رئيس التحرير
عصام كامل

تعظيم الإنتاج الزراعي.. لماذا وكيف؟ (1)

في وقت قصير نسبيا حقق الدولار صعودا كبيرا مقابل العملات الأخرى، ذلك أن المستثمرين لجأوا إليه بحسبانه ملاذا آمنا وسط مخاوف من حدوث ركود.. وهو ما أصبح يثير قلق العالم.. وفي مصر تتعدد أسباب ارتفاع العملة الأمريكية مقابل الجنيه المصري؛ وأهمها في رأيي فاتورة الاستيراد العالية التي يستأثر الغذاء وحده بأكثر من 60% من مكوناتها.. 

 

وهو ما يضاعف الخلل في ميزاننا التجاري الذي يعاني عجزًا بلغ بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 4.18 مليــار دولار خـــلال شهر أغسطس 2022 مقابل 4.15 مليـار دولار لنفـس الشهر مـن العام السابـق بنسبــة ارتفاع قدرها 0.6٪. 


فاتورة الاستيراد لا تزال مرتفعة؛ ذلك أن مصر استوردت سلعا بقيمة 68.3 مليار دولار، منها 91% سلعًا غير بترولية، مقارنة بـ63.4 مليار دولار للفترة نفسها من العام الماضي، وتعكس تلك الزيادة البالغة 5 مليارات دولار تقريبا الارتفاعات التي طرأت على أسعار النفط والحبوب في الأشهر الأولى من العام الماضي على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية.. 

 

كما أن مصر، وفقًا لما قاله الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، تعدّ واحدة من البلدان الأكثر استيرادًا للأغذية، إذ تعتمد في احتياجاتها على الاستيراد، فيما تصدر الخضر والفاكهة، مشيرًا إلى أن مصر تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية؛ ذلك أنها واحدة من كبريات الدول المستوردة للقمح، بنحو 10 ملايين طن سنويًا، ونحو 50% من محصول الذرة، و87% من زيت الطعام و30% من السكر، و90% من الفول، و99% من العدس، و49% من اللحوم الحمراء، و15% من الأسماك، و13% من الألبان.

مضاعفة الانتاج الزراعي

ويبدو طبيعيلًا في سياق كهذا أن تتنادى الأصوات بضرورة مضاعفة إنتاجنا الزراعي كأولوية قصوى؛ فمصر بالأساس بلد زراعي منذ فجر التاريخ تملك مقومات واعدة وإمكانيات حقيقية تمكنها من مضاعفة الإنتاجية بالفعل؛ وهو ما دعا النائب الدكتور أيمن محسب، للتقدم باقتراح برغبة بشأن توطين زراعة المحاصيل الاستوائية، مثل البن والشاي في مصر، لتقليل فاتورة استيرادهما..

 

مشيرا إلى أن مصر سجلت المرتبة الثالثة بين كبرى الدول العربية الأكثر استهلاكًا للشاى والقهوة، بقيمة إجمالية تجاوزت 5 مليارات جنيه وذلك وفقا لإحصائيات اللجنة الدولية للشاي. 


أما إجمالي واردات الشاي فقد  بلغت 231 مليون دولار في 9 أشهر من العام الماضي؛ الأمر الذي دعا النائب محسب إلى المطالبة ب توطين زراعة الشاي والبن والمحاصيل غير التقليدية في مصر لتقليل فاتورة استيرادهما وتخفيض الطلب على الدولار، لافتا إلى أن وزارة الزراعة نجحت في إنتاج البن فى المحطة البحثية بالقناطر الخيرية، مطالبا بدعم مركز البحوث الزراعية من أجل استنباط سلالات جديدة تناسب البيئة في مصر.


الزراعة مصدر رئيسي للدخل والتشغيل في مصر؛ نظرًا لاتساع رقعتها الجغرافية، وهناك أكثر من 55% من السكان في الـمناطق الريفية اعتمادهم الأساسي على الأنشطة الزراعية، وما يلحقُ بها من إنتاج حيواني وداجني وسمكي، وخدمات نقل وتخزين وتسويق، كما أنه من القطاعات الثلاثة التي ارتكز عليها البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكليّة إلى جانب الصناعة التحويليّة والاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات نظرًا لأنه يشكل نحو 11% من الناتج الـمحلي الإجمالي، و15% من الصادرات السلعيّة غير البترولية، كما يستوعب نحو 25% من إجمالي القوى العاملة..

تعظيم الإنتاج الزراعي المحلي يحقق فوائد عديدة أهمها تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وتقليل فاتورة الاستيراد وتقليل الضغط على العملة المحلية.. أما كيف يتحقق ذلك فهذا ما سوف نتناوله في مقال آخر إن شاء الله.

الجريدة الرسمية