رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تشمل مصر والسعودية وعودة ترامب.. مستقبل السياسة الأمريكية بعد نتائج انتخابات الكونجرس

ترامب والملك سلمان
ترامب والملك سلمان والسيسي

أظهرت نتائج أولية لانتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكى تقدما مهما للحزب الجمهوري في السباق على مقاعد مجلس النواب، في حين يحتدم الصراع مع الحزب الديمقراطي على مجلس الشيوخ مع استمرار فرز الأصوات بعدة ولايات حاسمة.

نتائج انتخابات الكونجرس

وبينما يتواصل عد الأصوات اليوم الأربعاء، أفادت محطات أميركية بأن الجمهوريين حصلوا حتى الآن على 199 مقعدا في النواب المؤلف من 435 مقعدا مقابل 178 للديمقراطيين.

 

وفي مجلس الشيوخ المؤلف من 100 مقعد، تساوت مقاعد الديمقراطيين والجمهوريين بـ48 مقعدا لكل منهما، وفي حال لم تكن هناك جولات إعادة في أي من الولايات تساوى الحزبان عند 50 مقعدا فيعني ذلك أن الوضع سيبقى على ما هو عليه قبل هذه الانتخابات، حيث ترجح نائبة الرئيس كامالا هاريس الكفة لصالح الديمقراطيين.

 

ووفقا لوسائل إعلام أمريكية، تعد نتائج الاقتراع في ولايات جورجيا ونيفادا وأريزونا وويسكونسن فاصلة في تحديد ميزان القوى في مجلس الشيوخ.

 

بيد أن السباق قد لا يحسم الآن، إذ رجح الحاكم الجمهوري لولاية جورجيا الجمهوري براين كيمب التوجه لجولة إعادة، إذ إن أيا من المرشحين الديمقراطي والجمهوري، رافائيل وارنوك وهرسل ووكر، قد لا يحصل على نسبة 50% من الأصوات.

 

وحسب شبكة "سي إن إن" فإن الفوز المرجح للمرشح الديمقراطي في بنسلفانيا جون فيترمان على حساب منافسه الجمهوري محمد أوز المدعوم من الرئيس السابق دونالد ترامب يعطي دفعة للديمقراطيين الساعين للمحافظة على أغلبيتهم بمجلس الشيوخ.

 

ويجري الانتخاب على 35 مقعدا في مجلس الشيوخ وجميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدا.

 

ويسعى كلا الحزبين لتأمين 218 مقعدا في مجلس النواب لضمان الأغلبية، بينما يسعيان للحصول على 51 مقعدا لضمان أغلبية مجلس الشيوخ، علما أنهما يتنافسان أيضا على منصب الحاكم في 36 ولاية.

الأوضاع الداخلية

تأتي انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في سياق محتدم داخليًا وخارجيًا بالنسبة للولايات المتحدة؛ فعلى الصعيد الداخلي تواجه الدولة إشكاليات اقتصادية ومجتمعية عديدة كانت موضع استقطاب سياسي هائل بين الديمقراطيين والجمهوريين.

 

 وبالتزامن مع هذه الإشكاليات تواجه السياسة الخارجية الأمريكية سياقًا دوليًا أكثر تعقيدًا في ظل استمرار الحرب الأوكرانية وحالة الغموض التي باتت تسيطر على مشهد المعركة، إضافة إلى تزايد حدة الصراع مع الصين وخصوصًا في منطقة الهندو-باسيفيك، علاوة على حالة اللا يقين التي تهيمن على علاقات واشنطن بحلفائها التقليديين.

 

وحسب دراسة لمركز " إنترريجونال" للدارسة التحليلية، أنه في هذا الإطار، يبدو أن نتائج انتخابات التجديد النصفي سيكون لها، بشكل أو بآخر، انعكاسات على السياسات الأمريكية داخليًا وخارجيًا؛ خاصة فى حال فوز الجمهوريين بالأغلبية مجلس الشيوخ وعرقلة سياسات الرئيس وتحويله إلى بطة عرجاء. 

 

السياسة الخارجية

 

يمكن تناول أبرز ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، إذا سيطر الجمهوريون على الكونجرس أو كان هناك توازن بين الحزبين؛ وذلك على النحو التالي:

 

1- استمرار السياسة الأمريكية التصعيدية ضد الصين: تمثل العلاقة مع الصين أحد الملفات التي تحظى بإجماع نسبي بين الديمقراطيين والجمهوريين، ومن ثم من المتوقع، إذا سيطر الجمهوريون على الكونجرس أو كان هناك توازن بين الحزبين داخله، استمرار ضغوط واشنطن على بكين في ملف تايوان وعدم تغيير السياسات الأمريكية الداعمة لاستقلالية تايوان. ومن جانب آخر، سوف تستمر المحاولات الأمريكية لتعزيز التمويل المقدم لصناعة أشباه الموصلات في مواجهة بكين، حتى إن الحزبين كانا قد اتفقا في أغسطس 2022 على تمويل قدره 50 مليار دولار لهذا الملف وجذب استثمارات الحلفاء إلى الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على التفوق الغربي على بكين، ومن ثم فإن التصعيد مع الصين أمر مرجح في السياسة الخارجية الأمريكية في المدى المنظور.

