رئيس التحرير
عصام كامل

التصالح بشق الأنفس

قانون التصالح على مخالفات البناء يواجه مشكلة على أرض الواقع،  هي وجود 2 مليون و800 ألف ملف تصالح، ولم يتم التصالح إلا على 100 ألف ملف خلال أكثر من ثلاث سنوات، وهذه النسبة تعني أننا نتكلم عن تطبيق فاشل للقانون، وهناك مشكلة لدى الموظفين الذين يرتبط عملهم بنطاق القانون، ما يؤدي إلى الحيلولة دون تطبيقه بالشكل اللازم. وكانت هناك الكثير من المقترحات خلال مناقشة لائحة القانون، إلا أنه لم يؤخذ بها بسبب رأي الأغلبية. 

 

ثم عادت الحكومة لتعديل العوار وأيضا لم تأخذ برأي ضرورة علاج الثغرات التي ظهرت عند التنفيذ، والآن تعود الحكومة للتعديل، ومعني ذلك أن لدينا أزمة في صناعة التشريع وخذ مثالا في ترك التعديات على الأراضي الزراعية مما يعتبر عقابا للملتزمين بالقانون ومكافأة للمخالفين للقانون، وإذا كانت الدولة ستقدم تسهيلات وحوافز ومكافآت للمتعدين على الأراضي الزراعية بالتصالح معهم فماذا ستقدم الدولة لجيران المتعدين الذين التزموا بالقانون ولم يتعدوا على الأراضي الزراعية؟ وليس ذنبهم تحويل المنطقة التى بها أرضهم إلى بؤر عشوائية غير مخططة، فكيف يتم التصالح مع المتعدى وحرمان جاره الملتزم بالقانون من البناء؟!

التصالح في مخالفات البناء


والحل في نظرة لقانون التصالح في المخالفات وحل المشكلة من جذورها وهي الإحلال والتجديد خارج الحيز بعد التصالح لغلق هذا الملف العقيم والاتجاه نحو البناء القانوني ورغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها الأجهزة الحكومية في ملف تحديد الأحوزة العمرانية إلا أن ذلك الملف ربما يستغرق 5 سنوات. ولهذا يجب الفصل بين التصالح وانتظار الحيز العمرانى، لأن هدف قانون التصالح هو التيسير على المواطنين، ولكن القانون بوضعه الحالى ليس للتصالح ولكن للخصومة مع المواطنين..

 

وقد نجد أنفسنا في نهاية المطاف بأن القانون لم يحقق الآمال المرجوة بسبب افتقاده لعناصر في غاية الأهمية تتمثل في إنحسار الفترة الزمنية لتطبيقه في بضعة أشهر لا تكفى على الإطلاق لعلاج تراكمات السنين وفساد الجهاز الإدارى، مما يستدعى ضرورة تحمل المشرع مسئوليته بشجاعة وإعادة النظر في مراجعة وتعديل هذا القانون الاستثنائى، بما يحقق المكتسبات المرجوة منه من حيث العائد الاقتصادى وحماية الثروة العقارية والحفاظ على طبيعة المجتمع العمراني الحضري والمحلى.

 

فضلًا عن ضرورة تحلى الحكومة بالقدر المناسب من المسئولية الاجتماعية بإعادة النظر في تحديد مقابل التصالح بإعتبار أن الكرة أصبحت الآن في ملعبها بعد إفساح المجال لها من قبل المشرع بتحديد الحد الأدنى للتصالح بقيمة خمسين جنيها، فالمواطن لم يعد قادرا على مواجهة أعبائه الحياتية. فمنذ بدء الإعلان عن تطبيق قانون التصالح، ظل الأمر غامضا، بل إن بعض موظفى المحليات والإدارات الهندسية لعبوا دورا فى  استمرار الغموض، بل إن بعضهم تعمد تضليل المواطنين، وعندما تقدم المواطنون للتصالح أخبروهم أن التفاصيل غير واضحة وتعمدوا التسويف والتعطيل. 

 

وعندما اقتربت المهلة من نهايتها وبدأ المواطنون يسارعون إلى التصالح، تعمد نفس الفريق المبالغة وإثارة مخاوف الناس ورعبهم من مبالغ التصالح الضخمة، وهو ما كاد يؤدى إلى صدام لولا مسارعة الدولة بالخروج وإعلان التفاصيل. وسد الثغرات بتعديلات في القانون.

 


ويجب أن يخضع القانون ويدخل تحت أحكامه كلًا من صاحب العقار مرتكب المخالفة ومشترى الوحدة التى جرت فيها المخالفة، وكذلك المقاول المنفذ ومهندس الجهة الادارية ويكونون مخاطبين بسداد قيمة التصالح متضامنين فيما بينهم؛ حيث إنه من باب العدالة يجب أن يشتركوا جميعا فى سداد قيمة الغرامة، لأنهم مشتركون فى وقوعها وذلك حتى لا يفلت أحد من العقاب والمسئولية.

الجريدة الرسمية