رئيس التحرير
عصام كامل

أنطاكية التركية، زلزال ضرب نفس المنطقة المنكوبة قبل 15 قرنا وقتل 250 ألفا

لوحة تجسد الدمار
لوحة تجسد الدمار الذي خلفه زلزال أنطاكيا عام 526، فيتو

زلزال تركيا، تعتبر مدينة أنطاكية التركية، التابعة لمقاطعة هاتاي، واحدة من أكثر المناطق تضررا بالزلزال الذي ضرب كلا من تركيا وسوريا يوم السادس من شهر فبراير 2023 مخلفا إلى الآن نحو 9 آلاف ضحية.

وشهدت منطقة أنطاكية التاريخية منذ قرون زلزالا صنف كواحد من أعنف الزلازل بتاريخ البشرية. فأثناء فترة الدولة البيزنطية، قبل قدوم العثمانيين، عاشت المنطقة عام 526، أثناء حكم الإمبراطور جستين الأول (Justin I)، زلزالا، قدر العلماء المعاصرون شدته بسبع درجات حسب مقياس ريختر، محى أنطاكية من الخارطة وتسبب في سقوط عدد هائل من القتلى.

موقع مهدد بالزلازل

وتقع أنطاكية التاريخية على مقربة من تقاطع مرعش الثلاثي الذي يعتبر نقطة التقاء الصفيحة التكتونية القارية الأناضولية مع الصفيحتين الأفريقية والعربية، فضلا عن ذلك تنحصر مناطق الأناضول بين ثلاث صفائح تكتونية متمثلة في الصفيحة الأوراسية والصفيحة الأفريقية والصفيحة العربية، ولهذا تعد الأناضول واحدة من أكثر المناطق المهددة بمخاطر الزلازل بالعالم.

ومن جهة ثانية، تقع أنطاكية التاريخية على مقربة من سهل العمق الذي امتلأ منذ العصر البليوسيني برواسب الطمي، وعلى مدار الألفي عام المنقضية، شهدت هذه المنطقة زلازل هامة بمستوى زلزال كل 150 عاما.

وبداية من العام 525، شهدت المناطق المحاذية لجهة أنطاكية العديد من الرجّات الأرضية التي بلغ صداها أنطاكية، وبالعام التالي، حلّ الدور على هذه المنطقة لتشهد واحدا من أعنف الزلازل بتاريخ البشرية، وبتلك الفترة تكفل عدد من المؤرخين، الذين عاصروا هذه الكارثة الطبيعية، كجون مالالاس (John Malalas)، المولود حوالي العام 491 بأنطاكية، بمهمة نقل صورة تاريخية لما حصل عام 526 بأنطاكية.

250 ألف قتيل

وخلال شهر مايو عام 526، استقبلت أنطاكية عددا كبيرا من الزوار الذين حلوا بها لإحياء عيد الصعود، وقد مثلت هذه المدينة حينها قبلة للزوار الذين تهافتوا عليها بسبب احتوائها على كنيسة أنطاكية المصنفة كواحدة من أهم الكنائس بنظام البطريركيات الخمس الذي دعمته الكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية.

بينما رجّح أغلب المؤرخين وقوع الزلزال ما بين يومي 20 و29 أيار/مايو 526، تحدث الكاتب والمؤرخ البيزنطي جون مالالاس، إضافة لسجلات كتاب حوليات إديسا (Chronicon Edessenum) الذي ما يزال كاتبه مجهولا، عن وقوع الكارثة يوم 29 أيار/مايو 526.

معاناة سكان أنطاكية

وقد جدّ هذا الزلزال في حدود منتصف اليوم خلال فترة أوقد أثناءها الناس النيران بمنازلهم استعدادا لإعداد طعام الغداء، وعقب حدوث الكارثة، لعبت هذه النيران دورا هاما في زيادة معاناة سكان أنطاكية.

وحسب ما نقله المؤرخ مالالاس، تضررت أنطاكية من خامس كارثة طبيعية خلال سبع سنوات فقط من حكم جستين الأول، وقد سوى الزلزال المدينة بالأرض متسببا في فقدان عدد كبير من السكان، وبالنسبة للعالقين تحت الأنقاض، فقد تكفلت النيران بقتلهم حرقا، فضلا عن ذلك، اندلع بأنطاكية حريق هائل تسبب في زيادة معاناة السكان. وبناء على شهادة مالالاس، دمرت أنطاكية بشكل كامل ولم ينج منها سوى بعض المنازل والمعابد التي تواجدت على مقربة من الجبل.

وخلال تلك الفترة، لم تكن علوم الجيولوجيا والزلازل معروفة، وبسبب ذلك، فسّر المؤرخ جون مالالاس ما حصل بأنه عقاب إلهي سلط على المنطقة ردا على حكم جستين الأول السيئ، وليومنا الحاضر لا يزال عدد ضحايا زلزال أنطاكية عام 526 موضع جدل.

وفي الأثناء، تحدث المؤرخ جون مالالاس، الذي عاصر الكارثة، عن مقتل نحو 250 ألف شخص بأنطاكية، وما جاورها، إما ردما واختناقا تحت الأنقاض أو حرقا بسبب الحريق الذي تلا الزلزال.

عقب الكارثة، انهار الإمبراطور جستين الأول واتجه نحو الكنيسة لإقامة مناحة لأرواح الذين قتلوا بالكارثة، وبالفترة التالية، خصص الأخير مبالغ مالية هامة لإعادة بناء وإعمار أنطاكية.

 

ونقدم لكم من خلال موقع “فيتو”، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، القسم الثاني، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية