رئيس التحرير
عصام كامل

قبل جلد طالبة سيناء.. التراث أولا!

حتى اللحظة وكل ما يصدر عن جامعة سيناء هو إحالة إحدى الطالبات للتحقيق بسبب سطور مسيئة للدين الإسلامي كتبتها على حسابها الخاص علي فيسبوك! لم يفكر أحد أن يتناقش أو يتحاور معها أو يشرح لها خطأ ما استنتجته أو ما فهمته من تفاسير هي في الأول والأخير  اجتهادات أصحابها.. نجلهم ونقدرهم ونحترمهم لكنهم في نهاية الأمر بشر.. يصيبون ويخطئون!


إحالة الطالبة للتحقيق هو بالفعل كوضع الرؤوس في الرمال.. لن يغير من وجود النصوص البشرية التي تسببت فيما جري.. ولن يمنع المطالبة بضرورة تنقية ومراجعة التراث المخالف لروح الإسلام وقيام الأزهر الشريف بتوضيح الأمور مبسطة إلى أقصي درجة ليعرف الجميع على الأقل -على الأقل- بعضا من علوم القرآن وخصائصه ومنها "المجاز"، والذي هو باختصار استخدام اللفظ في غير معناه ومنها مثلا قوله (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ) فهل يستطيع أحد أن يؤذي الله سبحانه ؟! بالطبع لا..

 

ومنها قوله "وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ" فهل الصبح يتنفس بالمعني الحقيقي المباشر؟ وهكذا يجب مع الآيات التي سببت التباسا عند الطالبة ومنها معنى "وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ" و"الغلمان" في القرآن وأن معناها ليس للمتعة الجنسية كما ذهب البعض وهو موضوع طويل يحتاج حديثا مستقلا!

قيمة الحوار في الإسلام


المؤسف أن كل يوم يصرخ أحد شيوخنا عن زيادة نسب الإلحاد دون التوقف والتبين ومعرفة أسباب ذلك وطرق علاجه!!
في الأخير نؤكد رفضنا لأي إساءة للدين الإسلامي ولأي دين.. لكن نقف أمام ما هو أخطر ولا نجده علي صفحات الكثيرين، يصلهم الدين العظيم مشوها ولا يجدون من يلجأون إليه أو يشرح لهم.. وعقاب الناس أسهل إجراء لكن انتشالهم من سوء الفهم الحل الأفضل والأشمل والذي يعالج المشكلات من جذورها!!
 

في ديننا.. العظيم.. قبل رب العزة اعتراض إبليس وضرب لنا المثل في الحوار الشهير معه لكنه نقله لنا لنتعلم أن الحوار القيمة الأهم في عالمنا.. ولم يكتف رب العزة بذلك بل نقل لنا قي كتابه العزيز التجرؤ علي ذاته العليه حين قالوا"يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ" حاشا لله!!


ولم تكن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام إلا تطبيقا لذات المنهج الإلهي.. ففيها وفي الرواية الصحيحة أن أعرابيًا بال ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ فسارع الصحابة إليه ليزجروه ويقعوا ﻓﻴﻪ.. فماذا فعل عليه الصلاة والسلام؟ هل هناك أقدس من المسجد؟! ومع ذلك في البخاري جاء "فنهاهم النبي ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ عن ذلك وقال لهم: أتركوه ليتم بولته ﻭﺃﺭﻳﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺑﻮﻟﻪ دلوًا ﻣﻦ ﻣﺎء ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺑﻌﺜﺘﻢ ﻣﻴﺴﺮﻳﻦ ﻭﻟﻢ ﺗﺒﻌﺜﻮﺍ ﻣﻌﺴﺮﻳﻦ"!

 
بل وأكثر من ذلك.. موقف زيد بن سعنة وكيف استوقف الرسول وسحبه من ملابسه واستغلظ في حديثه مطالبا إياه برد ديون قديمة وطالت الاهانات إلي آل الرسول جميعهم فقال "أنتم آل عبد المطلب قوم مطل" أي تماطلون في سد الديون.. فاندفع عمر بن الخطاب لتأديب الرجل.. هنا تتدخل حكمة الإسلام وسماحته وقيمه فينهي الرسول عمر بالاعتداء علي الرجل ويقول له: يا عمر.. لقد كنت أنا وهو في حاجة إلى غير ذلك.. يا عمر لقد كان من الواجب عليك أن تأمرني بحسن الأداء.. وأن تأمره بحسن الطلب".. ثم يكمل وقد ذهل الرجل “يا عمر.. خذه وأعطه حقه.. وزده عشرين صاعًا من تمر جزاء ما روعته”! أي تعطه حقه وزيادة والزيادة بسبب الترويع الذي تسببت فيه له!

 


تحاوروا مع طالبة سيناء.. هي في الفرقة الأولى.. ربما لم تكمل الثمانية عشر عاما.. طفلة بحكم القانون..غيرها قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ولم يعاقب.. فهموها واشرحوا لها.. وتعلموا كيف يكون التعامل مع أكثر الخارجين عن الأدب واللياقة مع الله ورسوله.. وكله موجود عند قرآننا ورسولنا..عليه الصلاة والسلام ! 

الجريدة الرسمية