 

2- تسارع وتيرة الحروب التجارية لواشنطن: ستلقي نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي بظلالها على وتيرة الحروب التجارية القائمة بين واشنطن وعدد من منافسيها الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم روسيا والصين، وحتى مع حلفائها الأوربيين الذين يرتبطون بمصالح تحالفية استراتيجية على الصعيدين السياسي والعسكري. وفي هذا الإطار، أثار عدد من قادة الاتحاد الأوروبي، في 8 نوفمبر 2022، مخاوف متزايدة بشأن النزعة الحمائية في الولايات المتحدة، في ظل اتهامات أوروبية لواشنطن بتوفير دعم استثنائي للشركات المنتجة على أراضيها؛ الأمر الذي يراه الأوروبيون متعارضًا بشكل كبير مع قواعد التجارة العالمية المتبعة.

 

وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد اتخذ خطوات إضافية مؤخرًا بشأن مكافحة التضخم في الداخل عبر رفع أسعار الفائدة؛ الأمر الذي ألحق أضرارًا اقتصادية بالغة بعدد من بالدول الغنية والفقيرة على السواء؛ فمع قرار الفيدرالي الأمريكي، وصلت قيمة الدولار مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى، مثل الين الياباني، إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، ووصل اليورو الذي تستخدمه 19 دولة في جميع أنحاء أوروبا، إلى تعادل 1 إلى 1 مع الدولار في يونيو للمرة الأولى منذ عام 2002، فيما قامت الصين، التي تسيطر بشدة على عملتها، بتثبيت الرنمينبي عند أدنى مستوى له في عامين، بينما تتخذ خطوات لإدارة انخفاضه.

 

3- احتمالية تراجع الدعم الأمريكي العسكري لأوكرانيا: في حين تشير الكثير من استطلاعات الرأي والتقديرات الغربية إلى ثقة الأوكرانيين باستمرار الدعم الأمريكي العسكري المقدم لبلادهم، الذي يعد الركيزة الأساسية للأداء العسكري لكييف في التعامل مع القوات الروسية، فإن خبراء استراتيجيين لديهم شكوك حول استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا إذا فاز الجمهوريون بانتخابات التجديد النصفي القائمة، لا سيما أن الولايات المتحدة هي أكبر مانح عسكري لأوكرانيا، ولا توجد دولة أخرى يمكنها تعويض نقص الإمدادات الأمريكية المقدمة إليها في الوقت الراهن.

 

الصراع مع الصين

4- تعاطي الجمهوريين بشكل أقل حدةً مع النظام الروسي: نشرت الولايات المتحدة استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي (NSS)، في أكتوبر 2022، التي أكدت استمرار الصين وروسيا باعتبارهما التهديدين الأكبر على الأمن القومي الأمريكي، على التوالي، لكن الحدة العدائية تجاه روسيا ربما يطالها تغيير محتمل في حال فوز الجمهوريين بانتخابات الكونجرس، لا سيما أن الخط العام للجمهوريين أقل حدة في العداء مع روسيا وربما أكثر تشددًا فيما يتعلق بالعداء مع الصين.

 

5- دعم جمهوري للعمل على توسيع حلف الناتو: هناك محاولات للتعاون بين الجمهوريين والديمقراطيين من أجل دعم حلف الناتو، وهو مسعى سوف يستمر حتى في حال سيطرة الجمهوريين على الكونجرس عقب انتخابات التجديد النصفي؛ ففي منتصف العام الجاري، قدم زعماء من الحزبين قرارًا يدعم مساعي السويد وفنلندا للانضمام إلى الحلف، وهو مسعى يتناقض مع وجود أصوات جمهورية تؤكد النزعة القومية بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، بيد أن تطورات الحرب الأوكرانية قد عززت ضرورة دعم الجمهوريين لتقوية الحلف في المرحلة المقبلة.

الشرق الأوسط

6- عدم إحداث تغيُرات جوهرية إزاء الشرق الأوسط: لم تعد مواقف الحزبين متباعدة بشكل جذري حول ملفات الشرق الأوسط، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تخلِّي الإدارة الديمقراطية بشكل كبير عن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، خاصةً في ظل انتقادات الحزبين تعامل النظام مع الاحتجاجات في إيران، وكذلك تقديم طهران دعمًا عسكريًا لروسيا في حربها مع أوكرانيا، وهي تطورات من المرجح أن تجعل العودة إلى الاتفاق النووي أقل احتمالًا. 

 

من جانب آخر يشترك كلا الحزبين في دعم واسع لإسرائيل ودعم اتفاقيات السلام في المنطقة، وهو مسعى من المرجح أن يستمر في قلب السياسة الخارجية الأمريكية في المديين المنظور والمتوسط، ربما المتغير هو محاولة التقارب مع مصر والسعودية بالشكل التقليدي، بعدما توترت علاقات البيت الأبيض مع القاهرة والرياض وتمر من وقت لاخر بحالة عدم اتزان.

أخير المستقبل السياسي للرئيس جو بايدن، وفرصه في الحصول على ولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024؛ لأن الجمهوريين، في حال تحقيقهم فوزًا مريحًا في الانتخابات، سيمثلون عاملًا ضاغطًا على إدارة الديقمراطيين، وقد يعرقلون سياساته المقترحة، وخصوصًا السياسات الداخلية، علاوة على ذلك، فإن هذا السيناريو يعني ترجيح إعادة الدفع بالرئيس السابق ترامب إلى المشهد بصورة أكبر وتعزيز فرصه في الانتخابات الرئاسية المقبلة فى ظل عدم ظهور اسما بارزا حتى الأن.

 

Advertisements
الجريدة الرسمية