رئيس التحرير
عصام كامل

الدراما وعمايلها (4)! ياسر علي ماهر

حين تظن أن سيف الله المسلول خالد بن الوليد بشحمه ولحمه أمامك علي الشاشة فعليك أن تسأل عن الفنان الذي يخطف الإنتباه إلي هذه الحدود -رغم وجود نور الشريف بحضوره الطاغي بطلًا في المسلسل (رجل الأقدار عمرو بن العاص)- وأوصلك الي هذه الحالة وحجز مكانا لك دون إذنك بداخل آلة الزمن أعادتك إلي الوراء أربعة عشر قرنا لتتابع مسيرة القائد العسكري الأسطورة الذي لم يهزم قط حتي يرحل آمنا مطمئنا في بيته وفوق سريره!


هنا -إذن- بحث مستحق عن سيرة نجم كبير تقف أمام تاريخه مندهشا لتتأمل طويلا.. فأنت -وأنا- أمام خط متعرج بقفزات محيرة لا تعرف سببا لذلك.. يشارك في مسلسل الٱمام الطبري عام 1977 ولا تعرف أين ذهب حتي يظهر في فيلم طالع النخل عام 1988! ثم تراه في ناصر 56 عام 1996 لتراه بعد عشر سنوات كاملة في عمارة يعقوبيان! ثم نقفز 3 سنوات أخري حتي أولاد العم في2009!

 
في كل مرة -ومهما كان حجم الغياب- لا يحتاج ياسر علي ماهر -مع حفظ الألقاب- إلي جهد كبير ليتبوأ سريعا سريعا مكانته المستحقه.. بينه وبين جمهوره كيمياء مدهشة.. لا تعرف سرها ولا أسبابها.. يحبونه طيبا وشريرا علي السواء.. يصدقونه في الشر طوال العمل ثم يغفرون له بعده بلحظات لينتظرونه في عمل جديد.. وهكذا!

موهبة ياسر على ماهر


ربما ولأسباب عديدة -شخصيته مع بنيانه وصوته- يعمل في مساحة محددة من الشخصيات دون إنعطافات كبري إلي شخصيات حادة.. فبخلاف الشخصيات التاريخية بلهجتها الفصحي وملابسها المعروفة لا نتذكر دورًا صعيديا أو تاجرًا للفاكهة أو حارسًا لعقار.. ورغم ذلك يستطيع في هذه المساحة الضيقة للغاية إقناعنا وبصورة عجيبة بكل ما يقدمه وبمسافات بعيدة بين كل شخصية وأخري! 


ياسر علي ماهر.. لماذا اختار أن بكتب إسمه ثلاثيا؟! قليلون في عالم الفن من فعلوها.. بل قليلون من فعلوها في عالم المشاهير.. محمد حسنين هيكل مثلا.. لكن سيزول العجب عندما نعرف أن والده نفسه هو الشاعر والكاتب والمؤلف الكبير الراحل محمد علي ماهر.. الرجل الذي كتب للإذاعة ل 17 رمضانا متعاقبا المسلسل الديني الأشهر أحسن القصص، وكتب للسينما الفيلم العالمي الشهير الرسالة وعشرات الأعمال الأخري..

 

ولذلك كان الإصرار ليس فقط في إستمرار نهج الإسم ثلاثيا بل أيضا علي الإرتباط والإلتصاق أكثر باسم والده الراحل صاحب الأثر الكبير والتراث الخالد!
ياسر على ماهر.. مع حفظ الألقاب.. وفوق موهبته.. يتفاعل مع قضايا وطنه.. يؤمن بعروبة مصر ودورها وريادتها.. يؤمن بالعدل الاجتماعي والانحياز للبسطاء.. ولم يكن -فترة ما- بعيدا عن العمل السياسي.. بل وربما السري منه لظروف مختلفة -تحتاج للتدوين- في السبعينيات! 

 

وهو في كل الأحوال لم ولا تجده طرفا في أزمة ولا سببًا في مشكلة ولا جزء من معركة.. ولذلك لم يكن قط مادة للتناول الصحفي والإعلامي غير البرئ اللهم الا عند شجاعته بإدانة الأعمال المبتذلة، وشجاعته كذلك ورأيه في صناعها دون خوف من حصاره فنيا ولا تأثر مصدر رزقه.. كثيرون يعيشون علي الكبرياء! 

 


ياسر علي ماهر.. علامة كبيرة ومهمة في الفن المصري وأحد أركان القوي الناعمة المصرية وقبل أيام زار دار الرعاية الجديدة للفنانين المصريين رغم انشغاله بأعمال رمضانية ننتظرها جميعا.. ومن الآن.

الجريدة الرسمية