فيلمي نادية وبئر الحرمان. 

 

تعمد سعيد مرزوق أن يسمي الشخصيات بأسماء الممثلين فسعاد حسني 'سعاد' ومحمود مرسي 'محمود' ونور الشريف 'نور'، وفي كثير من المشاهد كان مرزوق يفضل أن نرتجل الحوار تحت إشرافه حتى لا يكون شبيهًا بالحوارات التقليدية في الأفلام الأخرى.


ولهذا الفيلم ذكريات جميلة وعزيزة، سأختار منها موقفًا مهمًا حدث أثناء التصوير، يعبر عن مدى أهمية أن يكون للمخرج وجهة نظر محددة لا تتغير برغبات النجوم والمنتج كما يحدث للأسف حاليًا!
كثيرا ما كانت تحدث خلافات بين المخرج سعيد مرزوق والمنتج عبد العزيز فهمي وكنا نحتكم للأستاذ القدير محمود مرسي..

 

الذي كان دائمًا يقف إلى جوار المخرج بعد أن يفهم منه ما يريد فعله في التصوير، وظلت الخلافات قائمة والتجربة متأرجحة حتى انتهى سعيد مرزوق من المونتاج، ففوجئنا جميعًا بأن المنتج عبد العزيز فهمي يضحك ضحكته الصافية ويعتذر لسعيد مرزوق عن كل الخلافات السابقة.. 

فقد كان إبداع سعيد مرزوق على أعلى مستوى عالمي وقتها، وللأسف الشديد لم ينجح الفيلم تجاريًا عند عرضه! رغم جودته الفنية ووجود مشاهد مثيرة جدًا به، وهو أمر يحتاج إلى تحليل، لأن هذا الفيلم أصبح واحدًا من أفضل مائة فيلما مصريا في الاستفتاء الذي أقيم في مئوية السينما المصرية عام 1997.

 

فيلم الخوف 


يواصل الأستاذ نور الشريف حكاياته المثيرة والملهمة لي قائلًا: بعد هذه التجربة بعامٍ اختارت سعاد حسني المخرج سعيد مرزوق ليخرج لها فيلمًا من إنتاج المنتج الأهم في تاريخ السينما المصرية رمسيس نجيب وهو فيلم الخوف.. 

 

وفعلًا بدأنا تصويره وكان موضوعه عن 'ماذا حدث للمهجرين من مدن القناة بعد حرب 1967' وخاصةً الفتيات والنساء؟، وفي أحد أيام التصوير بحي جاردن سيتي، فوجئنا جميعًا بأن الفنانة الرقيقة سعاد حسني تندفع إلى سيارتها باكيةً، فذهبت إليها على الفور وهدأت من روعها وسألتها: خير؟ ماذا حدث؟ 

 

فقالت لي: اقترحت على المخرج أن تكون اللقطة التي سنصورها الآن ذات حجم قريب 'close up’بدلًا من الحجم الواسع الذي يريده، وبكت مرة أخرى.. فسألتها: وبعدين؟ قالت: فوجئت به يقول لي روحي يا مدام سعاد، فسألته: يعني ايه ؟ فقال: هاجيب ممثلة غيرك! 

 

استأذنت منها وأسرعت بالذهاب إلى أستاذنا محمود مرسي بأحد الفنادق الكبرى القريبة من مكان التصوير واصطحبته إلى هناك، وكانت المفاجأة، فعندما حكت له سعاد حسنى عما طلبته من سعيد مرزوق قال لها: الله ما تخرجي إنتي بقى يا سعاد؟!


واستكملنا تصوير الفيلم بعد اقتناع السندريلا بأحقية المخرج في أن يقود السفينة بمفرده، بعد أن يكون قد استمع إلى جميع ملاحظات فريق العمل قبل بداية التصوير.

 

 

وهنا انتهت حكاية هذين الفيلمين، فرحمة الله على هؤلاء النجوم الحقيقين وعلى زمن الفن الجميل، وألهمنا الله الصبر على الزمن الحالي، الذي اختلط به الحابل بالنابل وصار بطل أو بطلة العمل يتحكم في كل شيءٍ، من المؤلف للمخرج للفنانين المشاركين وقد يختار المنتج أيضًا!.

Advertisements
الجريدة الرسمية